مرويات قومية

مرويات قومية

ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…
تُخصّصُ «البناء« هذه الصفحة، لتحتضنَ محطات مشرقة من تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي، صنعها قوميون اجتماعيون في مراحل صعبة، وقد سجلت في رصيد حزبهم وتاريخه، وقفات عز راسخات على طريق النصر العظيم.
وحتى يبقى المستقبل في دائرة رؤيتنا، يجب أن لا يسقط من تاريخنا أي تفصيل، ذلك أننا كأمّة، استمرار مادي روحي راح يتدفق منذ ما قبل التاريخ الجلي، وبالتالي فإن إبراز محطات الحزب النضالية، هو في الوقت عينه تأكيد وحدة الوجود القومي منذ انبثاقه وإلى أن تنطفئ الشمس.
أنّ نكتب تاريخنا،..فإننا نرسم مستقبل أمتنا.

إعداد: لبيب ناصيف

للأول من آذار… تحية ووفاء

 

الأمين الراحل عبدالله قبرصي

 

حكاية الأمين عبدالله قبرصي مع الأول من آذار نشرتها مجلة: «البناء – صباح الخير» في عددها 962 تاريخ 06/03/1999، نعيد تعميمها لفائدة ما تضمّنته من مآثر يصحّ ان نتعرّف عليها وان نقتدي بها ونحياها…
يقول الأمين قبرصي: كان الاحتفال بالأول من آذار مصادفة جميلة بالنسبة لي، فقد كنت أبتاع زجاجة مشروب من أحد المحلات الكائنة في باب ادريس، حيث التقيت بالمرحومين نعمة تابت ومأمون أياس، يشتريان باقة زهور… سألت نعمة عن السبب، فأجابني: اليوم ليلة أول من آذار وهو عيد مولد الزعيم، رافقتهما الى بيته، ووصلنا الى الكـوخ المؤلف من ثلاثة غـرفة متداخلة (استقبال، مكتب، غـرفة نوم).
ليلتها، بعد مصافحة الزعيم وتقديم الزهور وزجاجة المشروب هدية له ألقيت كلمة ما زلت أذكر منها هذه الكلمات:
«جئنا نعيّد عيد ميلادك هذا المساء، حاملين هذه الباقة من الزهور، واني لأتصوّر انّ هذا العيد المتواضع سيصبح في مقبلات الأيام عيداً قومياً، لا يعيّد في غرفة ضيقة كهذه الغرفة، بل تعيّده البلاد بطولها وعرضها، سورية الطبيعية، هلالنا السوري الخصيب».
ويتابع الأمين قبرصي: «يومها ألقى المعلم كلمة قصيرة، ثم قال: «انّ الذين يلبّون الدعوة ويدخلون في صفوف الحزب السوري القومي الاجتماعي يقسمون يمين الانتماء، وأنا سأقسم يمين الزعامة.
يذكر جورج عبد المسيح انه كان موجوداً، في ذلك الاحتفال، وأنا لا أذكر تماماً، إذا كان شاركنا تلك الليلة أم لا.
هذه الكلمات التي قلتها في تلك الغرفة المتواضعة، كرّرتها في بيت اسكندر شاوي سنة 1949 وفي المناسبة عينها وكان بيننا نقيب المحامين يومها جان تيان، وكان الزعيم يحبّه ويحترمه، وأذكر اني قلت أيضاً: «أتصوّر يا زعيمي ان هذا العيد الذي نعيّده هذا المساء، بحضور هذا النخب من الرفقاء والمواطنين قد اضحى عيداً قومياً، وأتصوّرك يا زعيمي على صهوة جوادك تستعرض الجيش القومي الاجتماعي الذي سيزحف، لتحقيق هذه النهضة بالسلاح، اذا لم تتحقق بالقناعات…
وقد ذكر الزعيم في خطابه، الذي اعتبرته في ما بعد وداعياً، لأنّ الزعيم استشهد ذلك العام، ذكر حكاية أول احتفال أقمناه في رأس بيروت سنة 1935.
في هذه الأيام الأخيرة أنا منعكف على تأليف كتاب أسميته «رجال وأحداث»، كتبت منه حتى الآن حوالي ستين صفحة، أربعون منها عن أنطون سعاده استذكرت منها ما قلته عندما كنت لاجئاً سياسياً في فنزويلا: انّ أمثال سعاده يأتون كلّ ألف سنة مرة، وإذا بي أسمع من رفيقنا الراحل المحامي نظمي عزقول، انه ذهب في يوم من أيام سنة 1949، بعد استشهاد المعلم، لزيارة أستاذه الرئيس فارس الخوري في دمشق، وصعق عندما قابله الأخير بالبكاء. وسأله عزقول عن السبب فأجاب خوري: انني أبكي أنطون سعاده، لأنّ امثاله يأتون كلّ ألف سنة مرة. وأنا بدوري أعود للتأكيد، وبعد مرور خمسين عاماً على استشهاد الزعيم، انّ المواهب والقدرات والإبداعات، وما ألّف وكتب، وما قال وخطب، تثبت صحة ما قلته في فنزويلا وما أكده فارس الخوري.
أكاد أقول إنّ أمثال أنطون سعاده يأتون من الأساطير، لأني أكتشف بعد مطالعاتي وهي كثيرة، أنّ التاريخ الطويل الذي اطلعت على كثير من فصوله، لم يأت برجل مثل هذا الرجل، كان مستخفاً بالموت وساخراً منه، حتى يسوع المسيح الذي نؤلّهه، نحن المسيحيين، لم يقف أمام الموت مستخفاً، كما استخفّ به أنطون سعاده عندما قال لجلاديه : «دعوا عينيّ مفتوحتين».
وهذا موقف سمعته منه بأذني ــ عندما كان لي أذنان ــ في بشامون في حضور رئيسنا السابق المرحوم عبدالله سعاده، والأمير مجيد أرسلان. قال الزعيم يومها في خطاب له: «ان حياتي تساوي عندي «تكة» وحكّ أحد اظافره بالثاني إشارة لتلك «التكة» ــ لأنّ الحياة بنظري كلها وقفة عزّ»، وكان ذلك على شرفة منزل رفيقنا عادل مسعود الذي لا أعرف عنه اليوم شيئاً.
ليست قصة الاستخفاف بالموت أمام الغايات السامية مسألة هينة، او بسيطة، فالمرء يكاد من صبحه الى مسائه يفكر في الموت، ويخشاه، وأنطون سعاده كان من صبحه الى مسائه يفكر في الحياة، ولم يخشَ الموت لحظة او يفكر به. هذه العبقرية في الفكر والنظام تضاف الى البطولة التي لم أجد لها مثيلاً كلها تجعلني أؤكد انّ أمثال أنطون سعاده يأتون كلّ ألف سنة مرة.
وفي كتابي الذي أكتبه هذه الأيام وآمل أن أتمكن من إنهائه، أذكر اننا متهمّون بتأليه انطون سعاده، نحن لا نؤلّه الرجل، ولم نقل في ايّ يوم انه كان نبياً، ولكنه بحق مثال إنساني نادر، لقد سمعته في شهر أيار سنة 1935 يلقي خطاباً في منزل أحد الأطباء من آل حمادة في بعقلين، وكان الحزب ما يزال سرياً. في اليوم التالي قلت لنعمة ومأمون: «تكلم الزعيم مساء أمس، كما يتكلم الأنبياء»، وأخبرتهم انّ الزعيم أعطاني نسخة من دستور الحزب للاطلاع عليها ومراجعتها، وقد كلّفني بتنسيق الدستور واقتراح ما يلزم من إضافة إليه إذا كان لا بدّ من اضافة، وقد أضفت مـادة تقول: «لا يتخذ الزعيم أيّ قرار هامّ إلا في مجلس العمد، وبعد ان سمعته اليوم، أعترف أني اخطأت، وسأرفع له رسالة، اقترح فيها شطب هذه العبارة، واستبدالها بعبارة «الزعيم مصدر السلطات التنفيذية والتشريعية، وقائد قوات الحزب الأعلى». فبعد الخطاب الفذ تأكد لي أنه يجب عدم تقييد الزعيم بنصوص تكبّل عبقريته وتحدّ من قراراته.
ونعود الى الأول من آذار، لأول أول آذار، احتفلنا به، يومها لم نكن مدفوعين إلا بعامل التقليد، كان تقليداً غريباً عن عاداتنا، ان يعيّد الناس من يحبّونهم ويحترمونهم بعيد ميلادهم، هذا الأمر لم يكن مألوفاً عندنا، هذه عادة آتية من الغرب، ونعمة تابت الذي حمل ثقافة غربية، من الجامعة الأميركية وتعلّم من جدته ووالديه الذين حملوا ثقافة انكليزية، هو الذي نبّهنا الى هذا العيد، واستمرّ الاحتفال بالعيد من هذه الزاوية، ولكنه مع الأيام تحوّل الى عيد قومي، عيّدناه يوم كان الزعيم في مغتربه القسري، وعيّدناه في السجون، في سجن الرمل، وسجن القلعة، بالرغم من الضغوط والتهديد بالعقوبات، فالأول من آذار بات يعني لنا عيد ميلاد النهضة، عيد ميلاد مؤسس الوعي القومي.
ومن ذكرياتي مع الأول من آذار لا بدّ ان اشير الى احتفال سنة 1964، يومها توجّهت الى المكسيك من جزيرة كوراساو، ونزلت ضيفاً على رفيقنا الراحل جليل رحباني، ودعانا أحد أصدقائه لتمضية بعض الوقت في الأرياف، ولبّيـنا الدعوة، وكان يومها 27 شباط، وفي غيابنا حضّرت منفذية المكسيك للاحتفال بأول آذار في النادي اللبناني، وطبعت بطاقات دعوة، ذكرت فيها اني سألقي كلمة، ومن جملة من دعت سفير لبنان في المكسيك، آنذاك المرحوم نجيب الدحداح، وعند تلقيه الدعوة استاء السفير إيّما استياء، واعتبر الأمر تحدياً له، لأنّ عبدالله قبرصي محكوم بالإعدام في لبنان بعد المحاولة الانقلابية. فما كان من السفير إلا ان حوّل الدعوة الى وزارة الخارجية المكسيكية طالباً إليها تسليمه القبرصي ليعيده الى بلاده.
استدعاني الأمن العام، واستجوبني، فاخبرت رئيسه حقيقة الحزب، وقلت له: لقد قرأت دستور بلادكم جيداً قبل أن أفِد الى بلادكم، وفيه مادة صريحة تنصّ على انه لا يجوز تسليم المحكومين السياسيين، وأعرف انّ بلادكم انتزعت حريتها بقوة السلاح، وبالثورات، فجـئت الى أرض الحرية، أرض كرامة الإنسان، فأطلق الرجل سراحي، وأقمنا في بيت الرفيق جليل الرحباني احتفالاً كبيراً احتشد فيه القوميون الاجتماعيون مع المواطنين.
لقد ارتاح أنطون سعاده الى بادرة القوميين الاجتماعيين، وارتاح أكثر عندما ذكرت له أنّ هذا العيد ستعيّده الأمة السورية، وهنا يجب ان أسجّل هذا الكلام للقوميين الاجتماعيين والمواطنين وهو أني لم أجد في حياتي انساناً متواضعاً، لطيفاً، محباً، دمثاً، خفيف الظلّ مثل أنطون سعاده، فهو لا يعرف الاستكبار ولا الاستعلاء، ولكنه عندما كان يتصرف بشيء من الجدية والوقار، فلأنّ الزعامة، لا يمكن ان تكون خفيفة كالفراشات، انها ثقل، ووقار وهيبة وجدّ.
اليوم على باب الألف الثالث الميلادي لا بدّ ان نقف وقفة صادقة مع أنفسنا، لنقول حقيقة الأمر، لقد أفشلت كلّ الحركات السياسية التقليدية، لكن امتياز عقيدة سعاده وحزبه انه ظلّ ممسكاً بمناصة الفكر الحيّ ومنسقاً مع العلوم وقضايا الأمة التي يتسارع آخرون باتجاه إدارتها، فالأحداث تعلم الأجيال. وهذه الأمة بنظري ونظر المؤمنين بهذه القضية، ستبقى وستستمر الى أن تصبح حقيقة حيّة ساطعة على الأمة السورية كلها، فالزمن مهما طال، لن يستطيع ان يلغي النهضة ولا قضيتها، لأنها قضية علم وواقع، وليس رواية من نسج خيال او عاطفة، انها حقيقة بديهية تؤكدها الجغرافيا والتاريخ والانتربولوجيا والعلوم الحديثة، انها دعوة الأمة الى طبيعتها، ونحن نؤمن انّ هذا الهلال السوري الخصيب وحدة جغرافية اقتصادية، اجتماعية، ثقافية، لا يفصل بين كياناتها إلا حواجز مصطنعة، وهذه مسألة يعرفها الجميع، وقد أثبت التاريخ وأثبتت الوقائع بطلان العقائد التي ناقضتنا بالأمر، ولذلك فقضية الأمة السورية هي قضية القرن الجديد، وهناك مواطنون أصدقاء يؤمنون بالقومية العربية، وقد قرأت مؤخراً ان الدكتور جورج حبش مؤسس حركة القوميين العرب يقول اخيراً بأربع وحدات عربية (الهلال الخصيب، المغرب العربي، وادي النيل والخليج العربي). وهذه الوحدات تعني أربع أمم، ونحن نقول بأربع أمم ونجمعها في جبهة عربية واحدة. وعندما تتحقق هذه الأمم سنسعى على غرار أوروبا إلى خلق جبهة عربية واحدة ويمكن ان تتطوّر وتصبح مع الزمن اتحاداً واحداً.
وإذا كان سعاده قد قال في كتابه العلمي «نشوء الأمم»: قد يصبح العالم كله أمة واحدة، فإني أذكر اني كنت أتمشى معه في ضهور الشوير، عندما قال لي: «تصوّر يا أمين عبدالله، انّ المريخ مسكون من قبل قوم، وخطر ببال أولئك القوم ان يحتلوا كوكب الأرض، ومن أجل أن تدافع الأرض عن مصيرها، تتحد بكلّ شعوبها لمجابهة الخطر الخارجي، وتصبح الأرض وحدة حقيقية واقعة، لأنها تجابه مصيراً واحداً…». وهذا يفسّر انّ فكرنا فكر علمي وأعتقد ان المستقبل للعلم، ولأننا علميون، والمستقبل لنا، ولو بعد مئات السنين، لا يمكن إلا ان تتحقق هذه الفكرة القائمة على العلم والعقل».

 

 

الرفيق الشهيد إبرهيم كركور

 

الرفيق إبرهيم كركور الذي اضطرته الأحداث إلى أن يغادر قريته «القنية» في الكيان الشامي، سقط شهيداً في جل الديب ليسقي بدمه أرض بلاده، فيما كان يعدّ نفسه إلى أن يستشهد فوق بطاح فلسطين حيث يحلو القتال، والاستشهاد.
في عددها الصادر في 3 حزيران عام 1960 نشرت «البناء» في صفحتها الأولى الخبر التالي تحت «مانشيت» عريض:
اعتداء على مكتب أسد الأشقر الانتخابي
سقوط قتيل بيد الدرك في جلّ الديب
«ما إن أعلن انسحاب السيد خليل أبو جودة بعد منتصف ليل أمس الأول حتى تجمهر عدد من أنصاره وساروا إلى جل الديب هاتفين للأمين أسد الأشقر ومنتصرين للائحته، فاعترضهم المدعو جورج سمعان عقل أبو جودة، وهو من أنصار المرشح الأستاذ ادوار أبو جودة، معتبراً ذلك من قبيل التحدي. فجرت مشادة كلامية انتهت دون أيّ حادث وانصرف الجميع.
وبعد فترة طويلة تزيد على الساعة والنصف، طوّقت قوة من رجال الأمن مكتب الأمين أسد الأشقر الانتخابي وأخذت تطلق النار وصادف أن كانت دورية من الدرك تحرس الرمول على الشاطئ المجاور فأخذت هي الأخرى تطلق النار عندما سمعت إطلاق النار بجوارها.
وفي هذه الأثناء خرج المغدور إبراهيم كركور من المكتب الانتخابي وما ان سار قرابة مائة وخمسين متراً حتى انهال عليه الرصاص من قبل رجال الأمن وخرّ مضرجاً بدمائه حيث توفي».
وتضيف «البناء» انّ مندوبها أجرى تحقيقاً حول الحادث أكد فيه «أنّ الرصاص لم يطلق قطعياً من المكتب الانتخابي كما لم يستعمل أيّ سلاح على الإطلاق من قبل الذين كانوا موجودين في المكتب، ولم يكن ثمة اصطدام أو تشاجر على الإطلاق».
هذا وقد أوقف جميع الذين كانوا في المكتب».
يفيد الرفيق متى أسعد في مقابلة معه بتاريخ 15/4/2004 أنه كان في بيت الشعار ويتولى مسؤولية ناظر تدريب في المتن الشمالي عندما ورده نبأ استشهاد الرفيق إبراهيم كركور، يضيف أنّ الرفيق إبراهيم لم يكن مسلحاً، عندما غادر المكتب بين بساتين الليمون لحظة هجوم قوى الأمن عليه.

التشييع
في الساعة الحادية عشرة من صباح الثالث من حزيران أقيم مأتم حافل للرفيق الشهيد إبراهيم كركور في جلّ الديب. بعد الصلاة عن نفسه في كنيسة القيامة – جل الديب – حمله رفقاؤه على الأكف من باحة الكنيسة إلى المدفن، وقبل أن يوارى الثرى ألقى الرفيق بشير عبيد (الأمين – عميد الدفاع – الشهيد لاحقاً) كلمة جاء فيها:
«يا رفيقي البطل، يا رفيق سعاده في الشهادة، يا رفيق غسان جديد وجميل سماحة وبقية القافلة. ما أحقر الرصاص الذي صرعك من الوراء، هذا الرصاص الذي تحدّيته أنت بصدرك، جبن أن يطالك فيغدر بك.
تحدّيته في الشام وتحدّيته في لبنان في معارك الحرية والكرامة، تحدّيته وأنت تؤمن كلّ الإيمان بعدالة القضية التي من أجلها تحارب وفي سبيل عزها تموت».
ثم أضاف:
«إنّ دمك الذي أريق على أرضنا سيظلّ يفديها ويغذينا بالثورة على الظلم والتمرّد على العبودية. سيظلّ دمك منارة يهدينا ويهدي الذين صرعوك ويعطي أمثولة حية رائعة. إنّ شعبنا العظيم أقوى من البارود والرصاص وأقوى من الدساسين العملاء.
هنيئاً لك خلودك يا رفيقي. وهنيئاً للجبناء فناؤهم».
نشرت جريدة «البناء» في أعدادها التي أعقبت استشهاد الرفيق إبراهيم كركور الأخبار التالية التي نرى فائدة من إيرادها على الوجه التالي:
*العدد 590، السبت 4 حزيران 1960
قام وفد حزبي مؤلف من رئيس الحزب ورئيس المجلس الأعلى ورئيس المكتب السياسي بمقابلة السيد أحمد الداعوق رئيس مجلس الوزراء والأستاذ ادمون كسبار وزير الداخلية، وقدّموا إليهما احتجاج الحزب الرسمي على الحادث. وقد أبدى رئيس الوزارة ووزير الداخلية اهتمامهما ووعدا بإجراء تحقيق عادل سريع للكشف عن المسبّبين وتحديد المسؤوليات.
كذلك قام بعض أعضاء قائمة المتن بمقابلة وزير الداخلية ناقلين إليه احتجاج اللائحة الشديد على الحادث وعلى بعض الأعمال التي تظهر تحيّز بعض رجال السلطة لبعض المرشحين وعلى مرافقة بعض رجال الأمن للمرشح السيد جميل لحود في جولاته وزياراته الانتخابية.
وكذلك قام الأمين أسد الأشقر بمقابلة فخامة رئيس الجمهورية (اللواء فؤاد شهاب) وعرض عليه صورة صحيحة عن الحادث وقد أبدى فخامة الرئيس تأثره وأسفه.
وقد تابع قاضي تحقيق جبل لبنان الأستاذ ريمون بريدي تحقيقاته في الحادث، التي استمرّت حتى الساعة التاسعة ليلاً وقد أطلق سراح المعتقلين الذين كانت قوى الأمن قد أوقفتهم عند حصول الحادث.
*العدد 593، الثلاثاء 7 حزيران 1960
لم يكن استشهاد الرفيق إبراهيم كركور والاعتداء على مكتب الأمين أسد الأشقر الانتخابي سوى حلقة في سلسلة من التعديات التي طالت رفقاء وأصدقاء في المتن الشمالي، منها الاعتداء الذي طال رئيس بلدية ضهور الشوير السيد نجيب قربان، وقد قوبل باستنكار عام في قرى المتن الشمالي التي راحت وفود منها تؤمّ ضهور الشوير مستنكرة، في الوقت الذي كان فيه العديدون يتوافدون إلى المستشفى الألماني في بيروت للاطمئنان على صحة السيد قربان.
*العدد 594، السبت 8 حزيران 1960
أوردت «البناء» أنّ الأشخاص الثمانية الذين تمّ إطلاقهم خرجوا لقاء سندات إقامة، وأنّ شخصاً واحداً ما زال موقوفاً وهو من الأشخاص الذين كانوا نياماً أثناء وقوع الحادث، وهو من آل حمية من طاريا.
*العدد 596، الجمعة 10 حزيران 1960
اعتقال الرفيق شوقي صوايا (الأمين لاحقاً) بينما كان قادماً من بولونيا إلى الضهور في إحدى سيارات لائحة «التجمع الوطني» دون أيّ مبرّر أو سبب.
*العدد 597، السبت 11 حزيران 1960
في الصفحة الأولى من عددها المصادف قبل يوم واحد من انتخابات دوائر جبل لبنان التي جرت يوم الأحد 12 حزيران، قالت «البناء»:
«كانت لائحة التجمع الوطني في المتن الشمالي قد قدّمت عدة شكاوى إلى الحكومة حول مظاهر التدخل الذي يقوم به بعض الأفراد من الأجهزة الرسمية المسؤولة. ويبدو أنّ هذا التدخل قد اتخذ في اليومين الأخيرين شكلاً سافراً، إذ أوقف الكثيرون من أنصار لائحة التجمع في قرى متعدّدة من دائرة المتن الشمالي لغير ما ذنب اقترفوه سوى قيامهم بالنشاط الانتخابي المشروع ضمن صدور القانون».
تألفت لائحة «التجمع الوطني» في المتن الشمالي من الأمين اسد الأشقر والسادة: كميل شمعون، ديكران توسباط، سليم لحود، والدكتور ألبير مخيبر.
الرفيق الشهيد إبرهيم كركور
ـ مواليد القنية (منطقة جسر الشغور – الشام).
ـ انتمى إلى الحزب في مديرية جل الديب عام 1958.
ـ استشهد في جل الديب فجر يوم الثاني من حزيران عام 1960.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى