أولى

جيش الاحتلال يغرق في رمال غزة فينتقم من المدنيين في جباليا…

حسن حردان

بدأ جيش الاحتلال هجومه البري في غزة من عدة محاور مستهدفاً عزل شمال غزة عن جنوبها، حيث تقدّمت دباباته وآلياته في داخل غزة تحت غطاء من الطيران…
لكن بعد ساعات على توغل قوات الاحتلال في مناطق مفتوحة او قليلة الكثافة السكنية، علقت في رمال ووحول غزة، حيث تعرّضت لهجمات المقاومين الذين استخدموا الصواريخ المضادة للدروع والعبوات الناسفة لتدمير الدبابات من مسافة صفر مما أدّى إيقاع خسائر فادحة في صفوف جنود العدو وتدمير عشرات الآليات والدبابات، حيث تحدث الناطق العسكري باسم كتائب القسام عن تدمير 22 آلية عسكرية حتى تاريخ إذاعة البيان، ومقتل وإصابة عشرات الجنود الصهاينة…
هذه النتائج العسكرية للهجوم البري في يومه الأول، أجبر وزير الحرب الصهيوني يواف غالانت على مخاطبة الإسرائيليين بالقول إنّ جيشه يحقق إنجازات كبيرة لكنه يدفع ثمناً باهظاً… مما فسّر من قبل الخبراء العسكريين على أنه محاولة لتبرير الخسائر التي تكبّدها جنوده، وتهيئة الرأي العام لتجرّعها وتحمّل المزيد من الكلف الباهظة، في محاولة يائسة لتحقيق إنجاز عسكري يحلم به مع رئيس حكومته بنيامين نتنياهو للظهور بصورة نصر يعيد بعضاً من الهيبة لصورة الجيش الذي هشمتها المقاومة خلال هجومها في غلاف غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول… ويمكنهما من تجنب المحاسبة المنتظرة بالمسؤولية عن الفشل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول.
غير أنّ قادة العدو لم يتحمّلوا الأنباء الواردة من الميدان والتي أشارت إلى حجم الخسائر الكبير التي مُنيَ بها جيشهم، فأقدموا على إعطاء الأمر لطيرانهم بالانتقام من المدنيين، وارتكاب مجزرة جديدة مروعة ذهب ضحيتها مئات الأطفال والنساء والشيوخ في مخيم جباليا… هذا النهج الإجرامي المنظم الذي يقوم به جيش الاحتلال وقادته بحق أهالي قطاع غزة العزل، إنما يأتي نتيجة عجزه وفشله في إضعاف المقاومة وقدراتها أو كسر إرادتها.. وهو ما يظهر للمرة المليون الصورة الحقيقية لكيان الاحتلال وجيشه، القائمة، منذ نشأته، على الإرهاب والقتل والتنكيل بالشعب الفلسطيني لإجباره على الرحيل عن أرضه وسلبه إياها.. لكن ما حصل قبل 75 عاماً من نكبة فلسطينية، لم يعد بالإمكان تكرارها لثلاثة أسباب:
السبب الأول، لأنّ الشعب الفلسطيني أدرك مخططات العدو، وقرّر الثبات والصمود في أرضه وعدم مغادرتها حتى ولو استشهد في سبيل الدفاع عنها والعودة إليها، وما يسطره أهل غزة هذه الأيام من صمود أسطوري رغم المجازر الرهيبة يؤكد هذه الحقيقة.
السبب الثاني، لأنّ الشعب الفلسطيني بات لديه مقاومة صلبة وقوية وغير مساومة، تعلّمت من دروس الماضي وتجاربها في مواجهة الاحتلال، ومن خبرات المقاومة الظافرة في لبنان.. واستعدّت وتجهّزت وبنت القدرات على خوض القتال الطويل النفس ضدّ جيش الاحتلال وآلته العسكرية المتطورة…
السبب الثالث، لأنّ الشعب الفلسطيني ومقاومته، باتوا يستندون أيضاً إلى محور للمقاومة في المنطقة يقف إلى جانبهم قولاً وفعلاً، وهو ما تترجمه:
1 ـ المقاومة في لبنان عبر انخراطها العملي في المعركة ضدّ جيش الاحتلال على طول جبهة جنوب لبنان مع فلسطين المحتلة.. وقدّمت عشرات الشهداء، وأوقعت خسائر كبير في صفوف جنود العدو ومعداته العسكرية.. قدرتها المقاومة حتى تاريخه بمقتل وجرح 120 جندياً وتدمير 9 دبابات.. ومعدات وتجهيزات العدو من رادارات وأجهزة إلكترونية وكاميرات مراقبة، إلى جانب إجبار العدو على إخلاء 65 ألف مستوطن من مستوطناته القريبة من الحدود إلى العمق…
2 ـ المقاومة في اليمن ممثلة بحركة أنصار الله، عبر إعلانها الرسمي أمس عن إطلاق الصواريخ والمُسيّرات نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة للمرة الثالثة، وأنها ستواصل مشاركتها في المعركة ضدّ الاحتلال الصهيوني، دعماً لمقاومة الشعب الفلسطيني…
3 ـ فصائل المقاومة العراقية، عبر إقدامها على شن الهجمات ضدّ القواعد الأميركية في العراق وشرق سورية، وإيقاع إصابات مباشرة في صفوف القوات الأميركية، رداً على مشاركة واشنطن في دعم وقيادة العدوان ضدّ الشعب الفلسطيني في غزة.
من هنا فإنّ جيش الاحتلال يواجه مأزقاً كبيراً في محاولاته تحقيق أهداف عدوانه على قطاع غزة، فلا مجازره نجحت في دفع الشعب الفلسطيني إلى الهجرة والتخلي عن التمسك بمقاومته واحتضانها، ولا هو نجح في إضعاف قدرات المقاومة القتالية، او وقف صواريخها في الانطلاق على مدن الاحتلال في جنوب فلسطين المحتلة وتل أبيب، ولا تمكن من استعادة زمام المبادرة منها، ولهذا نجد جيش العدو يغرق في رمال غزة، وكمائن المقاومة التي أوقعت به الخسائر الجسيمة، كما وعدته.
وبالتالي بات السؤال الرهان، هل تكون مجزرة جباليا، وما ستثيره من تصاعد في الإدانات الدولية ضدّ الجرائم الصهيونية وازدياد الضغوط لوقف العدوان وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني، بداية لتبرير التراجع الصهيوني، للخروج من مأزق تورّطه وغرقه في رمال غزة؟ هذا ما ستجيب عليه الساعات المقبلة…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى