أخيرة

دبوس

ثورة الدم على السيف

يقول ڤاليري جيسكار ديستان لأحد الصحافيين الذي سأله عن سبب كذبه الفاضح في إحدى المناظرات ضدّ فرنسوا ميتران في خضمّ الانتخابات الرئاسية الفرنسية، يقول، حينما يكتشف الناس انّ الذي قلته كان كذباً في تلك المناظرة، سأكون أنا قد أصبحت في قصر الاليزيه، هذه هي فلسفة هذا الإنسان القابع في الغرب، وفي شمال الغرب، وبالتأكيد الصهيوني المتحالف معه، فالغاية تبرّر الوسيلة، ليس مهماً ان أكون شجاعاً، المهمّ ان أبدو شجاعاً، وليس مهماً ان أكون دمثاً، المهم ان أبدو دمثاً، وليس مهماً ان أكون أخلاقياً، المهم ان أبدو أخلاقياً!
شرّ مطلق، يطلقون الكذبة، فتنتشر هذه الكذبة عبر الأثير الى مئات الملايين من العقول التي أريدَ لها أن تكون عقولاً ضحلةً شعبوية لا تتعب ذاتها في استقصاء الحقيقة، بل تتلقى اللغط وتسلّم به من دون ممانعة، بعد ذلك يطلق التكذيب، فلا يسمع به أحد إلا من رحم ربي، فيستشري الهراء والتضليل في العقول، ويصبح الضلال والدجل والفبركات هو الحقيقة، وتصبح الحقيقة في غياهب النسيان، بدون ايّ دليل وبلا ايّ رديف تحقيقي، يخرج علينا رئيس أكبر وأقوى دولة في العالم، ويطلق العنان لأكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان، فتتدفق الكلمات المفعَمة بالضلال وبالافتراءات عبر الأثير الى مئات الملايين على سطح هذه البسيطة، وحينما يصدر التكذيب والتملّص من هذه الأكاذيب، لا يسمع بذلك أحد.
هل ينتهي الأمر هنا؟ بالتأكيد لا، فيد الله فوق يد الجميع، والحقيقة هي أحقّ بأن تحق، والباطل هو أوْلى بأن يزهق، والدليل على ذلك هو هذه الجماهير المليونية التي تتدفق في شوارع كلّ مدن العالم، وتصرخ بأعلى عقيرتها، ارفعوا أيديكم عن غزة أيها القتلة، توقفوا أيها الفاشيون عن مظالمكم وعن جرائمكم، الحرية لغزة، الحرية لفلسطين، فيُذهل المجرمون وتنعقد ألسنتهم، وتتبدّى الحقيقة كالشمس في رابعة النهار، ان الظلم والظالمين الى زوال، وان الحق والمظلومين الى انتصار…
أرواحنا وقلوبنا ومهجنا متعلقة تشرئب نحو أطفال غزة، ونساء غزة، وشيوخ غزة، والله اننا نذرف الدمع دماً في كلّ دقيقة وفي كلّ ساعة، ومع كلّ غارة تشنّ على فلذات أكبادنا في غزة، والله أننا ينقذف الدم من قلوبنا ومن أفئدتنا كلما سمعنا صوت مقذوفات الموت والدمار تحطّ على البيوت وعلى المساكن التي ينزوي في أركانها الأطفال والنساء طلباً للنجاة، وما ان تنجلي هجمة الشيطان حتى تكون الأشلاء متناثرة هنا وهناك، ونشعر نحن هنا في أقطار الله البعيدة بأنّ أشلاءنا وبقايانا تناثرت مع أشلائكم وبقاياكم أيها الاحبة.
لكم الله يا أطفالنا، ويا فلذات الأكباد، ولنا الله ان يفرغ علينا صبراً قبل ان تتفجر دماؤنا في العروق، هي الثورة، ثورة دمائكم يا أغلى بني البشر على سيف المجرمين، وعلى ظلم الظالمين، انها أيام حسينية من العيار الثقيل، فهيهات منا الذلة، يأبى الله ورسوله والمؤمنون، ولن ينبلج بعدها وقريباً إلا النصر والخلاص والشموخ، فلا نامت أعين الجبناء…
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى