ذاكرة مشرقة لنضال المرأة في نصرة القضية الفلسطينية
سارة طالب السهيل
كثيرات من النساء الأحرار في العالم من اللواتي تبنّينَ نصرة القضية الفلسطينية وناضلنَ من أجلها من مختلف بلدان العالم، إيماناً منهنّ بعدالة هذه القضية وحق الإنسان بالعيش في وطنه عزيزاً مكرماً.
تتصدّر هؤلاء المناضلات الأردنية تيريزا هلسا، المسؤولة عن ملف جرحى الثورة في منظمة التحرير الفلسطينية، والفدائية التي ارتبط اسمها بعملية اللد التي اختطفت فيها الطائرة الإسرائيلية «سابينا» في 8 مايو/ أيار 1972، لمقايضة ركابها مع أسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال الاسرائيلي وقتئذٍ، والتي انتهت بمداهمة الطائرة، وقتل واعتقال الخاطفين، وإطلاق هلسا النار على قائد قوة مهاجمة الطائرة وقتئذٍ بنيامين نتنياهو وإقدام جندي إسرائيلي على طعن هلسا في كتفها، وهي مقبوض عليها.
وقبيل بلوغها عمر العشرين، انتمت الى مجموعة فلسطينية مسلحة، وهربت إلى الضفة الغربية، ومنها إلى لبنان لتتلقى تدريباً عسكرياً.
وأعتقلت هلسا بعد قيام مجموعة كوماندوز «إسرائيلية»، كان من بين أفرادها ايهود باراك وبنيامين نتنياهو، بمهاجمة الطائرة متنكّرين بملابس أفراد من الصليب الأحمر، بعد أن وافق المختطفون على تزويد الهيئة الدولية الإغاثية الطائرة بالوقود والطعام، وقتلوا زميليها علي طه أبو سنينة، وعبد العزيز زكريا الأطرش، بينما اشتبكت هلسا معهم حتى تمّ أسرها، وزميلتها ريما عيسى طنيوس، وقضت هلسا 10 سنوات من محكوميتها في السجن، ثم أُفرج عنها في عملية تبادل أسرى عام 1984. لتستقرّ في الأردن، وتتولى ملف رعاية الجرحى في منظمة التحرير الفلسطينية.
ويأخذ نضال المرأة الفلسطينية أشكالاً عديدة وأدواراً مختلفة فتارة تجاهد المرأة بالحفاظ على الهوية العربية من خلال الحفاظ على الزيّ الشعبي الفلسطيني ليستمرّ توارثه عبر الأجيال في مواجهة السعي الدائم للاحتلال لطمس هذه الهوية، وتارة تقاوم بنقل اللهجة والطعام والأغاني والأمثال الشعبية، وتارة ثالثة المقاومة بالحفاظ على التراث الفني الفلسطيني مثل تأسيس الفرق الفنية للدبكة والمساهمة في انتشار الأغاني الفلسطينية.
المرأة الفلسطينية تحمّلت عبء الدفاع عن الوطن ومقاومة المحتلّ منذ وعد بلفور، فجمعت التبرعات لشراء الأراضي وباعت ذهبها لشراء السلاح والذخيرة ومشاركة الرجال في حمل السلاح ونقله.
شاركت المرأة الفلسطينية في ثورة البراق عام 1929، وكانت ثورةً مسلحةً، وحملت السلاح عام 1935، وشكلت منظمة «زهرة الأقحوان» النسائية.
من أبرز رموزهنّ النضالية حلوة جقمان لعبت دوراً كبيراً في تأسيس الاتحاد النسائي العربي العام في بيت لحم، أواخر عام 1947، وترأست الاتحاد لاحقاً، واستغلت قدراتها في القيام بدور وطني تحريضي، بعد نكسة 1967، وتشكيل جمعية سرية، تتولى تنظيم المظاهرات، والإضرابات، وتحث الناس على مقاومة التهجير، ما عرّضها للاعتقال من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية مرتين.
وتعدّ الشهيدة دلال المغربي إحدى أشهر المناضلات الفلسطينيات، التي انضمّت إلى صفوف الثورة الفلسطينية وصفوف الفدائيين في حركة فتح وهي على مقاعد الدراسة، وتلقت العديد من الدورات العسكرية ودروس في حرب العصابات، تدرّبت خلالها على أنواع مختلفة من الأسلحة، وترأست تنفيذ عملية فدائية عُرفت العملية بعملية «كمال عدوان» والفرقة باسم «دير ياسين»، وفي صباح 11/3/1978 نزلت دلال مع فرقتها من قارب كان يمرّ أمام الساحل الفلسطيني واستقلت مع المجموعة قاربين، ونجحت عملية الإنزال والوصول إلى تل أبيب واستولت على الحافلة بجميع ركابها الجنود، فأوقعت العشرات من القتلى والجرحى «الإسرائيليين»، وحاصرت قوات الاحتلال الفدائيين بالطائرات والدبابات مما دفع دلال المغربي إلى تفجير الحافلة وركابها وقتل الجنود الإسرائيليين، وبعد ان فرغت الذخيرة أمر باراك بحصد جميع الفدائيين بالرصاص…
أما المناضلة الفلسطينية زكية شموط فقد التحقت بالعمل الفدائي المقاوم عام 1968، وكانت من أوائل الفدائيات الفلسطينيات اللواتي نفذنّ عمليات داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة ونفذت سبعة عمليات فدائية نهاية الستينيات وبداية السبعينيات قبل أن يتمّ اعتقالها وزوجها وأفراد عائلتها وهي حامل في شهرها الخامس، ويحكم بسجنها لمدة 12 عام.
وانتسبت المناضلة شادية ابو غزالة، إلى التنظيم الفلسطيني لحركة القوميين العرب عام 1962، وبعد حرب 1967، انضمّت إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وشاركت في العديد من العمليات الفدائية ضد الاحتلال. وفي 28 نوفمبر 1968 كانت تعدّ في البيت قنبلة لتفجيرها في عمارة إسرائيلية في تل أبيب، فانفجرت القنبلة بين يديها ما أدى لاستشهادها، لتكون بذلك أول شهيدة فلسطينية بعد نكسة 1967.
سجل شرف المناضلات والمقاومات للاحتلال الإسرائيلي يحفظ في ذاكرته المضيئة عشرات البطولات النسائية التي يخلدها التاريخ الإنساني. فتحية للمرأة المناضلة لنصرة شعبنا الفلسطيني، خاصة المرأة الفسطينية التي تقوم بدور بطولي لا يقلّ أبداً عن دور الرجال في مقاومة المحتلّ الغاصب للأرض، والتاريخ المشرّف لنضال المرأة الفلسطينية منذ وعد بلفور حتى اليوم يتواصل في غزة والضفة الغربية بالصمود المشرّف على الأرض والاستشهاد وحماية الصغار وحفظ هويتهم وتاريخهم.