مانشيت

واشنطن وتل أبيب: ننسق مع قطر ومصر وتفاؤل بالتوصل إلى اتفاق… والمقاومة تنفي/ المعارضة في الكيان تستعد لحركة في الشارع تتحول الى اضراب عام حتى انتخابات مبكرة / جبهة لبنان تسجل المزيد من الاستهداف لمواقع الاحتلال… والموفدون سلموا بوحدة الساحات

كتب المحرّر السياسيّ

مع نهاية جولة باريس التفاوضية وزّعت واشنطن وتل أبيب مناخات تفاؤلية عن النتائج وتحدّثتا عن قرب التوصل إلى اتفاق يتضمّن شروطاً جديدة لتبادل الأسرى وهدنة طويلة، حيث تمّ نشر تقارير في وسائل الإعلام الإسرائيليّة عن زيارة إلى الدوحة لمسؤولين إسرائيليين لمتابعة التفاوض، بينما قال مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان إن الولايات المتّحدة ومصر وقطر و”إسرائيل” توصّلت إلى تفاهم بشأن “الملامح الأساسيّة” لاتفاق الأسرى من أجل الإعلان عن وقف مؤقت لإطلاق النار في غزة. وأوضح سوليفان لشبكة “سي.إن.إن”، أن الاتفاق لا يزال قيد التفاوض، مشيرا ًإلى أنه يجب عقد محادثات غير مباشرة بين قطر ومصر مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس”.
في الوضع الداخلي للكيان اتهم رئيس وزراء “إسرائيل” الأسبق إيهود باراك رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو بأنه مستعدّ لتعريض الأسرى الإسرائيليين الاسرى في غزة للخطر “على حساب إظهار نفسه قوياً”. وأوضح باراك لإذاعة الجيش الإسرائيلي، “بالنسبة لنتنياهو، الظهور قوياً أكثر أهمية من التوصل إلى اتفاق، فهو مستعدّ للمخاطرة بحياة الأسرى”. ودعا باراك الإسرائيليين إلى تنظيم احتجاجات مناهضة لحكومة نتنياهو، قائلاً: “نحتاج إلى 300 ألف مواطن لمحاصرة الكنيست بالخيام ليلاً ونهاراً لمدة ثلاثة أسابيع”. واعتبر أن نتنياهو سيدرك أن وقته قد انتهى وأنه لا توجد ثقة به عندما تصل البلاد إلى الإغلاق. وقالت مصادر في قيادة المعارضة الإسرائيلية لوسائل الإعلام في الكيان، إن التأخر في التوصل لاتفاق تبادل الأسرى، سيدفع المعارضة إلى تزخيم تحرّكاتها لإسقاط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والدعوة إلى انتخابات مبكرة، مشيرة الى التوجّه نحو جمع كل المكوّنات السياسية والنقابية والأهلية للمعارضة تحت عنوان إضراب عام يوقف عمل الدولة حتى إقرار انتخابات نيابية مبكّرة.
على جبهة الحدود اللبنانية استمرّت المقاومة باستهداف مواقع جيش الاحتلال وعمقها، ملحقة المزيد من الخسائر الموجعة بقواته وتجهيزاته، بينما تحدّثت مصادر متابعة لحركة الموفدين الغربيين عن تسليم بأن التهدئة تبدأ من غزة، وأن المقاومة لن تتخلّى عن التزامها بوحدة الساحات قبل أن تهدأ جبهة غزة، وعندها فقط يمكن الحديث عن ترتيبات على الجبهة اللبنانية.

لا يزال الوضع الأمني في الجنوب يطغى على المشهد الداخلي والإقليمي في ظل تضارب المعطيات حول مفاوضات باريس للتوصل إلى هدنة وتبادل أسرى بين الفلسطينيين والعدو الإسرائيلي. مع تسجيل يوم أمس تراجع ملحوظ في وتيرة القصف المتبادل بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة التي دكّت مستوطنة كريات شمونة بدفعة كبيرة من الصواريخ الثقيلة أحدثت انفجارات ضخمة وفق ما أفاد الإعلام الإسرائيلي.
وأوضحت جهات مطلعة على الوضع الميداني لـ”البناء” أن “المقاومة تعمل على ردع العدو الإسرائيلي وتمنعه من فرض قواعد اشتباك جديدة وتغيير المعادلة القائمة على الحدود منذ 8 تشرين الأول الماضي، واستخدام لبنان ساحة للتعويض عن هزائم العدو التي مني بها في غزة واستعادة هيبة جيشه وقدرة الردع الإسرائيلية التي تكسرت في 7 تشرين الأول الماضي وخلال أشهر الحرب على الجبهتين الجنوبية والغزاوية، وذلك من خلال رد المقاومة على كل اعتداء إسرائيلي على المدنيين بالمثل، مع تفادي منح الإسرائيلي الذريعة لشن عدوان واسع على لبنان”.
وشدّدت الجهات على أن “المقاومة تملك الخطط لكافة السيناريوات ومن ضمنها توسيع رقعة العدوان الإسرائيلي الى كل الجنوب ولبنان، وهذا سيكون ردّه قاسياً وستنتقل المقاومة إلى مرحلة جديدة ستدفعها الى إخراج مفاجآت كبيرة لم تستخدم حتى الآن، واستهداف بنك أهداف يطال مختلف الأراضي الفلسطينية المحتلة لا سيما الساحل الفلسطيني”. ولفتت الجهات الى أن المقاومة لم تستخدم سوى نسبة ضئيلة من قوتها وقدراتها وفق ما يتطلبه الميدان في غزة، حيث إن المقاومة الفلسطينية لا زالت تتمتع بقدرة كبيرة على الصمود والمقاومة وتكبيد الاحتلال خسائر فادحة”. ولفتت الجهات الى أن ما يمنع الإسرائيلي من شن عدوان واسع على لبنان يحتاجه لتحقيق أهداف سياسية وأمنية تتعلق بمصالح حكومة الحرب لا سيما رئيسها بنيامين نتانياهو، هو قدرة الردع التي تمثلها المقاومة».
وفي ظل ردع العدو من توسيع عدوانه، لم يعد أمام قادة الاحتلال سوى تكثيف الجولات الى مناطق الشمال وإطلاق التهديدات ضد لبنان وحزب الله في محاولات متكررة لتطمين المستوطنين الذين لا يزالون في الشمال، وإقناع المهجرين بالعودة.
وزعم وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت أنه “في حال التوصل إلى هدنة مؤقتة بموجب اتفاق محتمل على تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، فإنها لن تشمل المواجهات مع حزب الله في الجنوب اللبناني”، وادعى في تصريح له من مقرّ قيادة المنطقة الشمالية، بتصعيد هجمات الجيش الإسرائيلي في لبنان ومواصلتها “حتى الانسحاب الكامل لحزب الله وعودة سكان البلدات الشمالية إلى منازلهم”. فيما كرّر عضو مجلس الحرب الاسرائيلي بني غانتس خلال جولته على الجبهة الشمالية، على الحدود مع لبنان زعمه بأن “الحرب الدائرة في الجبهة الشمالية لن تنتهي حتى عودة السكان الإسرائيليين قرب الحدود اللبنانية إلى بيوتهم”. ولفت، في تصريح عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى “أننا نعمل عسكرياً وسياسياً، لقد تمّ بالفعل طرد حزب الله من الحدود، ونحن نستعد لليوم الذي سنصدر فيه الأمر عندما نحتاج إلى توسيع أنشطتنا”.
وتساءل خبراء عسكريون عبر “البناء”: كيف يزعم الوزير الإسرائيلي بأنه طرد حزب الله من الحدود ولا يزال المسؤولون الإسرائيليون يطلقون التهديدات ضد لبنان للضغط لإبعاد الحزب عن الحدود؟ كما ولا يزال يرسل الموفدين الغربيين للهدف نفسه؟ فيما يمضي حزب الله بإطلاق الصواريخ على كامل المواقع الإسرائيلية والمستوطنات على طول الحدود وفي عمق الشمال الفلسطيني؟.
واستبعد الخبراء الانتقال من مستوى التصعيد المتبادل على الحدود الى حرب كبيرة. فيما أشارت أوساط دبلوماسية لـ”البناء” الى أن “الاتصالات الدولية مستمرة مع الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية لاحتواء أي تصعيد أكبر على جبهة الجنوب يؤدي الى حرب شاملة”، مشيرة الى أن “الإشارات التي تأتي من الجانبين اللبناني والإسرائيلي تعكس لا رغبة في توسيع الحرب لأنها ستكون مدمرة للطرفين ولن يخرج منها أي طرف منتصر”، مضيفة أن “الورقة الفرنسية وغيرها من الاقتراحات الدولية التي طرحت على الحكومة اللبنانية، تدعو الى ضبط الحدود وتطبيق القرار 1701 وإبعاد حزب الله عن الحدود لتجنب أي تصعيد إسرائيلي”.
وأكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله أن “العدوان الإسرائيلي لن يزيدنا إلاّ تمسكاً بمقاومتنا وبهذا الخيار الذي وحده اليوم يحمي لنا الجنوب ولبنان، ويُبقي لنا هذا الوجود في بلدنا، لأن هذا العدو دائماً يطرح في مخططاته أن يستولي على هذه الأرض أو يجعلها أرضاً محروقة أو يتحدّث عن مناطق عازلة”.
وشدّد فضل الله خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله في حسينية بلدة برعشيت الجنوبية على أنه “عندما تحين أي فرصة للعدو للانقضاض على بلدنا، فإنه لن يتردد، وهذا كان في التاريخ الماضي وفي تاريخنا المعاصر، وبالتالي، فإننا عندما نقاتله ونواجهه على الحدود، فإننا نبعث له برسالة واضحة أن في لبنان ينتظرك مقاومون أشداء وتنتظرك قوة كبيرة حاضرة وجاهزة للمواجهة بكل مستوياتها مهما كانت هذه المواجهة قوية وعنيفة وواسعة، لأن هذا العدو باللحظة التي يشعر فيها بأي تراجع أو أي ضعف، فإنه يتمادى أكثر فأكثر”.
وواصل العدو الاسرائيلي عدوانه على الجنوب، وطالت الغارات أكثر من منطقة وقرية جنوبية. إذ تعرّضت الأطراف الشمالية لعلما الشعب وعيتا الشعب مقابل بلدتي القوزح وبيت ليف لغارة إسرائيلية. وشنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارة بين بلدتي بيت ليف وراميا، في القطاع الغربي.
في المقابل استهدفت المقاومة تجمعات ومرابض العدو في محيط ثكنة “راميم” وثكنة زبدين و”كريات شمونة” والمنارة والمالكية.
وزفّت المقاومة المجاهدين: أحمد محمد العفّي وحسين علي الديراني وعلي كريم ناصر شهداء على طريق القدس.
إلى ذلك، رحبت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية بتصريحات وزير خارجية الولايات المتحدة الاميركية انطوني بلينكن حول عدم قانونية بناء مستوطنات إسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، وبأن هذه الأعمال غير بناءة للوصول الى سلام دائم.
ودعت الوزارة في بيان، المجتمع الدولي لزيادة الضغط على “إسرائيل” من خلال مواقف حازمة لوقف هذه الأعمال العدائية التي تُقوّض فرص السلام العادل والشامل والدائم، المبني على قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية الصادرة عن القمة العربية في بيروت عام ٢٠٠٢، والهادفة جميعها الى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وأكدت الوزارة مجدداً بأن الحلول العادلة وحدها ستجلب السلام الى الشرق الأوسط، وتوقف التوتر والحروب المستمرة منذ أكثر من ٧٦ عاماً، وتوفر الاستقرار. لقد حان الوقت لـ”إسرائيل” أن تجرّب السلام كبديل للحرب والاحتلال.
على صعيد آخر، أحيت السفارة الروسية في بيروت عيد “حماة الوطن” برعاية وحضور السفير الروسي في لبنان ألكسندر روداكوف، والملحق العسكري في السفارة يوري بنكوف، ورئيس مكتب التعاون الروسي اللبناني محمد ناصر الدين، بالإضافة إلى حشد رسمي وسياسي لبناني وعدد من السفراء والبعثات الدبلوماسية.
ألقى بنكوف كلمة استذكر خلالها الجنود الروس الذين يضحّون بأنفسهم من أجل استقلال روسيا ومستقبلها، والحرية، وشدد على “الدور الذي يلعبه القادة والجنود الروس الذين نجحوا ليس فقط في إنقاذ روسيا وحمايتها، انما في إنقاذ عدة مناطق حول العالم، فهؤلاء يبذلون ما بوسعهم للدفاع عن الوطن ويحاربون ضد النازية والفاشية”.
بدوره أشار ناصر الدين، إلى أن “لبنان ينهار كل يوم نتيجة التدخلات والصراعات الخارجية وسط فراغ رئاسي ووسط انهيار المؤسسات والاقتصاد وفي خضم المخاطر الأمنية على خلفية نيات الاحتلال الاسرائيلي بتوسيع الحرب، هو بحاجة للدول الصديقة”، واكد أن “توسيع “الخماسية الدولية” أمر ملحّ وعاجل. فمصر والسعودية وقطر هم من “اهل البيت” لكونها شقيقات لبنان ولديها كل الحرص على عودة انتظام عمل المؤسسات اللبنانية، انما كل الاستغراب من التعويل على الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا في العمل التسووي وهما الداعمتان الاساسيتان لـ”إسرائيل” عدا عن افتقاد الجانب الاميركي الى دور الوسيط العادل لكونه يعمل من دون توقف على توسيع الهوة بين الشرق والغرب وعدم ترك مساحة مشاركة وتعاون بين هذا العالم”. وتابع قائلاً “من هنا لا بد ان يكون لروسيا الاتحادية والصين وإيران والعراق مساهمة في المساعي المشكورة لإيجاد الحلول التي تصب في صالح لبنان ودول المنطقة، خصوصاً أن روسيا الاتحادية كانت السبّاقة دوماً ولا تزال في الوقوف الى جانب لبنان في المحافل الدولية، وهي لا توفر جهداً ولا سبيلاً لمساعدته لا سيما إنسانياً وتربوياً واجتماعياً”.
وفيما لم يسجل المشهد الرئاسي أي جديد بعد جمود حراك اللجنة الخماسية من أجل لبنان بعد اجتماعها “اليتيم” الأسبوع الماضي في قصر الصنوبر والذي لم يخرج بأي نتيجة. حرّكت كتلة الاعتدال الوطني المياه الرئاسية الراكدة عبر مبادرة رئاسيّة بدأت بعرضها على الأطراف السياسية، وقيل إنها تحظى برضى رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وتقول المبادرة: “لقاء نواب من كل الكتل في المجلس النيابي للمطالبة بجلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية، والتشاور على الهامش في الموضوع الرئاسيّ، فإن تمّ الاتفاق على مرشح، يدعو بري الى جلسة لانتخاب الرئيس وإن لم يتفقوا يحدد موعداً لجلسة رئاسية مفتوحة بدورات متتالية حتى انتخاب رئيس”.
والتقى وفد من الكتلة أمس، رئيس حزب “القوات” سمير جعجع الذي قال: “الكتلة عرضت علينا مبادرة جدية للوصول إلى انتخاب رئيس ووافقت عليها”، مضيفاً: “المبادرة واضحة ونحن قبلنا بها ووفق ما تبلّغنا فرئيس مجلس النواب نبيه بري متجاوب معها أيضاً”.
ونقلت مصادر إعلامية عن أحد المطلعين على أجواء لقاءات كتلة الاعتدال بأن “اهمية الطرح أنه داخلي أولاً يحاول كسر الجمود من جانب كتلة خارج التموضع السياسي الحاد، تقترح التداعي من جانب الكتل النيابية، اثر انتهاء جولة كتلة الاعتدال بعد اجتماعها مع كتلة الوفاء للمقاومة، أي لا دعوة من جهة معينة للنزول الى البرلمان مطالبين بجلسة رئاسية مفتوحة بدورات متتالية الى حين انتخاب رئيس. جلسة واحدة كل من يشارك فيها يلتزم المشاركة في الجلسة الرئاسية المفتوحة، ومن يقاطع يكشف مسؤوليته في تعطيل الانتخابات”.
وأكد النائب عطية في حديث تلفزيوني، أن “هدف مبادرة كتلة الاعتدال الوطني الأساسي الإجماع بين الكتل النيابية عبر عقد نقاش والوصول إلى نقاط مشتركة للاتفاق على اسم أو أكثر، وكما تأمين الـ86 صوتاً، في وقت رأى أن ليس هناك تقاطع يدعم مرشح ثان بل هناك تقاطع مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وتقاطع ضد فرنجية”، مشدداً “على أن هذه المبادرة ترتكز الى ملاقاة اللجنة الخماسية وهي بالتنسيق والتعاون معها لتذليل العقبات أمام انتخاب رئيس”، نافياً أن يكون لمبادرتهم “أي غطاء خارجي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى