مقالات وآراء

حيّدوا دول الطوق وبوحدة الساحات تمّ تطويقهم

صادق القضماني

في مستهلّ قراءة المشهد الحالي، لا بدّ من التأكيد على أنّ الصراع في المنطقة بين أصحاب الأرض والحق، وبين قوى الاستعمار وصنيعتهم “إسرائيل،” بعمر المؤامرة وتتفاوت قوتها وخفوتها بالظرف الموضوعي والتحالفات الدولية، لذلك نستطيع التأكيد أولاً على أنّ شعبنا الفلسطيني أثبت خلال قرن من الزمن أنه عصي على الاستسلام، وما زال يناضل ويقاوم ليومنا هذا، حيث راكم من نضالاته سبل التطور الى تحقيق إمكانيات عظيمة شهدناها خلال عملية طوفان الاقصى وبعدها، وثبت عظمة وبسالة الشعب الفلسطيني بالصبر وعدم تكرار خطيئة النزوح حتى لو كلفه هذا حياته.
وجديد بالذكر، بأنّ ذهنية التحرير تجسّدت في قرار تحرير الأراضي التي احتلت عام 1967، وحققت سورية فيها إنجازاً أسّس لحقيقة، بأنّ الكيان لا يمكنه البقاء بلا حماية مباشرة من دول الاستعمار الآباء الشرعيين له.
استناداً للتاريخ المشرّف، ولعدم القدرة على تسليط الضوء على تفاصيله في هذه المقالة، سنقرأ الواقع الحالي وأثره على مستقبل الكيان من خلال إنجازات المقاومة العسكرية في المنطقة.
على المستوى العملي، فإنّ خروج جيش الاحتلال عام 2000م من جنوب لبنان، على وقع تعاظم قوة المقاومة وتنفيذ عمليات بجنود الاحتلال، قد وضع أساس الجدوى للمقاومة من ناحية، ومن ناحية أخرى وضع حداً لأحلام الكيان الصهيوني التوسعي لتحقيق خطته بإقامة ما يسمّى (إسرائيل الكبرى).
في سياق ذلك الإنجاز، فإنّ المقاومة في لبنان عام 2006 أسقطت دعاية الميركافا كدبابة لا تقهر، وضربت بارجة حربية كرسالة عن قدراتها في حال لم يتوقف العدوان، وجعلت من مقولة الجيش الذي “لا يُقهر، مهزلة تتأصّل في ذهنية شعبنا العربي والإسلامي، وفوبيا وجودية لمجتمع مستوطني الكيان.
بما لا يدع مجالاً للشك، بعد طوفان الأقصى أسقطت المقاومة في فلسطين (غزة) هيبة الجيش البري للعدو، وجعلته جيشاً غير قادر إلا على تدمير أبنية من إسمنت، واستهداف سكان عزّل، فكان صاروخ الياسين سلاحاً يجعل من الميركافا وجميع الآليات البرية أهدافاً سهلة لتدميرها وقتل وجرح مَن فيها.
ومن جهة أخرى في أحداث الأشهر الأخيرة، فإنّ جبهة الإسناد في جنوب لبنان، أضافت إلى إنجازات الماضي، وأكدت أنّ العدو غير قادر على فتح جبهات كما يدّعي، وثبتت بأنّ جيشه البري لا يستطيع أن يحمي حدود كيانه ولا مستوطنيه، بل أصبح هدفاً سهلاً للمقاومة على امتداد الشريط الحدودي، وبعمق يختاره قادة المقاومة بما يرونه مناسب.
وعلاوة على ذلك، فإنّ اليمن العزيز بمقاومته الباسلة أسقط فكرة تحييد دول الطوق، ليتجسّد في مقاومته حقيقة جديدة، بأنّ الكيان مطوّق بوحدة الساحات، والمسافات باتت من الماضي في مواجهة العدو ومن خلفه من دول الاستعمار.
بطبيعة الحال، المقاومة في العراق وسورية، أسقطت أهداف احتلال العراق والتآمر على سورية من أجل إنهاء دورهما التاريخي في المنطقة ونهجهما من أجل تحرير فلسطين وكلّ أرض محتلة.
في سياق جميع الحقائق السابقة فإنّ الجمهورية الإسلامية في إيران ومن خلال توجيه صفعة للكيان على اثر استهداف قنصليتها في دمشق، قد استطاعت فرض معادلة تؤكد بأنّ كامل الكيان بنك أهداف ممكن تحقيق نتائج فيها، وما يجبر المحور على عدم فتح حرب إقليمية، هو حكمة قيادته لتجنّب حرب عالمية تكون شعوب المنطقة الضحية الأساسية فيه.
من الجدير ذكره، قبل الردّ الإيراني، كان التفوّق الجوي الصهيوني سلاحاً يشهره قادة الكيان للتهديد من جهة ولإقناع بعض الدول بأنه قادر على حمايتهم،
بعد الردّ وحجمه ونتائجه، سقطت ديباجة التفوّق الجوي الصهيوني، فالتفوّق يعني الردع أولاً، وليس القدرة على الهجوم.
وبناءً عليه، وبعد سقوط ديباجة التفوّق الجوي، ماذا تبقّى لهذا الكيان من أعمدة تحمي وجوده؟
هو محمي بقوة دول الاستعمار والاستكبار، فهل سيفهمون بأنّ زمن النهب والاستعمار الى زوال وعليهم النظر لحقوق شعبنا الفلسطيني وأمتنا، باستعادة حقهم.
في خلاصة القول، أثبت محور المقاومة بأنه قادر على استعادة الحق عسكرياً، ولكن القلق على الناس، هو ما يؤخر القرار، لكن القرار اتخذ من زمن وعليه تمّ بناء هذه المنظومة الدفاعية الهجومية التي باتت تكرّس فعلها في طريق القدس بإتجاه بوصلة الأمة وقبلتها.
في الخاتمة وكما في البداية، كلّ هذا التطور، قد أثبت شعبنا الفلسطيني انه لن يُقهر ولن يستسلم وسيبقى يناضل ويقاوم الى يوم إحقاق حقه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى