أولى

هل تُطرد «إسرائيل» من الأمم المتحدة أو يُعاد النظر في تركيبة المنظمة الدولية؟

‭}‬ رمزي عبد الخالق
بدأت اللجنة المعنية بأوضاع المرأة في الأمم المتحدة اجتماعاتها في نيويورك منذ يوم الاثنين في 11 آذار الحالي على أن تُعقد الجلسة الختامية يوم الجمعة المقبل في 22 آذار، وقد جرى النقاش في القضايا المتعلقة بحقوق المرأة في مختلف دول العالم، حيث تتفاوت هذه الحقوق تبعاً للقوانين المعمول بها في هذه الدولة أو تلك، ولا تحصل المرأة في عدد من دول العالم على حقوقها كاملة بالمساواة التامة مع الرجل.
الجدير ذكره أنّ هذه اللجنة نفسها قرّرت في اجتماعاتها عام 2022 تعليق عضوية إيران على خلفية حادثة وفاة مهسا أميني، وذلك استناداً إلى تقارير إعلامية مُغرضة ساهمت في إعدادها غرف سوداء في العالم الذي يُسمّى حراً، والحرية منه براء وكذلك المصداقية التي لا تمتّ بأيّ صلة لهؤلاء المنافقين… حيث يتمّ استهداف الدول أو الأفراد الذين يقفون في مواجهة الغطرسة والاستكبار، وذلك بترويج الأكاذيب والأضاليل التي لا تستند إلى أيّ وقائع أو حقائق أو أدلة.
اليوم نحن في آذار 2024، بعد نحو ستة أشهر من بدء أكثر الحروب همجية وبربرية في التاريخ، والتي يشنّها العدو الصهيوني على غزة، ولا شيء في الأفق يوحي بأنّ هذه الحرب ذاهبة إلى هدنة أو وقف إطلاق النار، فالمفاوضات بهذا الشأن لا تزال متعثرة لأنّ العدو لم يستطع تحقيق أيّ نصر في الحرب وفي الوقت نفسه هو غير قادر حتى الآن أن يُسلّم بهزيمته، ويعتبر أنّ وقف الحرب من دون تحقيق الأهداف التي أعلنها في البداية يُمثل هزيمة كبيرة له ولجيشه الذي قهَرته غزة ومعها محور المقاومة الممتدّ من فلسطين إلى لبنان وسورية والعراق واليمن وصولاً إلى إيران.
إذن يستمرّ العدو بتشغيل آلة القتل والتدمير والإجرام، وهو على مدى الأشهر الخمسة الماضية لم يوفر بشراً ولا حجراً ولا أيّ مؤسسة مدنية من مستشفيات ومساجد وكنائس ومدارس ومراكز إيواء… وقد تخطى عدد الشهداء والجرحى الـ 100 ألف مواطن أكثر من 70% منهم من النساء والأطفال، إضافة طبعاً إلى مئات آلاف المشرّدين والمتنقلين بين شمال غزة ووسطها وجنوبها وصولاً إلى مدينة رفح على الحدود المصرية.
كلّ هذا القتل والإجرام لم يكن له أيّ أثر في اجتماعات لجنة المرأة في الأمم المتحدة، باستثناء ما ورد في الخطاب الافتتاحي للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي دعا إلى وقف إطلاق النار في غزة.
وفيما تمّ تعليق عضوية إيران في 2022 على خلفية وفاة مهسا أميني، تتجاهل اللجنة الأممية بشكل كامل ما تواجهه المرأة الفلسطينية الصامدة الصابرة المناضلة في مواجهة أعتى آلة إرهاب وقتل وإجرام عرفتها البشرية جمعاء، هذه المرأة الفلسطينية البطلة التي تجمع الأعشاب في هذه الأيام الرمضانية لكي تصنع منها «الفتوش» و «الشوربة» كـ إفطار لعائلتها في هذا الشهر الكريم.
وإذا مرّ ذكر فلسطين وما يحصل فيها هذه الأيام في مناقشات اللجنة الأممية المعنية بشؤون المرأة، فإنّ ذلك يمرّ بشكل عرضي من باب أخذ العلم بالشيء، بينما المفروض أن تكون فلسطين بنداً أول بل وحيداً في النقاش داخل اللجنة التي من المفترض أن تتخذ توصية بطرد «إسرائيل» من الأمم المتحدة وليس فقط تعليق عضويتها في اللجنة.
هذه «الدولة» زائلة حتماً في وقت ليس بعيداً، ولا يمكن أن تستمرّ على قيد الحياة حتى لو كانت تتلقى الدعم والرعاية من دول تعتبر نفسها دولاً عظمى وكبرى، لأنّ التراجع والضعف والأفول و«الخَرَف» بدأ يضرب هذه الدول، وفي المقابل يشهد العالم كله نهوضاً للدول والمجتمعات التي لم يعد ممكناً استغلالها أو الهيمنة عليها بعدما امتلكت كلّ أسباب القوة والمنعة، ولعلّ ما يحققه محور المقاومة في بلادنا وفي منطقتنا من إنجازات وانتصارات يعطي الدليل القاطع على أنّ زمن «السلبَطة» والتسلّط على الشعوب قد ولّى إلى غير رجعة، وأننا اليوم نعيش زمن الانتصارات التي تفتح الطريق واسعاً أمام قيام عالم جديد تحكمه العدالة والتكافؤ وعلاقات الاحترام وتحقيق المصالح المتبادلة كما هي الحال مع منظمة شنغهاي ومجموعة بريكس الآخذة بالتوسع…
ربما يستطيعون تأخير الوصول إلى هذه الأهداف النبيلة بعض الوقت، لكنهم بالتأكيد لن يستطيعوا الاستمرار بذلك كلّ الوقت، وإذا كانوا اليوم قادرين على ان يوفروا الحماية والاستمرارية لكيان العدو الصهيوني، والحؤول دون طرده أو تعليق عضويته في لجان الأمم المتحدة، فإنّ النظام العالمي الجديد الذي سنصل إليه حتماً سيكون أساسه إعادة النظر بتركيبة الأمم المتحدة برمّتها، تمهيداً لجعل المنظمة الدولية ومؤسّساتها ناطقة بالحقّ والعدالة ومجسّدة للقيَم الإنسانية التي لا مكان في ظلّها لشيء اسمه «إسرائيل»…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى