مقالات وآراء

صمود المقاومة يعزز خيبة الاحتلال…

‭}‬ رنا العفيف
فشل «إسرائيلي» على كافة المستويات، الأمنية والعسكرية والسياسية والاستخبارية والإعلامية وحتى الافتراضية، حيال واقع العمليات العسكرية للمقاومة رداً على العدوان «الإسرائيلي» على غزة، هل دخلنا مرحلة الاعتراف «الإسرائيلي» في فشل الأهداف المعلنة في غزة؟ أم سيكون هناك مرحلة جديدة، وكيف ستكون…؟
مستمرة هي جبهات المساندة نصرةً لغزة في يومها الـ 78 من خلال استكمال العمليات العسكرية في التصعيد من هنا وهناك، أيّ على مستوى الجبهات سواء كان في البحر من جهة اليمن أو من جهة لبنان والعراق في ظلّ المواجهة، وصمود المقاومة يرتفع سقفه بالتمسك بشروط وقف إطلاق النار، بالتوازي مع جرّ أذيال الخيبة على مجمل معنويات جيش الاحتلال الذي يقتل أسراه، الأمر الذي أدّى إلى تشظي الوضع العسكري للكيان «الإسرائيلي» على مستوى القادة ممن يطالبون بمراجعة أهداف العدوان بعد الفشل في تحقيقها، كما أنّ هناك قائمة بأسماء المسؤولين في تل ابيب إذ يتحدثون حول الفشل الذريع الذي ألمّ بالمؤسسات الشاملة وأبرز تلك الأسماء إيهود أولمرت الذي وجه انتقادات لاذعة تداولتها وسائل إعلام «إسرائيلية» على نطاق واسع، إضافة لبعض الشخصيات المصنّفة من ذوي الخبرة العسكرية في النظام السياسي لهذا الكيان في داخل مجلس الحرب، ولكن هل تعترف واشنطن و»إسرائيل» بفشلهما؟
على الرغم من التحذيرات الأميركية و»الإسرائيلية» الشديدة اللهجة منذ اليوم الأول من معركة طوفان الأقصى ليومنا هذا، كان واضحاً ولافتاً الفشل الذريع لكليْهما، من خلال وجهة النظر العسكرية التي دخلت بها «إسرائيل»، وهي مفاجئة بشكل كبير من حيث حجم التوحش والهمجية، وأنّ أيّ عملية برية في قطاع غزة فسيكون مصيرها الفشل، وهذا التساقط التكتيكي متوقع والمقاومة نفسها تتحدث عن ذلك بكلّ ثقة وتأكيد على عزم الثبات والإصرار باستمرار عملياتها البطولية ما لم يتوقف العدوان الساقط على غزة، فالحقائق أقوى من التمني والأحلام والطموح الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة بين قوسين الشر المطلق التي تسعى إليه بشتى الوسائل والإمكانات،
ولكن الميدان قال كلمته في كلّ خطوة اتخذتها المقاومة على عاتق المسؤولية أمام جبروت «إسرائيل»، وهي تتمتع بفنون القتال وتعطي نموذجاً عن المقاتل والمقاوم الفلسطيني بشكل أسطوري،
هذا الصمود خلف إنجازاً كبيراً وحكاية انتصار عزز من خيبة الاحتلال في كلّ المراحل الاستراتيجية والعسكرية حتى أدّى إلى تصدّع كبير في فشل تحقيق أهداف الكيان بالرغم من تعقيد الموقف السياسي بالمجمل في الداخل الإسرائيلي والجميع بات يعلم ما يحصل من أزمات وانقسامات غير المسبوقة.
التأكيد على ذلك يأتي من خلال تماهي وتمرّد وتفكك جميع المؤسسات السياسية والعسكرية في داخل هذا الكيان وهو غير قادر على اتخاذ أيّ قرار من أجل الوصول إلى أهدافه وهو حتماً عاجز حتى عن تحقيق صورة إنجاز وهمية له، وبالتالي حقيقة تل أبيب ومن يقف خلفها واضحة في معيار الثقل السياسي والعسكري والإنساني الذي كشف حقيقة الحضارة الغربية الزائفة، لذلك يمكن القول بجدارة بأنّ الكيان الصهيوني مهزوم في الميدان ويدرك ذلك جيداً لذلك هو يحاول أمام كلّ فشل أن يصعّد عسكرياً نظراً لصعوبة الاعتراف بالهزيمة الملحقة، ولأنه ليس قادراً على كسر المقاومة ولا على كسر إرادة الشعب الفلسطيني الفذ، لذلك نرى تواتر ساخن يترجم في خضم حقّ الانتقام لواشنطن وحلفائها الاستخباريين الذين لم يجدِ نفعاً في التحقق ولا يبدو كذلك ويستحيل هذا الأمر لأسباب جيوسياسية وعسكرية،

وبالتالي كلّ ما هناك من تصريحات تأتي من شخصيات اعتيادية، أيّ تحمل بنية الكيان تشكل عامل ضغط في الجسم السياسي أو للقرار الرسمي لطالما يتعامل معه مجتمع المستوطنين «الإسرائيلي» على أنه رسمي، واللافت في هذا الموضوع هو أنّ أركان الإدارة الأميركية عندما رأت الذين يجلسون إلى جانبها في غرفة عمليات الحرب، أدركت تل أبيب أنّ هوس السماح لهم لا محدود في الحرب الدموية هذه، بمعنى أنّ جيش الاحتلال يمتلك حظوظ عسكرية واستخبارية ودبلوماسية تساعده في إنشاء تحقيق انتصار ما في مكان ما وجدولته في قطاع غزة وربما في المنطقة لأنّ الأهداف الأميركية في الاستيطان والاحتلال توسعية لا سقف لها المطلق، وهي لا تختلف عن أهداف الأخيرة لذلك الفارق كبير بين من يقاتل بقوة وصمود من أجل استرداد الحق والأرض، وبين من يقاتل من أجل العربدة ونهب الشعوب والاحتلال والإستيطان.
واقع الميدان ترجم بالحقائق الموضوعية والمفتاحية والإنشائية كلّ سردية التخطيط والتشبيك والإنجازات في مواجهة الصدّ في هوس السياسية «الإسرائيلية»، وخير دليل على ذلك هو انسحاب لواء غولاني انسحاب تكتيكي في سياق المواجهة المحتدمة، الأمر الذي يستوضح كلّ التدابير والخطط الأميركية التي تقف خلف العدوان الإسرائيلي على غزة، للبحث عن مخرج سياسي تحفظ ماء وجهها في خسارتها التي منيت بها في المنطقة، والأمر الذي يستوضح ذلك هو ما تقوم به من إبرام صيغة اتفاق جديدة وجاري العمل عليه في مسار الهدنة بعد أن حثت على ما ينتظرها من المقاومة الفلسطينية على مستوى المفاجآت التي لم ولن يتوقعها في التصميم والآداء، لذلك تبحث واشنطن عن مسألة مساعي حول الصيغة تخصّ الهدنة كما تريد هي وليس كما تريد «إسرائيل» وبملء إرادتها، لنرى بذلك مزيداً من التساقط التكتيكي في كلّ مرة من الهدن المعلنة والغير معلن عنها، في مقابل إمساك المقاومة الفلسطينية بزمام المعركة وإدارتها عبر نهجها العسكري والسياسي في المواقف الثابتة والمستمرة وربما ندخل مرحلة جديدة قد تكون مختلفة عن المراحل الأولى ضمن إطار تمرير مشروع قرار لوقف الحرب ولكن بشروط المقاومة قولاً واحداً لا رجعة فيه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى