مقالات وآراء

هل يغامر نتنياهو بمهاجمة رفح…؟

‬ رنا العفيف

يراهن بنيامين نتنياهو على أنه بدخوله إلى رفح قد يدفع ببعض الفلسطينيين باتجاه الأراضي المصرية، أو يحرر بعض الأسرى، أو يتمكن من اغتيال قادة في المقاومة، تلك كانت ولا تزال أهدافاً قائمة في حقبة الإجرام الإسرائيلي وفشل في تحقيقها، ليبقى السؤال المركزي اللافت سياسياً هو ماذا يريد نتنياهو من اقتحام رفح؟
مصدر في حركة حماس يردّ على تهديد نتنياهو ويؤكد أن اقتحام رفح سينسف مفاوضات التبادل، فهل هذا يعني أنّ نتنياهو قرر التضحية بالأسرى لدى المقاومة، لقتل المزيد من الفلسطينيين وارتكاب أكبر عدد ممكن من المجازر في سبيل فقط البقاء على سدة الحكم؟ واضح أن نتنياهو يقامر في هذه اللعبة على حساب مصلحته الشخصية بعد أن حثً على ضيق الخيارات أمامه، بمعنى سياسي عميق إذا انتهت الحرب فإن رأسه أول المطلوبين لتحمل مسؤوليات الفشل الذريع والمحكم على كافة المستويات المعروف عنها والتي لم يعرف بعضاً منها، لذلك هو اليوم يراهن على دخوله رفح بالرغم من كل التحذيرات، إلا أنه جدد في مقابله له مع شبكة أي بي سي الأميركية موضوع اقتحام رفح وبالإصرار اللافت لأن خلفيات هذا الأمر لدى نتنياهو يرتكز على جملة واحدة هذه المرة وهي 《الإنتصار المطلق 》، مع الإشارة للتراجع عن الأهداف التي كان يعلن عنها سابقاً وهي معروفة طبعاً للجميع منها القضاء على حماس وما إلى ذلك وفشل في تحقيق أيً منها،

أما اليوم نلاحظ بأن اهتمامه هو الانتصار المطلق وربما إذا دققنا في مدلولاتها نجد بأن نتنياهو يدفع للاستمرار في الحرب حتى تحقيق الانتصار، ولا أعتقد أنه سيحقق ذلك من خلال المؤشرات،لذلك نتنياهو بات يعول على آمد الحرب والمماطلة بها بالرغم من ضيق الخناق على الخيارات بعد مقتل المزيد في الغارات الجوية وقمع تظاهرات أهالي الأسرى، وبالتالي هو يعلق الانتصار برفح ولن يكون هناك أي انتصار له لماذا؟

لأن لو دخل الكيان الإسرائيلي إلى رفح، سيكون مهزوم عسكرياً وسياسياً وأمنياً واعلامياً وافتراضياً، وخير دليل وشاهد قطاع غزة والمخيمات الوسطى وفي خان يونس فهل أدى ذلك إلى تراجع المقاومة؟ بالطبع كلا فحتى اللحظة هناك جنود إسرائيليون يقتلون في الشمال ويعلن عن هذا الجيش الإسرائيلي في منطقة شمال غرب غزة وشمال جنوب غزة إلى أن انسحب منها، في مقابل ذلك كان هناك عمليات عسكرية مصورة للمقاومة الفلسطينية في مواجهة مع الكيان الإسرائيلي في أكثر من موقع دخلها وخرج منها ومازالت المقاومة ثابتة في مواقفها وآدائها واحترافها لكل عملية بربرية همجية على أي بقعة جغرافية من فلسطين المحتلة، وبالتالي المبهم في جملة نتنياهو الجديدة واللافته للانتصار المطلق تكمن في طياتها أسرار الاستمرار في هذه المعركة وستكشف لاحقاً من أجل بقائه السياسي ويؤكد على استطلاع الرأي الجمهور الإسرائيلي من خلال مستشاريه ويقلع في ذلك عبر وسائل اعلام إسرائيلية ومنها قناة ١٣ الإسرائيلية وجميعم يؤكدو أن الميل للجمهور الاسرائيلي نحو حزب الليكود ونتنياهو كما هو على حاله أي ١٨ مقعد بينما مقعد حزب الليكود يتراجع من ٣٢ إلى ١٨ وطبعا هذا على مدى قرابة الثلاثة أشهر الماضية في حين يتقدم عليه غانتس ب ٣٧ مقعد، وبالتالي هو يرصد يومياً استطلاعات الرأي ويتابع مع الإدراك أن توقف الحرب يعني انتهاء سلطته أو مستقبله السياسي، أيضاً بقائه يعني انتخابات جديدة تؤدي إلى إنتهاء هذا البقاء وربما خلفية ما سماه الإنتصار المطلق يفسر في هذا الإتجاه وفقاً لحديثه المتكرر عن أهداف الحرب والوصول إلى الانتصار المطلق حتى ولو كلفه ذلك أن يضحي بالأسرى الإسرائيليين ولو دخل رفح ولم يحقق أي من الأهداف أو الانتصار سيخلق أسباب أخرى من أجل تحقيق الانتصار وهي بكل تأكيد شماعة الفشل المتكرر في كل خطوة عسكرية يأخذها وينفذها، في مقابل هذا سيكون للمقاومة حسابات دقيقة حساسة للجم التوحش الإسرائيلي الأميركي، سيما في ظل المشهد السياسي الإسرائيلي داخل الحكومة وخارجها إذ هناك خلافات عميقة وكبيرة تتعلق في أكثر من موضوع ولكن لم يحن الوقت لأن تنفجر وتظهر للعلن وهي على وشك ذلك، ولكن لا تظهر أمام الخطاب الاعلامي حرصاً على أن يتسرب شيئاً من الفضايح السياسية والعسكرية وخاصة تلك التي تتعلق بملف الأسرى،

وبالتالي يكون نتنياهو أمام خيارين إما أن يسير في اتجاه الصفقة وهذا سيؤدي إلى خروج سموتريتش وبن غفير أو يرفض السير في هذا الاتجاه وهذا سيؤدي إلى خروج آزينكوت وغانتس لطالما يتعلق مصير مستقبل الحكومة بهم كما ونتنياهو يميل إلى اليمين الإسرائيلي أي سموتيرش وبن غفير،بالإضافة إلى الشكاوى الموجودة داخل مجلس الحرب من غانتس وآزينكوت تتعلق حول تهميش نتنياهو لمجلس الحرب الاسرائيلي وغيرها من الشكاوى العديدة والمتكررة التي تتعلق بالإجتماعات الأمنية المغلقة،

في السياق عينه كانت هناك مكالمة هاتفية لنتنياهو مع نظيره وشريكه بايدن بحسب وسائل الاعلام الإسرائيلية كانت مدتها ٤٥ دقيقة وتحدث عن أنها كانت مكالمة متوترة، ولكن من حيث المبدأ والأهداف الخبيثة المشتركة نجد أن لا يوجد هناك أي خلاف إسرائيلي أميركي نظراً للدعم العسكري واللوجستي ونؤكد على ذلك مرارا وتكرارا بأن منذ اليوم الأول من العدوان الإسرائيلي على غزة، أميركا شريك مباشر وهي من تدير المعركة وإسرائيل تنفذ،لذا من الواجب السياسي والإنساني أن ننتبه كي لا نقع فريسة لنصدق ترهات أميركية إسرائيلية لها سوابق في التضليل والزيف والكذب وتلك المتعلقة بكمائن الغدر،فمن يزود إسرائيل بالأسلحة الفتاكة لقتل المدنيين وتصفيتهم وتصفية قضيتهم لا يؤتمن لها وما نقلته وكالة رويترز بأن بايدن أكد مجدداً لنتنياهو بأن العملية العسكرية في رفح يجب أن لا تمضي دون ضمان سلامة مليون شخص يلوجون بها، ربما هو ذات المفهوم والمقصود السياسي الذي سبق وقال نحن نريد سلامة المدنيين ومن جهة أخرى يقوم بارتكارب الآلاف من المجازر في قطاع غزة، وهذه نقطة هامة ولافته في تصريح جو بايدن الشريك الأساسي ورأس الحربة في سفك الدماء الفلسطينية وفي غزة للإسهام في تنفيذ سياسة التهجير والقتل والإبادة لتصفية القضية حيال العجز، بمعنى أن ما قاله بايدن يؤكد على منح إسرائيل رخصة القتل المتعمد في زمن العجز لتكون بنادق المقاومة هي من تصنع المعجزات للجم السطوة الإسرائيلية والأميركية وفي حال فعلها نتنياهو فسيكون هناك مالا يتوقعه الإسرائيلي من جبهات الإسناد وقد تكون مختلفة هذه المرة من حيث المعادلات والتشبيك العسكري والسياسي والأمني وهذا حتماً سيقلب موازين المفاوضات الجارية وسيكون له تأثير بالغ بالكف العسكري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى