لا خطوط حمراء بعد اليوم
د. معن الجربا*
من الواضح أننا دخلنا في مرحلة جديدة من الصراع، فما بعد الردّ الإيراني ليس كما قبله، فاليوم بدأت قواعد لعبة جديدة، حيث إنّ هذه الخطوة ما هي إلا إعلان عن استعداد محور المقاومة للتصعيد الى أبعد مدى ممكن أن يتصوّره الطرف الآخر، فلا خطوط حمراء بعد اليوم.
راهن الكثير في الساحة الإعلامية والسياسية متهكّماً ومستهزئاً على أنّ الردّ الإيراني لن يأتي وسوف تحتفظ إيران بحق الرد كالعادة، ولكن الرد أتى ولم يتأخر كثيراً، فأُسقط بأيدي المستهزئين والمتهكمين، وانقلبوا صاغرين خائبين… وبدل أن يعودوا إلى رشدهم، ذهبوا نحو الهروب للأمام، وبدأوا بإطلاق الشائعات، تارة بأنّ هذه الصواريخ مفرّغة من المواد المتفجرة، وتارة بأنّ هذه الهجمات متفق عليها وما هي إلا مسرحية مضحكة، وما الى ذلك من افتراءات…!
نقول لهؤلاء ألا يكفيكم ان تكون هذه الهجمات أكبر إهانة لـ «إسرائيل» حيث انها أصبحت تتلقى الصفعات من كلّ الجهات دون أن تستطيع تغيير المعادلات على أرض الميدان للمرة الأولى منذ تاريخ نشأتها وتأسيسها؟! ألا يكفيكم أن يتمّ توحيد الجبهات بين محور المقاومة لكسر أنياب النسر الأميركي وخلع قلب الأسد الأوروبي وتقليم مخالب الكيان الصهيوني أمام العالم كله من خلال أبطال فلسطين ولبنان وسورية واليمن والعراق وإيران الجمهورية الإسلامية؟
فإذا كنتم تصرّون على البهتان والتجنّي بأنّ كلّ هذا ما هو إلا مجرد مسرحيّة، إذاً ألا تتفقون معي أنها أجمل مسرحية ممكن أن نشاهدها حيث إننا نشاهد إذلال أميركا وأوروبا والكيان الصهيوني دون ان يستطيعوا تحريك ساكن…!
أيّ مسرحية هذه التي يقبل فيها الغرب وأميركا والكيان الصهيوني أن تداس سمعته بالأقدام أمام كلّ شعوب العالم؟ ما لكم كيف تحكمون؟! واين عقولكم أيها الناس؟!
دائماّ كنا نقول إنّ محور المقاومة يستخدم النفس الطويل في المعركة مع الغرب وأميركا والكيان الصهيوني. هذا النفس الطويل في المعارك يعني استنزافاً لطاقة العدو بأقلّ خسائر ممكنة، حيث إنّ حرب الاستنزاف هي أفضل وسيلة حربية ممكن استخدامها عندما تكون موازين القوى لصالح الطرف الآخر. وهذا ما شاهدناه خلال تحرير الأراضي اللبنانيّة وتحرير غزة وصمود سورية ونهضة العراق وقيامة اليمن ونجاح الثورة الإسلامية الإيرانية في تخطي كلّ مؤامرات الحصار خلال ما يقارب الخمسة عقود.
نحن كشعوب عربية وإسلامية علينا ان لا نستعجل النتائج لأنّ هذه حرب طويلة. وهذه الحرب هي حرب نقاط وليست حرب الضربة القاضية، ومحور المقاومة هو الذي اختار هذا الأسلوب في هذه الحرب لكي يجنّب شعوب المنطقة ويلات الحروب الكبرى، ولن يذهب محور المقاومة إلى حروب الضربات القاضية او الدمار الشامل إلا إذا فرضت عليه هذه الحرب وهذا الأسلوب، وهو مستعدّ لهذه الحرب الكبرى أيضاً بعون الله وعزته ونصره.
*باحث سعودي داعم لمحور المقاومة