مانشيت

غارات أميركية على الحدود السورية العراقية تشمل الميادين والبوكمال والقائم/ القيادة الوسطى: ضرب 85 هدفاً لفيلق القدس والمتعاونين معه بـ 125 قذيفة/ المقاومة العراقية تستهدف القواعد الأميركية شرق سورية بعد دقائق من الهجمات

 كتب المحرر السياسي

نفذت واشنطن الرد العسكري الذي وعد به الرئيس الأميركي جو بايدن بعد العملية التي نفذتها المقاومة العراقية على قاعدة البرج 22 وقتلت ثلاثة جنود أميركيين وجرحت أربعين، وتضمّن الرد غارات بالصواريخ نفذتها طائرات حربية أميركية على مناطق الحدود السورية العراقية استهدفت مواقع تستعملها قوى المقاومة، يفترض أنه تمّ إخلاؤها منذ أيام. وقالت وسائل الإعلام السورية الرسمية إن هناك حصيلة من الشهداء والجرحى لم يُعرَف إذا كانوا من المدنيين، او من حراس المقار، أم أن بينهم شخصيات قيادية في قوى المقاومة، خصوصاً أن البيان الصادر عن قيادة المنطقة الوسطى في القوات الأميركية تحدث عن غارات واستخدمت فيها قاذفات استراتيجية جاءت من خارج المنطقة، وأن القصف استهدف 85 موقعاً بـ 125 صاروخاً وقذيفة.
حتى منتصف الليل لم يكن ضمن العمليات استهداف في العاصمة العراقية بغداد، والتزمت واشنطن بما أعلنته عن عدم الرغبة بحرب مع إيران، رغم ما تضمّنه بيان قيادة المنطقة الوسطى عن أن الاستهداف تمّ لمقار فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، بالإضافة لمن وصفتهم بالميليشيات التابعة له؛ بينما أفادت مصادر متابعة في مناطق الاستهداف أن المقار عائدة لقوات الحشد الشعبي العراقي.
بعد دقائق من الجولة الأولى للغارات الأميركية التي نفذت على عدة جولات، أعلنت مصادر في المقاومة العراقية أنها ردّت على الغارات باستهداف القواعد الأميركية شرق سورية بالصواريخ والطائرات المسيّرة.
مصادر متابعة للمشهد الإقليمي توقعت تكرار الهجمات الأميركية، لكن مع بقائها تحت سقف عدم التصعيد بما يجعل الأمور تخرج عن السيطرة، خصوصاً مع التسريبات التي تتحدّث عن تفاهمات قادها وسطاء بين واشنطن وطهران رسمت خطوطاً حمراء للرد، وفتحت الطريق للتعاون في خفض التصعيد وفتح طريق التفاوض بحثاً عن مسارات سياسيّة للخروج من المناخات الحربية في المنطقة، سواء عبر السير بجدولة الانسحاب الأميركيّ من العراق الذي سيفتح طريق الانسحاب من سورية أيضاً، أو عبر فتح الطريق نحو صيغة تنهي الحرب في غزة بعدما فشل جيش الاحتلال بتحقيق الانتصار المفترض على المقاومة رغم مرور أربعة شهور على بدء الحرب.

وفيما تبشّر المعلومات والأجواء الآتية من مفاوضات باريس بارتفاع فرص التوصّل إلى تسوية لهدن متتالية تتخللها جولات تبادل أسرى وجثث بين «إسرائيل» والمقاومة الفلسطينية تفتح الباب لوقف دائم لإطلاق النار، تشير مصادر «البناء» أن الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ودول أوروبية وعربية عدة تبذل مساعي دبلوماسية وسياسية مكثفة مع الحكومة الإسرائيلية وحركة حماس لتذليل العقد أمام صفقة التبادل، وذلك بطلب إسرائيلي بعكس التصريحات العالية السقف التي يطلقها مسؤولون إسرائيليون لا سيما رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي يكرّر بأنه لن يوقف الحرب حتى القضاء على حماس. ولفتت المصادر الى أن الانهيار الذي يحصل في كيان الاحتلال على كافة المستويات العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية والجبهة الداخلية، دفع الدول الراعية للكيان الإسرائيلي للتدخل لإنقاذ الكيان ومحاولة تغيير حكومي سريع لتحضير حكومة جديدة تواكب مرحلة تنفيذ أي اتفاق للتبادل ووقف إطلاق النار، ولاحقاً لمرحلة اليوم التالي للحرب. وأوضحت المصادر أن «صمود المقاومة في غزة وأهلها أفشل أهداف الحرب الإسرائيلية وحقق الانتصار للمقاومة والذي بدأت تداعياته بالظهور وستظهر تدريجياً في الأيام والأشهر المقبلة على القضية الفلسطينية وعلىى مستوى المنطقة برمّتها».
وفي سياق ذلك، شدّد نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، خلال كلمة له في ذكرى أربعين القيادي في الحرس الثوري الإيراني رضا موسوي، على أنّه «إلى الآن مرَّ أربعة أشهر ومن الآن نستطيع أن نعلن نصر المقاومة، وأي وقت إضافي هو هزيمة إضافية لـ»إسرائيل» وبلورة نصر أفضل لمصلحة الفلسطينيين، لأنَّهم صمدوا ولم يتمكّن الإسرائيلي رغم النذالة ورغم الاعتداءات على المدنيين والأطفال وتدمير البيوت، وهو عمل جبان لا أخلاقيّ حقير يعبِّر عن إبادة، مع ذلك استطاع الشعب الفلسطيني مع مقاومته أن يقف ويصمد، والآن هم سيلهثون وراء الحل الذي سيكون على الشاكلة التي ترضي فلسطين والقدس إن شاء الله تعالى».
ولفت قاسم إلى أنّه «من حقنا أن نجتمع مع إيران، يقولون أحياناً كيف تصنعون محوراً؟ وكيف تجتمعون مع بعضكم؟ هذا تدخل في شؤون الدول في ما بينها؟ أبداً، إيران لم تتدخل مع أحد، هي تدعم حزب الله وتدعم المقاومة في فلسطين، كما وتدعم المقاومين في المنطقة، لكنها لم تطلب شيئاً ولم تأخذ شيئاً».
وأضاف قاسم «كثير من الناس لامونا لأننا ساندنا غزة، نحن نقول يجب أن نساند غزة ويجب أنتم أن تساندوا غزة، يجب على كل العرب وعلى كل المسلمين أن يساندوا غزة. نحن نسألهم لماذا لا تساندون غزة؟ لماذا لا تقفون معها؟ لماذا لا تقطعوا العلاقات مع «إسرائيل»؟ نحن الذين نسألكم لماذا لا تدعمون فلسطين؟ لا أنتم ولا غيركم يحق له أن يسألنا لماذا ندعم فلسطين، فهذا حقنا وحق فلسطين وحق الأقصى وحق الكرامة الإنسانية».
وفي إطار ترقّب تداعيات الحرب والانتصار الفلسطيني على المنطقة، تتجه الأنظار الى وضع الجبهة الجنوبية بحال توقف إطلاق النار في غزة. وما إذا كان العدو الإسرائيلي سيواصل عدوانه أم سيتوقف، إذ قال وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت إنه «عندما نحقق الأمان في الشمال سواء عسكريًا أو عبر تسوية، سنكون قادرين على التحلي بالهدوء».
ولفتت أوساط سياسية لـ»البناء» الى أن «وقف إطلاق النار بطبيعة الحال سينعكس على الجبهة الجنوبية، بوقف العمليات العسكرية المتبادلة بين حزب الله و»إسرائيل»، وقد بدأت الجهود الدبلوماسية الآن من خلال زيارات الموفدين الأوروبيين والأميركيين إلى لبنان للتحضير لمرحلة ما بعد الحرب في غزة والاتفاق على إجراءات أمنية على الحدود، وكل ما يحتاجه تطبيق القرار 1701 من ترتيبات لنشر قوات اليونفيل ودعم مالي للجيش اللبناني ليقوم بدوره إضافة الى انسحاب إسرائيلي شامل من الأراضي اللبنانية المحتلة مع بعض الاستثناءات. وهذا ما طرحه مبعوث بايدن الخاص آموس هوكشتاين خلال زيارته الأخيرة الى لبنان».
ويصل هوكشتاين إلى «إسرائيل» مطلع الأسبوع المقبل، وفق ما أوردت «هيئة البثّ الإسرائيلية». وعلمت «البناء» أن هوكشتاين سيزور لبنان أيضاً.
واستمرّت الجهود الدولية لاحتواء الوضع على الحدود، ونقلت قناة «الحدث» عن وزارة الخارجية الفرنسية قولها في تصريح لها، إنّ «وزير الخارجية ستيفان سيجورني سيتوجه إلى لبنان لبحث ضرورة إيجاد حل دبلوماسي بين لبنان و»إسرائيل»».
وعبّرت عن القلق من «الوضع على الحدود بين لبنان و»إسرائيل» ونواصل نشاطنا لمنع تفاقم الوضع»، مضيفة «متمسكون بالحفاظ على أمن اليونيفيل وتمكينها من القيام بمهامها».
ونقلت مصادر إعلامية محلية، أن وزير ستيفان سيجورني سيسبق الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت، ويصلها الثلاثاء المقبل ضمن حلقة من سلسلة زيارات ستشمل مصر والأردن و»إسرائيل» ورام الله، من دون أن تتعارض زيارته الخاطفة مع مهمة سلفه، باعتبار أنها تنحصر بالملف الأمني، وقد يحمل معه وفق التوقعات إجابات إسرائيلية حول أسئلة تتصل بالوضع الحدودي وإمكان تهدئة الجبهة الجنوبية.
وأشار وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني ديفيد كاميرون الذي زار بيروت أمس الأول في تصريحات صحافية، الى «أنّنا بحاجة إلى وقف التّصعيد والبحث عن البديل. هناك بديل جيّد يتضمّن تطبيق القرار 1701، وهذا يعني أن ينقِل «حزب الله» قوّاته إلى شمال نهر اللّيطاني، والتّرسيم الصّحيح للخط الأزرق على الحدود، ورفع مستوى التّدريب والاستفادة من الجيش اللبناني للقيام بالمزيد من الدّوريّات الحدوديّة».
وكانت الجبهة الجنوبية حافظت على سخونتها أمس، وأعلن حزب الله عن سلسلة عمليّات نوعية ضد أهداف إسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة، رداً على ‌‏الاعتداءات الإسرائيلية على القرى الجنوبية والمنازل المدنية، حيث استهدف مبنىً في مستعمرة أفيفيم وموقع ‏رويسات العلم في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وانتشارًا لجنود العدو في محيط موقع رويسات العلم.
في المقابل تواصل العدوان الإسرائيلي على القرى الجنوبية. واستهدف جيش الاحتلال محيط تلة حمامص في سردا بالقذائف المدفعية. كما سقطت قذيفة دخانية بين المنازل في بلدة الخيام. واستهدف القصف المدفعي أطراف طيرحرفا الشمالية، وأطراف وادي حسن مجدلزون. وشنت الطائرات الحربية سلسلة غارات استهدفت اطراف بلدات مروحين وزبقين وجبل بلاط في القطاع الغربي.
داخلياً، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان مجتبى أماني، حيث جرى عرض للأوضاع العامة والمستجدات الميدانية والسياسية في ضوء مواصلة «إسرائيل» عدوانها على قطاع غزة والقرى والبلدات الحدودية اللبنانية مع فلسطين المحتلة إضافة الى العلاقات الثنائية بين البلدين.
واستكمل وفد من النواب يضمّ كلاً من نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب والنواب ألان عون، نعمة فرام، ياسين ياسين، وأسعد درغام زيارته إلى واشنطن بلقاء جمعهم بمساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف حيث تم التشديد على ضرورة ان يسعى اللبنانيون إلى انتخاب رئيس للجمهورية واستكمال بناء الدولة، كما العمل على تحييد شبح الحرب الشاملة عن لبنان. وقد أكدت ليف في هذا السياق، أن اللجنة الخماسية تسعى لمساعدة لبنان لإيجاد حل لأزمته السياسية لكن لا يمكنها ان تحل مكان اللبنانيين في التوصل الى حل داخلي والتفاهم في ما بينهم، مشددة على أن الحل في نهاية المطاف هو من مسوؤلية اللبنانيين أنفسهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى