أولى

اليمن المنصور بالله يقلب المعادلات الدوليّة من بوابة غزة

محمد صادق الحسيني

أعلنت قناة زفيزدا/ Zvezda الفضائية الروسية، المملوكة لوزارة الدفاع الروسية، عبور قطعتين بحريتين روسيتين تابعتين لأسطول المحيط الهادئ، هما:
ـ الطراد الصاروخي: ڤارياغ/ Varyag.
ـ الفرقاطة: المارشال شابوشنيكوڤ/ Shaposhnikov.
وكان عبورهما الى البحر الأحمر، آتيتين من البحر العربي، بهدف القيام بعمليّات انتشار مبرمجة في بحار العالم.
ولا شك في انّ الكثير من المراقبين قد تابعوا هذا الخبر على أنه حدث روتيني تقوم به الكثير من أساطيل الدول المختلفة.
إلا أنّ الموضوع ليس كذلك على الإطلاق، خاصةً إذا ما تمّ ربطه بالمناورات البحرية المشتركة، الروسية الإيرانية الصينية، التي أجريت قبل أيام في غرب المحيط الهندي.
فماذا تعني هذه الخطوة، في ظلّ الاشتباك البحري، الواسع النطاق، الذي تدور رحاه، بين القوات المسلحة اليمنية وأساطيل الولايات المتحدة، وعدد من الدول الأوروبية، وذلك على خلفية عمليات الإسناد البحري، التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية، إسناداً للمقاومة الفلسطينية في غزة.
إذ انّ من أهمّ أبعاد هذه الخطوة، علاوة على أبعاد كثيرة، هي الآتية:
أولاً: الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر، ومضيق باب المندب، والبحر العربي، الذي تمرّ منه كميات كبيره من النفط الروسي، المصدّر بحراً الى الهند، ما يجعل أمن الملاحة في هذا البحر ومضيقه ذا أهميةً خاصةً بالنسبة لروسيا.
ثانياً: كما لا بدّ من تقييم هذه الخطوة في إطار الحشد البحري الاستراتيجي، الذي تنفذه الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، في كلّ من البحر الأحمر والبحر العربي وغرب المحيط الهندي، ضدّ كلّ من الصين وروسيا وإيران. وهو الحشد الذي تواصله تلك القوى تحت غطاء مواجهة «التهديدات الحوثية» لسلامة الملاحة الدولية في البحر الأحمر والبحر العربي.
وهي الحشود التي تهدّد الملاحة الدولية، عبر مضيقي مالاغا وتايوان، وذلك لأنّ جميع السفن التجارية، التي تبحر بين جنوب شرق آسيا و»الشرق الأوسط» وأوروبا، تبحر عبر هذه المضائق، الأمر الذي يجعل سيطرة الأساطيل الحربية الغربية، على سواحل اليمن، تشكل تهديداً استراتيجياً للدول الثلاث .
ثالثاً: أما عن طبيعة هذا التهديد الاستراتيجيّ، وكيفية فهمه، فلا يحتاج المرء سوى للعودة إلى تفجير خطوط غاز السيل الشمالي، في بحر البلطيق، الذي أدّى الى حرمان الدول الأوروبية الصناعية الكبرى، مثل ألمانيا وفرنسا وغيرهما، من مصادر الطاقة الروسية الرخيصة وإرغام هذه الدول على التحوّل الى استهلاك الغاز الأميركي المُسال، الأعلى تكلفة بكثير، وما ترتب على ذلك من مشاكل في الإمدادات وارتفاع الأسعار وتراجع القدرة التنافسية للصناعات الأوروبية، مع صناعات غيرها من الدول.
رابعاً: وهذا بالضبط ما تخطّط له الولايات المتحدة، واتباعها الأطلسيون، من وراء حشودهم البحرية في «الشرق الاوسط»:
ـ وقف صادرات روسيا النفطية الى الهند، وإرغام هذه الدولة الكبرى على اللجوء إلى مصادر نفط أميركية، وما ينتج عن ذلك من تبعية سياسية لواشنطن.
بالإضافة الى تطلُّع واشنطن لفرض السيطرة البحرية المطلقة، وبالوسائل العسكرية، على كلّ بحار «الشرق الأوسط»، بهدف عزل الصين أيضاً عن مصادر الطاقة النفطية والغازية العربية والإيرانية، وما سينتج عن ذلك من أضرار هائلة على الاقتصاد الصيني .ّ
خامساً: كما أنّ هناك عنصراً استراتيجياً، مهماً للغاية، تشي به عملية عبور هاتين القطعتين الحربيتين الروسيتين في البحر الأحمر، ألا وهو أنّ استعراض القوة هذا، في مواجهة الأساطيل الغربية، ليس إلا مكملاً موضوعياً، للعمليّات البحرية، التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية، وإنْ كان الهدف المعلن لهذه العمليّات هو:
إسناد المقاومة الفلسطينية في غزة، وفك الحصار عن القطاع المحاصر.
حيث إنّ ممارسة القوات المسلحة اليمنية السيادة البحرية الكاملة، في مياه البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربيّ، وصولاً الى غرب المحيط الهندي، يعني منع الأساطيل الأطلسية من تحقيق أهدافها، المتمثلة في منع روسيا من تصدير نفطها الى الهند ومنع الصين من استيراد النفط والغاز، من الدول العربية وإيران.
سادساً: كما انّ المعتقد هو ان تكون هذه الخطوة توطئة لتغيّر ما في السياسة الروسية خصوصاً وكذلك الصينية، البعيدة عن الموقف الحاسم مع القضايا العربية الأساسية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وهو الأمر الذي يكتسي أهمية استراتيجية كبرى لمصالح الدولتين الكبيرتين الاستراتيجية.
بعدنا طيّبين، قولوا الله…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى