مقالات وآراء

عين الأسد والاستهداف المباشر… أيّ دلالات؟

‭}‬ رنا العفيف
أصل المشهد في المعركة الحالية بكلّ المقاييس وعلى كافة المستويات التي تحمل عنواناً أساسياً للجميع «الاستنفار»، يكشف حقيقة المرحلة الأولى للحرب، فماذا عن تكرار استهداف القواعد العسكرية الأميركية داخل العراق بالتوازي مع ما جرى في التنف؟ وأيّ رسائل نارية يحمل مسار تطور الأمور في وحدة الساحات؟
عندما يستهدف حلفاء المقاومة الفلسطينية في العراق القواعد الأميركية، مقابل ما يجري في لبنان من تسخين الجبهات، وسط المأزق الاسرائيلي وما تعانيه من فوضى، يؤكد على تكامل المحور في كلّ الميادين والجبهات، إضافة للتنسيق العالي في موقع المواجهة، انطلاقاً من معركة طوفان الأقصى، وصولاً لاستهداف تلك القواعد العسكرية الأميركية في الأنبار العراقية، وقد تبنّت الهجوم المقاومة الإسلامية في العراق بعد سلسلة هجمات شملت قواعد هناك، وكذلك في سورية، أيضاً جاء هذا الإستهداف بالتزامن مع تحذير واضح كان قد وجهه وزير الخارجية الإيراني د. حسين أمير عبد اللهيان لواشنطن وتل أبيب قائلاً:
إذا لم تتوقف «إسرائيل» عن إبادتها الجماعية في غزة، فإنّ المنطقة يمكن أن تخرج عن السيطرة في أيّ لحظة، وشدّد على أنّ برميل بارود وأيّ خطأ آخر يمكن أن يفجر المنطقة، هذه السردية السياسية التي تحمل إشارات في التصعيد هنا وهناك، في مقابل ما نشهده من تحركات أو ضربات واستهداف في العراق، يمثل جوهر المعركة الحقيقية التي يخوضها محور كامل ومتكامل بكلّ ضراوة ضمن سياق معركة طوفان الأقصى والذي حصل فيها حدث جلل وتاريخي لهزيمة واشنطن وربيبتها «إسرائيل» وكلّ من يؤيدهم، وبالتالي ليست المرة الأولى التي يتمّ فيها استهداف القواعد العسكرية في العراق، إذ نتحدث عن معضلة هامة في جزئية المعركة الحالية بعد غزة وتدحرج الأمور في الجبهة اللبنانية والجنوب اللبناني، وما يحدث في العراق هو استكمال واستمرار لما حدث سابقاً منذ اليوم الأول من 7 أكتوبر/ تشرين الأول الذي يمثل انتصاراً يتجلى في الأهداف المشروعة بالنسبة للمقاومة العراقية وللشعب العراقي هذا من جانب.
أما المسألة الثانية تتجسد في ترسيخ فصائل المقاومة ومحور المقاومة في صورة الهدف المرسوم في الخارطة العسكرية التي تستحوذ على نقاط تكتيكية في العلوم العسكرية بتبنّي سياسة استراتيجية تجاه قوات الاحتلال الأميركي الموجودة في العراق وسورية، مع تمرير رسائل نارية لكلّ أدوات أميركا و»إسرائيل» في المنطقة، وتحديداً التي تصل بصورة مباشرة للأميركي على أنّ القواعد العسكرية الأميركية ومصالحها في عين مرمى الهدف ومن الأولويات المقاومة، وهذا يُعبّر عن موقف العراق حكومة وشعب تجاه قضية فلسطين وشعبها، أيّ رسائل واضحة وصريحة باتجاه ما يحدث داخل فلسطين، وبالتالي نتيجة هذا الضغط بالتوازي مع الرسائل، تراجعت الولايات المتحدة وطلبت من كافة عملائها داخل الأراضي العراقية المغادرة وعدم استخدام مطار بغداد…
لذا يمكن القول إنّ محور المقاومة بأكمله يمثل اليوم حقبة تشبيك عسكري ربما واسع النطاق ضمن سلسلة عسكرية مضبوطة بالإيقاع، متمثل بجوهر الثقة الذي يمتمع به بصورة صريحة تستجدي كلّ زمام المبادرة الذي يتطلب منه جهوزية بأعلى الدرجات لهذه الحرب وأن يبقى مستمراً ومسيطراً مع قبض اليد على مفاتيح النصر وتعاليله أمام الرأي العام لما فيه من أهمية عظمى تكشف كلّ الزيف والإدعاءات الاسرائيلية والأميركية الساقطة من البوابة الإنسانية والأخلاقية، لهذا نستطيع أن نؤكد بأنّ ما يحصل على الجبهة العراقية بين المقاومة وما بين قوات الاحتلال الأميركي والكيان في فلسطين المحتلة ليست مجرد مناوشات عابرة، وإنما نقطة تلاقي استراتيجية لها مفاهيم خاصة بالتكتيك العسكري له ارتباط وثيق بتطور مسار الصراع وما يجري في قطاع غزة وباقي أطراف محور المقاومة التي تتحكم بعناصر الرسائل والأداء، كما تتحكم بعوامل الطبيعة الجغرافية لهذا الصراع المفتوح ربما .

واضح أنّ أطراف محور المقاومة في صلب هذه المعركة وليس كما يحلل البعض على أنّ مجريات ومعطيات استهداف القواعد العسكرية في الأنبار العراقية هي مناوشات، لأنّ التطورات الحاصلة والمستجدة وسط ما أفاد به وزير الدفاع الأميركي على أنّ الولايات المتحدة ستتحرك عسكرياً إذا توسع الصراع في الشرق الأوسط، يعني بذلك أنّ هناك تحولاً كبيراً في المعركة الحالية مع الغرب برمته، وكذا عندما تقوم الولايات المتحدة بحشد الأساطيل وتأتي إلى المنطقة تحت شعار منع المقاومة من الردع «الإسرائيلي» عن القيام بارتكاب مجازر واسعة النطاق في غزة لغاية في نفسها تتمحور حول تهجير غزة وإفراغها لكي تلحق نكبة جديدة بالشعب الفلسطيني وطبعاً هذا مرفوض، بالتوازي مع زيارة بايدن الذي شارك في مجلس الحرب مع عدة قادة غربيين، هم في الحقيقة التقوا لينقذوا ما تبقى بعد الانهيار الاسرائيلي، ولتمنع أيّ تدخل من أيّ طرف إقليمي في هذه المعركة الحاصلة التي ستنتج انهيار ركيزة «إسرائيل»، وكلّ هذا الاستباق العسكري الصهيو أميركي يُقرأ في مفهوم العلوم العسكرية على أننا دخلنا في المرحلة الأولى من الحرب استناداً للحشد العسكري الأميركي، وفي هذه الحال سنشهد تصعيداً ساخناً ولن تبقى الحرب محصورة في جنوب لبنان أو فلسطين وإنما ستتمدّد إلى صراع إقليمي غير مسبوق بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية…
يُضاف نقطة لافتة وهي عدم ظهور سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حتى الآن، الأمر الذي يُعتبر جزءاً من المعركة العسكرية والنفسية التي لها مآلات استراتيجية في الذكاء العسكري الذي يُدار بتقنية عالية محكمة الإغلاق في سياق معركة طوفان الأقصى…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى