مرويات قومية

الأمين ابرهيم دانيال و الأمين نسيب عازار

ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…
تُخصّصُ هذه الصفحة صبيحة كل يوم سبت، لتحتضنَ محطات لامعات من تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي، صنعها قوميون اجتماعيون في مراحل صعبة من مسار الحزب، فأضافوا عبرها إلى تراث حزبهم وتاريخه التماعات نضالية هي خطوات راسخات على طريق النصر العظيم.
وحتى يبقى المستقبل في دائرة رؤيتنا، يجب أن لا يسقط من تاريخنا تفصيل واحد، ذلك أننا كأمّة، استمرار مادي روحي راح يتدفق منذ ما قبل التاريخ الجلي، وبالتالي فإن إبراز محطات الحزب النضالية، هو في الوقت عينه تأكيد وحدة الوجود القومي منذ انبثاقه وإلى أن تنطفئ الشمس.
كتابة تاريخنا مهمة بحجم الأمة.

إعداد: لبيب ناصيف

منفذ عام غانا أواسط خمسينيات القرن الماضي
الأمين ابرهيم دانيال

عرفت غانا الحزب في أوائل ثلاثينات القرن الماضي منذ ان أسّس الرفيق رفيق الحلبي(1) أول مديرية في كوماسي، وبرز في النضال القومي الاجتماعي أمناء ورفقاء، نذكر على سبيل المثال: الأمناء أسد الأشقر، رشيد الأشقر(2)، نسيب عازار(3)، أمين الأشقر(4)، عبد الوهاب تركماني(5)، واصف فتال(6)، فارس معلولي(7)، سبع منصور(8)، عبد القادر تحوف، والرفقاء محمد شلبي(9)، فضل عقاد(10)، رشيد عازار وبطرس أبو شديد(11).
منهم أيضا الأمين ابراهيم دانيال الذي تولى في اواسط خمسينات القرن الماضي مسؤولية منفذ عام الشاطئ الذهبي (غانا اليوم).
*
ولد الأمين ابرهيم دانيال من أيوب دانيال ولطيفة شعنين، عام 1903، في بيت مري.
اقترن من السيدة صفية الأسمر من بلدة عين سعادة، ورزق منها خليل، والرفيق أمين.
لم يعرف الأمين ابراهيم العلم الكثير، بل اقتصر على مدرسة القرية. إنما، وهو المولع بالقراءة، انكبّ بعد انتمائه الى الحزب على التعمّق في العقيدة القومية الاجتماعية، والاطلاع على العقائد الاخرى.
غادر الأمين ابرهيم يافعاً الى ليبيريا، ثم انتقل قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية الى شاطئ الذهب (غانا) مستقراً في كوماسي وفيها عمل في التجارة العامة، وكان تواجد معه في المدينة الغانية شقيقاه خليل وأنطون.
فيما عاد ولداه، أمين عام 1970 وخليل عام 1971 الى الوطن، غادر الأمين ابراهيم غانا عام 1973 وقد صفى كلّ أعماله فيها، ومؤسساً أعمالاً في لبنان، ما يزال يتابعها خليل، متنقلاً في الخارج، وأمين مشرفاً على منشرة الرخام والحجارة في منصورية المتن.
مُنح الأمين ابرهيم رتبة الأمانة في شهر تشرين الأول 1954.
يوضح ابنه الرفيق أمين انه كان يرافق والده في الفترة 1953 – 1954 الى دمشق وفيها يلتقي المسؤولين في مركز الحزب.
يضيف انّ الاجتماعات واللقاءات والمناسبات الحزبية كانت تقام في نادي كوماسي الذي كان أسّسه القوميون الاجتماعيون فيها.
غيّب الموت الأمين دانيال وشيّع بتاريخ 14/12/1984 في وقت أمني عصيب جداً الى مثواه الاخير في بيت مري.
***
الجدير بالذكر انّ الأمين ابرهيم دانيال وضع دراسة في 24 كانون الأول 1958 عن سوريّة جزيرة قبرص، أورد فيها تاريخ الجزيرة، وواقع ارتباطها بالوطن، كما تناول الأهمية الاستراتيجية لقبرص.
كذلك قدّم صهره الرفيق إميل ميخايل غبريـال رسالة موجزة عن جمهورية غانا الى مؤتمر الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم للمحامين ورجال الأعمال الذي انعقد في بيروت في الفترة 5-10 آب عام 1965.
هوامش:
1 ـ رفيق الحلبي: من رفقاء الرعيل الأول وأول مدير لمديرية الطلبة وأول رفيق غادر إلى غانا. للاطلاع على ما عمّمنا عنه الدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية ssnp.info.
2 ـ رشيد الأشقر: الأمين. ولد في «ديك المحدي»، المتن الشمالي، انتمى الى الحزب عام 1943. عُرِف بـخال الحركة الثقافية في أنطلياس. للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى الموقع المذكور آنفاً.
3 ـ نسيب عازار: الأمين القديس. كما أعلاه.
4 ـ أمين الأشقر: الأمين. أحد بناة العمل الحزبي في غانا. كما أعلاه.
5 ـ عبد الوهاب تركماني: من مواليد بلدة «المتراس»، الشام، عام 1923، شارك في الثورة القومية الاجتماعية وتمكن من عبور الحدود الى الشام، فإلى المهجر الأفريقي. مُنح رتبة الأمانة. استقرّ في كوماسي متولياً أكثر من مرة مسؤولية مفوض الحزب فيها.
6 ـ واصف فتال: ابن مدينة طرابلس. مُنح رتبة الأمانة. هاجر الى غانا وحقق نجاحاً فيها. للاطلاع على ما عممناه عنه الدخول الى الموقع المذكور آنفاً.
7 ـ فارس معلولي: من بلدة راشيا الوادي، تولى مسؤوليات عديدة وكان ناشطاً في الأربعينات ثم في الخمسينات عندما انتقل الى دمشق، في تموز 1949. بعيد ذلك غادر الى أكرا -غانا وكان رجل أعمال ناجح. مُنح رتبة الأمانة في تشرين الأول 1954.
8 ـ سبع منصور: الأمين سبع منصور حردان. غادر يافعاً الى أكرا. كان وجهاً ناصعاً من وجوه العمل الحزبي في أكرا، حتى إذا عاد الى الوطن لفتني بسعة ثقافته وشمولها مواضيع فكرية وسياسية. كان ملبياً للعمل الحزبي. تولى مسؤولية عميد. وافته المنية في شهر تشرين الثاني عام 2017. للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى الموقع المذكور آنفا.
9 ـ محمد شلبي: ابن طرابلس، المناضل القومي الاجتماعي في كلّ من غانا ولندن. للاطلاع على النبذة، كما آنفا.
10 ـ فضل عقاد: من طرابلس، بسيارته انتقل رفقاء لنقل رئيس الحزب في حينه الرفيق جورج عبد المسيح من دمشق الى الزبداني. للاطلاع كما آنفاً.

الأمـين القديس

الأمين نسيب عازار أطلق عليه لقب «الأمين القديس» قبل ان يصبح الأمين الشهيد في المجزرة التي ارتكبها الوحوش في بلدته عينطورة.
حاولت كثيراً الكتابة عن الأمين نسيب كما عن شقيقه الرفيق رشيد عازار فما تمكنت بسبب خلو ملفه من المعلومات المفيدة.
أذكر انّ آخر رفيق كنتُ بحثت معه هذا الواجب هو الرفيق ميشال عازار. إليه أعيد تذكيره بأهمية إعداد المعلومات التي نعيد نشرها عن سيرة ومسيرة الأمين القدوة، القديس، الشهيد نسيب عازار، وعن شقيقه الرفيق المناضل رشيد عازار.
حبّذا لو انّ فروعنا الحزبية تهتمّ بواجب تكريم الراحلين من المناضلين القوميين الاجتماعيين فننشر ذلك لتكون تلك النبذات إحدى مراجع تاريخ الحزب.
*
كانوا يدعونه «قديس الحزب» لما عُرف عنه من مزايا الصدق والاستقامة والتفاني والتضحية. هو الأمين الشهيد نسيب عازار.
عنه سيحكى الكثير اذ نباشر باعداد النبذات عن الرفقاء الشهداء الذين سقطوا في سنوات الحرب اللبنانية. وهذا الامر يتطلب جهداً غير قليل.
عن مذكرات الامين علي المير ملحم هذه الشهادة:
« في خريف عام 1961، خطط الحزب للقيام بثورة مسلحة لقلب نظام حكم اللواء فؤاد شهاب وتقرّر ذلك على أعلى المستويات في الحزب.
« كي يؤمّن الحزب الأموال اللازمة للحركة دعا القوميين الاجتماعيين للتبرع، وبالطبع لم يفصح عن السبب الحقيقي بل وضع القوميين بصورة عاطفية معلناً حاجة الحزب القصوى لتغطية المصاريف اللازمة لاستمرار مسيرة الحزب.
« تمّت دعوة الموسرين من القوميين الاجتماعيين الى اجتماع في مركز الحزب برأس بيروت، وفي الاجتماع ألقى رئيس الحزب الأمين عبدالله سعادة خطاباً عاطفياً حماسياً شارحاً وضع الحزب المالي وطلب من الحضور المساهمة بالدعم المالي.
« كُلفت في هذا الاجتماع مع رفقاء آخرين بتسجيل المبالغ التي تعهّد الرفقاء بدفعها وباستلام الشيكات الفورية من بعضهم.
« ومن جملة من استلمنا شيكاً منه «الأمين القديس الشهيد نسيب عازار»، وعندما عرضنا على حضرة الرئيس الشيكات وحصيلة التبرعات قال: ما هذا؟ شيك من الأمين نسيب عازار بمبلغ 50 ألف جنيه، إني أجزم بأن هذا كل رصيده في البنك، ثم دعاه الى مقابلته وقال له: إني أرفض هذا المبلغ لأنه مرهق لك، انما أصرّ الأمين نسيب على ما تبرع به، وحصل جدال حول هذا الموضوع بينهما.
« وخلال الجدال قال رئيس الحزب: إني أرفض استلام هذا الشيك، عندئذٍ أجابه الأمين الشهيد نسيب عازار قائلاً: « في حال إصرارك على الرفض سأقدم شكوى بحقك الى المجلس الأعلى في الحزب بدعوى أنك تثبط من عزيمة القوميين الاجتماعيين».

 

مدرسة النهضة في أوتاوا

من باب حرصنا على نشر كلّ ما يفيد تاريخ الحزب، بشهدائه، ومناضليه، وأحداثه، إلى الكثير من المعلومات، فتبقى بتصرّف كلّ باحث يرغب في أيّ وقت آتٍ أن يكتب عن تاريخ الحزب، أو أيّ حقبة أو مرحلة على امتداد تاريخ غني بدأ عام 1932 ولن ينتهي.
*
خلال تفقّد محفوظاتي، عثرت على ما كان صدر في عدد جريدة «البناء» بتاريخ 26/8/1986 لمراسلها في أوتاوا عن مدرسة النهضة في كندا، آملين من الرفقاء الذين كانوا نشطوا حزبياً في تلك المرحلة، أن يغنوا النبذة المرفقة، بما يضيفونه من معلومات وصور قد تكون في حوزتهم.
***
في جو من الألفة والسرور، أقامت مدرسة النهضة لتعليم اللغة العربية، في العاصمة الكندية أوتاوا، حفلتها السنوية مساء الخامس والعشرين من حزيران المنصرم، وذلك احتفالاً بالذكرى الثانية عشرة لتأسيسها.
حضر الحفل قرابة الـ 400 شخص من أبناء الجالية السورية في أوتاوا، الذين أمضوا وقتاً ممتعاً في مشاهدة النشاطات الفنية التي قدمها طلاب المدرسة، والتي كانت بمجملها انعكاساً لبطولة شعبنا في انتفاضته الشعبية في فلسطين، وفي مقارعته لرموز الصهيونية في لبنان.
حضر الحفلة كلّ من هيئتَي منفذية كندا ومديرية أوتاوا، وكانت نشاطات الطلاب على الشكل التالي:
1 ـ رقصة أغنية ريمي بندلي «نحنا الربيع».
2 ـ اسكتش «يا معلمتي إجا الديب».
3 ـ أغنية «يللا نعمّر يا أصحابي»، قدّمها طلاب الصف الرابع.
4 ـ دبكة «طلوا طلوا الصيادي» قدّمتها فرقة النهضة للفنون.
5 ـ أغنية «بحبك يا لبنان» قدّمتها الزهرة مريام خليل.
6 ـ دبكة «ع العالي الدار» قدّمتها فرقة النهضة للفنون.
افتتح الحفلة العريف بكلمة جاء فيها: أودّ أولاً بِاسم مدرسة النهضة، إدارة وطلاباً، أن أرحب بحضرة الأمين الجزيل الاحترام عجاج المهتار بيننا، وأن أهنئه على نجاح العملية الجراحية التي أُجريت له، فأهلاً وسهلاً به عائداً بكل ما أوتي وأكثر إلى ساح النضال.
أما عنوان حفلتنا لهذا العام، فهو :الذكرى الثانية عشرة لتأسيس مدرسة النهضة في أوتاوا. هي تجديد للعهد بأنه لا يمكننا أن نتخلى عن بلادنا وشعبنا وأهلنا. هي تعميق للعلاقة الطبيعية الحية يترجمها أشبالنا وزهراتنا في باقة من النشاطات التي نأمل أن تنال إعجابكم. فهي عبارة عن مجهود متواضع سعى إليه طلابنا وطالباتنا ليظهروا من خلاله براءة الطفولة وحيويتها وحبهم وتقديرهم لأخوتهم وأخواتهم في الوطن».
بعدها ألقى مذيع مديرية أوتاوا الرفيق أيوب أيوب كلمة إدارة المدرسة. وجاء فيها: «يسرّني بادئ ذي بدء أن أرحب بكم في حفلة العشاء السنوية، وأقدم لكم شكرنا لمشاركتكم ودعمكم لنا. كما أودّ أن أشكر إدارة ومعلمي مدرسة النهضة لتضحيتهم وعطائهم الممكن لاستمرار هذا العمل النهضوي في وقت يتراجع فيه إنساننا أمام المد الطائفي.
بعد انقطاع غير قصير، نعود لنلتقي نحن وإياكم، ونشاهد براعم جديدة قد تفتحت مالئاً أريجها الصدور أملاً وعزة وثقة. نرى براعم جديدة تتألق لتوسع دائرة المحبة والانسجام بين المغتربين، ولتخلق بحراً عذباً يليق بهذه الروافد النقية. نعود لنشاهد كيف جمعت مدرسة النهضة هذه الزهور بعضها إلى بعض، وعرفتها على حقيقة وتراث بلادها، فأضافت على ذلك التراث الجميل زهرة صغيرة تعانق أخواتها في المجتمع الكندي الذي نقدّر، وتعمل من أجل تضامن وتعاون الشعوب الوافدة إليه.
مواطنينا الأحباء…
في هذه الحالة المؤلمة التي يعيشها وطننا، نحن، وأعني بنحن، نحن وأنتم الطلاب، في أمسّ الحاجة إلى تعميق الجذور الموجودة مع الوطن، وخلق الوحدة الاجتماعية وبعث النهضة الفكرية وصون الأشبال وربطهم بالوطن الأم. فكم هو رائع أن نمدّ يداً مرتبطة عضوياً بتراث الوطن وثقافته. فهذه اليد هي الوحيدة القادرة على العطاء، القادرة على دعم أطفال الانتفاضة الشريفة في فلسطين الحبيبة، وتضميد جراح أهلنا وتحقيق السلم الأهلي في لبناننا العزيز.
أيها المغتربون،
لا تقولوا ما لنا ولما يحدث في الوطن الذي هجرناه، فأنتم سوريو المنشأ والهوية وشرفكم مقيّد بشرف بلادكم. لا تقولوا قد أصبحنا بين أمم حرة، فلننس عبودية الأمة التي خرجنا منها، فأنتم بين الأمم الحرة كالحلميات تمتصّ من حيويات غيرها. فإذا لم تكونوا أنتم أحراراً من أمة حرة فحريات الأمم عار عليكم.
لا تسألوا ماذا فعل وطننا لنا، بل سلوا: ماذا نستطيع أن نفعل نحن لوطننا».
لمحة عن مدرسة النهضة
ـ أسست مديرية أوتاوا – كندا في الحزب السوري القومي الاجتماعي مدرسة النهضة عام 1977، وذلك بهدف تعليم اللغة العربية والتراث السوري لأبناء الجالية السورية المتواجدين في العاصمة الكندية.
ـ فتحت مدرسة النهضة أبوابها في شهر آذار من عام 1977، وكان عدد طلابها آنذاك ثلاثة وعشرون، حيث اقتصر على أبناء القوميين الاجتماعيين وأصدقائهم. وكانت الدروس تُعطى في إحدى غرف جامعة أوتاوا قبل ظهر كلّ نهار سبت.
ـ خلال ثلاث سنوات من تأسيسها ارتفع عدد الطلاب إلى مئتين وثلاثين طالباً وطالبة. ممّا اضطر إدارة المدرسة إلى استئجار مبنى كامل تابع لأحد المعاهد الكندية.
ـ استطاعت مدرسة النهضة خلال السنوات الخمس الأولى من جمع كافة أبناء الجالية السورية حولها، وذلك عبر نشاطات عديدة كالمسرحيات والحفلات وغيرها، إضافة لإنشائها أول فرقة للدبكة من نوعها في أوتاوا.
ـ إلى جانب إعطاء الدروس خلال دوام المدرسة، تمّ إنشاء نادٍ للأشبال، حيث يقوم الطلاب بنشاطات رياضية متنوعة وبحضور حلقات تثقيفية وإذاعية.
ـ وفي عطلة الصيف يتوجه أشبال وزهرات أوتاوا إلى مخيم صيفي تشرف عليه مديرية أوتاوا، ويعتبر تكملة لبرامج المدرسة، حيث يقضون فترة أسبوعين بين أحضان الطبيعة، يقومون خلالها بعدة نشاطات تقرّبهم من بعضهم البعض وتزيد من معرفتهم بتراث أجدادهم، وتاريخ أمتهم الأصلية والأصيلة سورية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى