أولى

مَن يريد فعلًا إنهاء ملف النازحين السوريين؟

فتح ملف النازحين السوريين على مصراعيه بعد حادثة مقتل المسؤول في حزب القوات اللبنانية باسكال سليمان على يد عصابة سرقة سيارات لبنانية سورية، كما قالت تحقيقات مخابرات الجيش اللبناني، وما أعقبها من أفعال انتقامية عنصرية بحق السوريين العابرين على الطرق الدولية، بمن فيهم الزوار، وتجييش البعض حملات تطهير عرقيّ بحقهم في الأحياء والمحال التجارية.
تدخّلت سفارات الدول الغربيّة والمنظمات المانحة لوقف الحملات العنصرية، والأحزاب السياسية التي ينتمي إليها الذين جيّشوا الحملة تخشى غضب السفارات، فأعلنت إدانة الاستهداف العنصري. والسفارات لم تعترض حبًّا بالسوريين بل حرصًا على الدور الذي تدَّخرهم لأجله وتعترض على عودتهم الى بلادهم بسببه، وهو المواجهة مع المقاومة في توقيت مناسب ومناخ احتقان مذهبيّ لا يبدو متاحًا، أو التلاعب بالوضع السياسي السوري عبر تصويتهم في استحقاقات دستوريّة مقبلة، وتخشى لمناخ الاحتقان بينهم وبين هذه الأحزاب الحليفة للغرب أن تخرّب عليها هذه الفرضيات.
منذ هدوء العاصفة والكلام السياسي اللبناني يشهد حفلات زجل تحت عنوان أولوية إعادة النازحين، ويصدق البعض هذا الكلام عن الأولوية لما يرافقه من شواهد تتصل بالدعوة إلى مواقف حكومية وقضائية وأمنية تعالج بعض الظواهر السطحية في الملف، بينما الكل يعلم أن الملف سياسيّ بامتياز وحله السياسي ليس عند الدولة السورية ولا عند حلفائها ولا عند النازحين. فالكل يعلم أن أكثر من 75% من السوريين المقيمين في لبنان يذهبون إلى سورية ويعودون منها. ما يعني أن ربط العودة بالحل السياسي للأزمة السورية مفتعل وخبيث، وأن القضية ببساطة هي بموافقة المانحين الغربيين على نقل تمويل مساعدات النازحين من لبنان الى سورية ورفع العقوبات عن المشاريع الخاصة بالبنى التحتية في المدن والبلدات السورية، وأن هذه الدول الغربيّة المانحة لا تزال ترفض ذلك، وفي طليعتها صاحب العقوبات الأميركيّ.
أولويّة دول الغرب وأميركا في المقدّمة هي المواجهة مع المقاومة ومع الدولة السورية، وهي لذلك تتمسّك ببقاء النازحين. فهل حسم الذين يقولون بأولوية عودة النازحين أمرهم، ولم تعد طليعة أولوياتهم مواجهة المقاومة والدولة السورية، بينما الواقع وخطابهم يقولان العكس. وحيث لا يمكن الجمع بين أولويتين متناقضتين، فإن من يتصرف على أن أولويته مواجهة المقاومة والدولة السورية ويستقوي بالغرب ويلجأ إلى حضنه، لا يجرؤ على مواجهة الغرب والقول إن معيار علاقات لبنان الخارجيّة دولة وأحزاباً هي موقف الخارج دولًا ومنظمات من قضيّة عودة النازحين، ومعيارها نقل تمويلهم إلى بلادهم ورفع العقوبات عن مشاريع إعادتهم ومستلزماتها.
مَن يقول خلاف ذلك كذّاب ومنافق، ويستخدم الحديث عن عودة النازحين للاستثمار الإعلامي ولا يستحق حتى النقاش.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى