مقالات وآراء

انتفاضة الجلاء العظيم يوم 7 نيسان 1946

‭}‬ ربا يوسف شاهين ـ سورية
دام الانتداب الفرنسي على سورية في المنظور الدولي واحد وعشرين عاماً ما بين 1922 و 1943 ولكن الاحتلال الفعلي لهذا البلد دام من عام 1920 حتى 1946.
وقد شهدت فترة الاحتلال العديد من الثورات المسلحة التي لا تزال شاخصة في الصفحات البيضاء لتاريخ الدولة السورية العريق بالتضحيات والبطولات.
فثورة الشيخ صالح العلي التي سطرت معنى النضال والدفاع عن الأرض لمدة أربع سنوات، وثورة ابراهيم هنانو حيث قام بإعلان الثورة ضدّ الفرنسيين رسمياً أواسط شهر أيلول 1920 والتي شارك فيها عموم الشعب السوري للحدّ من جرائم المحتلّ الفرنسي… ثورات عديدة تخللت الثورات المذكورة قضاها الشعب السوري في كفاحه المسلح للخلاص من هذا المحتلّ الغاصب الذي جاء وفق صكوك الانتداب على الشرق الأوسط لاحتلاله وسرقة حضاراته وثرواته والتمهيد للمؤامرة الكبرى على فلسطين المحتلة.
لم تستطع القوات الفرنسية على مدى 21 عاماً من الاحتلال ورغم كلّ محاولاتها النيل من سورية وتقسيمها إلى دويلات رغم ما فعله المفوض السامي الفرنسي في سورية ولبنان آنذاك الجنرال غورو محاولاً تقسيم سورية إلى سبع دول متجاهلاً القواعد التفصيلية لنظام الانتداب من الجهة الدولية المختصة ورغم ذلك لاحظ الجنرال غورو أنّ سياسة التفرقة والتجزئة لم ترق لأبناء الشعب السوري بمختلف فئاته وطوائفه حيث أنّ الثورات التي حدثت منذ «معركة ميسلون» كانت تقوم على مبدأ البعد عن الروح الإقليمية واللاطائفية حيث اشتركت جميع الطوائف والمذاهب في هذه الثورة ففي السجل الذهبي لشهداء الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش عدد لا بأس به من أبناء الطائفة المسيحية.
وخلال سنوات الانتداب الفرنسي شكل الشعب السوري والحكومة السورية طوقاً حامياً يزعزع قدرة السلطات الفرنسية من تحمّل الاغتيالات والمضايقات التي يتعرّض لها ضباطه وجنوده.
وفي السابع عشر من نيسان عام 1946 خرجت مظاهرات عمّت دمشق وحمص وحماة واللاذقية وتطورت إلى صدامات مع سلطة الانتداب الفرنسي خاصة مع قصف دمشق بالمدفعية الثقيلة واحتلال مبنى البرلمان السوري وما تبعه من غضب عارم للشعب السوري على استشهاد ضباط وجنود البرلمان السوري، فكان لا بدّ من تدخل رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل وتمّ وقف القصف وبدأت المفاوضات الثلاثية التي أدّت إلى جلاء القوات الفرنسية عن سورية.
ومنذ ذاك الوقت حتى يومنا هذا لا تزال تداعيات الوجود للمستعمر البريطاني والفرنسي وقبله المحتلّ العثماني الذي مهّد وسلم لواء اسكندرون إلى فرنسا وبريطانيا، ثم إلى تركيا، كما سُلمت فلسطين للكيان الصهيوني الذي أحدث ويُحدث أفظع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني على مدى 75 عاماً.
في المحصّلة القاعدة التي يحاول العدو دائماً ترسيخها للنيل منا «فَرّق تسُد» لم تستطع في سورية أن تحقق أهدافها ولذلك أعاد صياغتها بمصطلحات أخرى كالإسفين الذي غرز في أرض فلسطين فما زالت يده الإجرامية وعتادهم العسكري يرتكب أفظع الجرائم بحق أهلنا في غزة الأبية وفي فلسطين المحتلة عموماً وبأشكال مختلفة لإعادة رسم ملامح جديدة أرادها الغرب المتصهين.
ولكن سيبقى عيد الجلاء في سورية شاخصاً في صفحات التاريخ كالشمس التي لا يمكن حجبها، وسيبقى الهدف الأول لهذه الشعوب هو التصدي والنضال حتى استعادة كافة الحقوق المسلوبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى