مانشيت

الحرب تدخل شهرها السادس دون أفق نهاية قريبة… والتفاوض يراوح مكانه / تحريك الرئاسة والملف الحدودي لا يستند إلى معطيات… والحركة بلا بركة / غارة على حولا تسقط 3 شهداء… والمقاومة تقصف الجليل بـ 70 صاروخاً /

كتب المحرّر السياسيّ
مع دخول الحرب على غزة شهرها السادس تبدو واشنطن وتل أبيب عالقتين من جهة، بين العجز عن التفاؤل بتحقيق تقدّم في المسار العسكريّ أمام مفاجأة قدرة المقاومة في غزة على الصمود ومواصلة القتال، وثبات جبهات المساندة في لبنان واليمن والعراق عند أداء أدوارها وتصعيد حضورها على قاعدة ربط تهدئتها بنهاية الحرب على غزة. ومن جهة مقابلة العجز عن تحقيق تقدّم تفاوضيّ دون دفع الأثمان التي تطلبها المقاومة والتي تربط أيّ اتفاق، كما أعاد التأكيد القياديّ في حركة حماس أسامة حمدان أمس، بفكّ الحصار وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة وعودة النازحين إلى شمال القطاع، وبصورة خاصة إعلان وقف الحرب بصورة نهائيّة. وتبدو مسارات التفاوض أما استعصاء مثل الخيار العسكري، فيما تبذل واشنطن جهوداً لمنع انهيار المشهد الإسرائيلي الداخلي كما رشح من محادثات عضو مجلس الحرب بيني غانتس في واشنطن، فيما تستحضر على الطاولة ابتكارات من نوع الهدنة الإنسانية الرمضانية، بمعزل عن اتفاق التبادل. بينما أعلن بنيامين نتنياهو التزامه بتأمين شروط مناسبة خلال شهر رمضان لإحياء المسلمين شعائر شهر رمضان، دون أن يشير إلى المسجد الأقصى.
لبنانياً، وبعد حراك سياسي وإعلامي شمل العديد من الأطراف تحت عنوان وجود فرص لحلحلة في الملف الرئاسي، وبالتوازي رهانات على إحداث اختراق يحققه المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين بترتيبات على جبهة الحدود الجنوبيّة تحت شعار تفادي توسّع الحرب، قالت مصادر سياسية متابعة إن لا وجود في الأفق لتحقيق تقدّم في الملفين، فالمواقف من الملف الرئاسي لا تزال عند ما كانت عليه قبل حرب غزة، وثنائي حركة أمل وحزب الله والحلفاء لا يزالون يرون أن المرشح سليمان فرنجية هو المؤهل لقيادة المرحلة، ولا يزال المخالفون من أصدقاء وخصوم يسعون الى الالتفاف على ترشيح فرنجية تحت شعار البحث عن مرشح وسطي؛ بينما في الملف الحدودي فقد سلم أموس هوكشتاين بالترابط بين جبهتي جنوب لبنان وغزة، وربط كل حديث عن تهدئة جبهة الجنوب بتحقيق إنجاز في مسار التهدئة على جبهة غزة. وقالت المصادر إن الحديث عن وجود مساع على المسارين لتحقيق اختراق أقرب للحركة بلا بركة.
في جنوب لبنان ميدانياً شنّ طيران الاحتلال غارات على عدد من القرى الجنوبية، أدت إحداها في بلدة حولا الحدودية الى استشهاد عائلة مكوّنة من أب وأم وابنهما، وكان رد المقاومة سريعاً بإطلاق 70 صاروخاً ثقيلاً على مستعمرات الجليل ما أدّى الى قطع الكهرباء واشتعال النيران في عدد من النقاط.
ما أن بدأ المفاوضات والاتصالات في شأن هدنة غزة، حتى سارع العدو الإسرائيلي إلى التصعيد في جنوب لبنان، في محاولة منه لتغيير في قواعد اللعبة، من خلال رفع سقف التهديدات والضربات والتدمير، وسط معلومات تشير إلى أن العدو الإسرائيلي يعمل على إقامة منطقة عازلة في جنوب لبنان. وهذا ما يخشاه لبنان الرسمي وحزب الله، الذي لن يسمح بتدمير القرى الجنوبية وأنه سيردّ الصاع صاعين رداً على الاستهدفات الإسرائيلية. وقد تظهّر هذا الأمر في الساعات الماضية حيث استهدف حزب الله مقار عسكرية وتمركزات للعدو في أكثر من مكان وحقق إصابات كبيرة، فضلاً عن تصدّيه لقوة برية إسرائيلية، كانت تحاول التوغل في منطقة الوزاني، وكل ذلك يؤشر وفق مصادر مطلعة إلى أن حزب الله لم يستخدم بعد كل ما يملك من قدرات عسكرية. هذا فضلاً عن أنه يباغت العدو في أكثر من مكان، وهذا ما حصل في الوزاني, فالحزب يعمل على كل الجبهات ولا يمكن إشغاله بمنطقة.
وفيما سلّم المبعوث الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين رئيس مجلس النواب نبيه بري طرحاً ليسلّمه بدوره إلى حزب الله يتضمن تصوراً عملياً لمرحلة ما بعد اتفاق الهدنة، وينص على تأمين الاستقرار الأمني والهدوء في «إسرائيل» ولبنان وترسيم الحدود، وحلّ النقاط العالقة والمتنازع عليها وتطبيق القرار 1701، أكد ئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن «الجميع يعمل لتهدئة جبهة جنوب لبنان والمضي نحو استقرار طويل الأمد وطروحات الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين قيد النقاش». وأشار ميقاتي الى أن «عنوان مرحلة الاستقرار التي نسعى للوصول إليها هو آلية لتطبيق القرار 1701».
وعن المفاوضات الجارية بشأن التهدئة، قال: «تفاهم رمضان» سيكون في غزة والمعلومات تقول إن وقف إطلاق النار هناك سيحصل قبل رمضان»، مضيفاً: «المفاوضات المرتبطة بجبهة لبنان ستكون خلال شهر رمضان».
وشدّد ميقاتي على أن «لبنان لا يعتدي ويجب على «إسرائيل» وقف انتهاكاتها. وفي حال توقفت حرب غزة فإن جبهة الجنوب ستهدأ إلا إذا استمرت «إسرائيل» في عدوانها»، لافتاً الى أن «هناك طروحات عديدة على صعيد الترسيم البرّي ولبنان متمسّك بكافة أراضيه المُحتلة».
أضاف: «نعمل على استقرار طويل المدى في الجنوب والأساس لدينا هو وقف الاعتداءات الإسرائيلية وإعادة كافة الأراضي المحتلة إلى لبنان»، مؤكداً أننا «نرفض حصول أي قضم للأراضي اللبنانية ونسعى إلى تحديد الحدود بشكل نهائيّ وأخير».
وفي ما يخص زيارة هوكشتاين لبنان، قال ميقاتي: «هوكشتاين وضع طرحاً على الطاولة ورئيس مجلس النواب نبيه بري يدرسه وسيكون هناك ردّ عليه ونحن لدينا أسئلة ننتظر من الموفد الأميركي أجوبة عليها».
وأضاف: «طرح هوكشتاين هو آلية تطبيق القرار 1701 وسنردّ عليه بعد الانتهاء من درسه»، لافتاً الى أن «هوكشتاين قدّم أفكاراً شفهيّة ولا توجد ورقة مكتوبة بشأن جبهة لبنان».
وتابع ميقاتي: «أتأمل خيراً إزاء ما نمرّ به ولقد صادفنا تجارب عديدة سابقة لا سيما عندما يتعلق الأمر بالترسيم البحريّ واستطعنا تجاوز الكثير من الأمور والوصول إلى نتائج».
وأكمل: «أعمل مع الرئيس بري للوصول إلى الاستقرار، وأعتقد أن رئيس مجلس النواب يتشاور مع «حزب الله»، مشيراً الى أنه «عندما تصبح لدينا ورقة خطية بشأن طرح هوكشتاين سأتشاور مع الحزب»، لافتاً إلى أن «مبادرة هوكشتاين ستحظى مع الوقت بتغطية دولية».
وكشف أنه «سيكون هناك تواصل مع هوكشتاين خلال 48 ساعة من قبل الرئيس برّي أو منّي للوقوف عند آخر مستجدات الطرح المرتبط بجبهة الجنوب»، موضحاً أن «هوكشتاين يضع الجميع في الأفكار التي يتمّ طرحها وما يتمّ وضعه على طاولة البحث يمكن الاتفاق عليه وهناك ثغرات سيتم الحديث بها».
وأفادت مصادر مطلعة ان الحزب لن يدخل في أي بحث أو نقاش في الوقت الراهن، بالنسبة إليه لا مفاوضات قبل وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وبعد ذلك يمكن البدء بكيفية البحث في القرار الدولي 1701 الذي يفترض أن تلتزم به «إسرائيل» وتثبيت الحدود.
وأكّد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أنّ المقاومة مصمّمة على مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية وستمنعه من أن يُنفّذ مشروعه العدوانيّ، وشدّد، خلال حفلٍة تأبينية أقيمت في بلدة كفرملكي الجنوبية، على أنّ المقاومة ما زالت تلتزم بالدقة في معادلات الردع، التي فرضناها على العدوّ الإسرائيليّ ويحاول أن يتفلّت منها، لكن ليس بمقدوره أن يُلغيها. وقال «العدوّ يتسلّل من بين النقاط ليبرّر لنفسه أنّه مُنضبط بقواعد الرّدع، لكن حصل تفلّت هنا وهناك وحتى الآن ينضبط قهرًا وهو يعرف أنه إذا أراد التفلّت من قواعد الردع فسيقع في مصيبةٍ كبرى ونحن نأمل أن يُخطئ الإسرائيليّ ويتورّط في ارتكابها». وأكد رعد عملهم وفق حساباتٍ دقيقة، «لأنّ المصلحة الكبرى هي التي نَنشُدها من خلال أدائنا ونهجنا في المقاومة حتى الآن». ولفت إلى أنّهم لم يستعملوا أسلحتهم كلها وأسلحة الحرب المفتوحة لم يفتحوا مخازنها بعد.
وكان وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، الذي التقى هوكشتاين ادعى أن «حزب الله» يقودنا نحو حرب».
وأضاف غالانت: «سنُعيد السكان إلى الشمال ولو كان ذلك من خلال عمل عسكريّ». وأفادت وسائل إعلام العدو أن عضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس الموجود في واشنطن، أبلغ مستشار الأمن القومي الأميركي أن «إسرائيل» لا تسعى للحرب مع لبنان». وأضافت «غانتس أبلغ سوليفان أن تزويد واشنطن لـ«إسرائيل» بالسلاح سيجعل حزب الله يفكر مرتين قبل أي تصعيد». وختمت «غانتس أبلغ مستشار الأمن القومي الأميركي بإصرار «إسرائيل» على استكمال العملية العسكرية في غزة».
ولفت نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في تصريح تلفزيوني، إلى أن الحزب لم يعط الجواب النهائي لكتلة الاعتدال اللبناني، ونحن ندرس الجواب لإعطائه، واعتبر بان هناك مقدمات تسمح بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ومشكلة المبادرة الفرنسية داخلية قبل أن تكون خارجية، والدستور يضمن الميثاقية وفرنجية لديه قابلية بأن ينفتح على العالم.
على صعيد آخر، أكد وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، خلال إطلاق خريطة طريق لتنظيم الوضع القانوني للنازحين السوريين، أننا «لن نقبل بتهجير اللبنانيين وعدم إيجادهم فرص عمل، ونحن مسؤولون عن الحفاظ على صورة لبنان وحقوقه». كما دعا إلى «تطبيق القوانين اللبنانية فيما خصّ السكن وشرعية العمل في المؤسسات»، لافتاً إلى انهم «مستعدون للتفاوض مع المجتمعين الدولي والعربي وصولاً إلى خطة عودة واضحة للاجئين السوريين خلال فترة زمنية معينة». وأضاف «بيروت التي تجمع العالم لا تُتهم بالعنصريّة ونحن نرفض هذا الاتهام»، مؤكداً وقوفه «إلى جانب كل البلديات لتحصيل حقوقها، ولم نتأخر عن تأمين هذا الموضوع، وننفي كل ما تم تداوله أمس، عن إلغاء اللجان المتعلقة بالبلديات.»
وأعلن المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، أن «قافلة من النازحين ستنطلق إلى سورية وعلينا التعامل مع الملف بجدية وبما يخدم المصلحة اللبنانية»، مؤكداً «أننا منفتحون على مختلف المبادرات التي تخدم الخطط التنفيذية في المستقبل». وأكد البيسري خلال إطلاق خريطة طريق لتنظيم وضع النازحين السوريين القانوني وآلية عودتهم، «أننا لن نوفّر أيّ جهد لتنفيذ القوانين حفاظاً على سيادة الدولة، ونجدّد استئناف إطلاق العودة الطوعية، ولبنان بلد عبور وليس بلد لجوء، ونشدّد على مكافحة الهجرة غير الشرعية عبر كل المعابر الحدودية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى