أولى

الحلّ يبدأ من الشارع

 بشارة مرهج*

مرّت أربع سنوات على الانهيار الاقتصادي الكبير الذي حصل بسبب جشع أركان النظام، وتغوّل أصحاب المصارف وإهمالهم للعمل المصرفي السليم، كما بسبب انحراف حاكم مصرف لبنان ومعه لجنة الرقابة على المصارف، حيث لم يراقبا أحداً ولم يحاسبا أحداً، بل أطلقا العنان لكلّ مصرف أن يعمل على هواه خارج قانون النقد والتسليف.
مرّت هذه السنوات الصعبة والنهب مستمرّ من القطاع المصرفي الذي ابتلع أموال المودعين ولا يزال يرفض، مثله مثل الحكومة والبنك المركزي، تحمّل المسؤولية والشروع في إعداد الخطط اللازمة لإعادة الأموال، أو ما تبقى منها، الى أصحابها.
الحقيقة المرة انه حتى الآن لا نلمس من هذه الجهات الثلاث إلا المناورات وتبادل الاتهامات دون ان يحصل المودع على مستحقاته إلا عبر تعاميم ظالمة تعطيه حفنة من رصيده مقابل الاستيلاء على جزء كبير من هذا الرصيد، فضلاً عن فرض الرسوم المصرفية المختلفة عليه واستيفائها غصباً، مما يفقر المودع الذي تتربّص به الحكومة من جانب آخر لترغمه على دفع رسوم وضرائب خيالية لا تتناسب إطلاقاً مع دخله الذي تراجع بفضل التضخم المقصود منه وغير المقصود.
خلاصة القول انّ النوايا سيئة والتقصير شامل فاضح يشمل الحكومة ومجلس النواب ومعظم الجسم القضائي، إذ يسعى هؤلاء الى المماطلة والتسويف والتنصّل من المسؤولية حتى يمرّ الوقت وييأس الناس، او تحين الفرصة لفرض حلول ما أنزل الله بها من سلطان تجعل من الودائع مجرد ذكرى يتندّر بها البعض، فيما يتوجع منها البعض الآخر.
الحقيقة أصبحت واضحة ومرئية للجميع ولم يعد بإمكان أحد تحويرها او تزويرها. ثمة جهة مستفيدة لا تلوي على شيء وثمة فئة متضررة تنتظر الحلول دون جدوى. ولكلّ ذلك يجب إشاعة الوعي بالحقائق واستنهاض الهمم، واستئناف النضال كما فعل العسكريون المتقاعدون، لإرغام الطغمة الباغية على وقف السرقة والالتفات لمصلحة المودعين والمواطنين والتصويت على المشاريع الإصلاحية كلها، خاصة تلك التي توزع الخسائر بصورة عادلة بين الاطراف المعنية، وتلغي السرية المصرفية الا بحدود ضيقة يشرف عليها القضاء، وتفعيل القضاء كي يقوم بواجباته في استرداد الأموال والودائع وملاحقة المطلوبين الذين يسخرون من القضاء والدولة ويحوّلون لبنان الى بلد مروق وفوضى وعصابات.
انّ كل ذلك يحتاج الى جهد كبير والى نضال دؤوب لا يلين ولا يتراجع، لأنّ من استباح ونهب وسلب لن يؤدي ما عليه بالمناشدة او المراسلة وقد تمرّس هو على أساليب التهرّب والقمع والقهر. انّ الذي سرق ونهب لن يعيد شيئاً مما استولى عليه إلا تحت الضغط الشعبي المتواصل ومن ثم تدخل القضاء.

*نائب ووزير سابق

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى