دبوس

الرضوان…

الذي يثير الكثير من السخرية إزاء ما يطرحه هذا العدو المارق من إنذارات وشروط وتهديدات، هو أنه لا يحقق أيّ انتصار على الأرض منذ شهرين ونصف الشهر، وواقع الحال يؤشر الى أنه تلقّى ضربات أكثر بكثير مما وجه من ضربات، وأنه أوقع نفسه في مأزق استراتيجي، قد يتحوّل قريباً الى كارثة استراتيجية، تفضي الى تهديد وجودي، فكيف يتسنّى له، وهو في هذا الوضع الاستنزافي المأساوي توجيه المطالبات والاشتراطات والتلويحات وتحديد المواقيت…
لا أجد تفسيراً لهذا سوى أنه، ايّ العدو، يطبّق توصيات فيلسوف الحرب الصيني «صن تزو» والتي صاغها في كتابه «فن الحرب» حينما قال، إذا كنت ضعيفاً، فعليك ان تتظاهر بالقوة، وإذا كنت قوياً، فعليك ان تتظاهر بالضعف، العدو يمر بمرحلة تتهاوى فيها كلّ منظوماته، لقد أطاح «طوفان الأقصى» بكلّ بنائه الهش، فأخذ يتداعى، وهو يمارس الآن التظاهر بالقوة والتماسك في محاولة منه لتغطية حالة الانهيار التي تلفّه…
يطالب في إحدى تجلّياته المغرقة في حماقتها بأن تتقهقر قوات الرضوان الى ما وراء نهر الليطاني، لكأنّي بقوّات الرضوان مجاميع تصطفّ على الحدود بائنة ظاهرة تمارس الحشد والمناورة، وتحرك قطعاتها وآلياتها أمام العيان، قوات الرضوان أيها العدو البائس لن يُتاح لك أن تراها بالعين المجرّدة، ولكنك سيهبط قلبك الى ما بين فخذيك، وسيعتصر الرعب رئتيك فيمتنع عنك الشهيق والزفير وتشعر بالاختناق وبتداعيات الموت حينما يصل الى وعيك أنّ نهاريا غدت في قبضة الرضوان، وانّ عشرات آلاف قطعان المستوطنين هم في حوزته، وأنّ الأمر مرجعه إليه إذا قرّر ان يتدفق جنوباً أكثر من ذلك…
ستبدي لنا الأيام ما كان خافياً، وستظهر مدى الهشاشة التي تصبغ وجود هذا الكيان، الذي أقيم بالترقيع وبلملمة النتف من هنا ومن هناك، لاصطناع مخلوق غير قابل للحياة، وغير قابل للانسجام والتأقلم مع الشعوب والمجتمعات الطبيعية المجبولة على الفطرة الانسانية…
سميح التايه