أولى

المحور الذي لا يُقهر والكيان الهش

‭}‬ شوقي عواضة
باتت منظومة الرّدع لدى العدوّ الإسرائيليّ أكثر ضعفاً وتهشّماً بعد عمليّة الرّدّ الإيرانيّ ومعها سقطت أحدث منظومات الدّفاع الأميركيّة والبريطانيّة والفرنسيّة وغيرها. خرجت إيران منفردةً للردّ على العدوان الإسرائيليّ الذي استهدف القنصليّة الإيرانيّة في دمشق في ذروة استنفار العدوّ لتلقّف الضّربة وخلفه رفع الأميركيّ والفرنسيّ والبريطانيّ درجة الاستنفار في كلّ قواعده في الخليج واستنفار بوارجه الحربيّة وحاملات طائراته في البحرين الأحمر والمتوسط للدّفاع عن الكيان المؤقت بالرّغم من علمهم بانطلاق عمليّة الردّ الإيرانيّ، وبالرّغم من كلّ هذا الكمّ من الحشد العسكريّ الذي ضمّ أكبر وأحدث الترسانات العسكريّة للدّول النّوويّة، إلّا أنّ كلّ ذلك أثبت فشله الذّريع أمام الصّواريخ والمُسيّرات الإيرانيّة التي أصابت أهدافها بدقة متناهية.
فـ إيران التي نجحت عمليّتها بامتياز على المستويين الاستخباريّ والعسكريّ تمتلك معلوماتٍ كاملةً عن منظومات الدّفاع الصّاروخي لكيان العدوّ ولديها بنك معلومات استخباريّ كبير ودقيق بالمعلومات ولديها قائمة بتفاصيل الدّول التي تدخّلت للدّفاع عن كيان العدوّ، كلّ تلك العناصر أدّت إلى نجاح عمليّة الردّ الإيرانيّ وتدفيع العدوّ وخلفه أميركا وبريطانيا وفرنسا كلفة باهظة في التصدّي الذي لم يحقّق أهدافه ولم يحمِ الكيان من عمليّة الردّ وتحقيق هدف العمليّة وقد بلغت كلفة التصدّي للصّواريخ والمسيّرات الإيرانيّة داخل الكيان 1,4 مليار دولار إضافة إلى مليار دولار قيمة الصّواريخ الأميركيّة دون الحديث عن التّكلفة البريطانيّة والفرنسيّة وغيرها فمنظومات الدّفاع الصّاروخيّة من الثاد إلى القبة الحديديّة ومقلاع داوود وحيتس والصّواريخ التي استعملتها الولايات المتحدة في المواجهة من صواريخ SM-2 وSM-6 و صواريخ SM-3 للتصدّي لخطر الصّواريخ الباليستيّة الصّادر من إيران ومنظومة الباتريوت واستنفار سلاح الجوّ. كلّ تلك المنظومات تهاوت وفشلت في استيعاب أعداد الصّواريخ والمُسيّرات الإيرانيّة كلّ ذلك أسّس لمرحلةٍ جديدةٍ من الصّراع وفقا للآتي:
1 ـ إنّ دفاع أميركا وبريطانيا وفرنسا عن الكيان كشف عن مدى ضعف وهشاشة هذا الكيان الذي بات غير قادر على الاستمرار بالحياة دون حلفاء.
2 ـ دخول إيران على خطّ المواجهة المباشر مع الكيان وتثبيت استراتيجيّة جديدة في المواجهة المقبلة.
3 ـ إرساء إيران لقواعد اشتباك جديدة وتقديم تصوّر لمعركة زوال الكيان المؤقّت.
4 ـ التّأكيد على المستوى السّياسيّ والدّيبلوماسي وأنّ الكيان وداعميه لن يكونوا في مأمنٍ من الرّدّ على أيّ عدوانٍ جديدٍ.
5 ـ وضع حدٍّ للإجرام الصّهيوني بحقّ الفلسطينيين والمنطقة والتأكيد على عدم شرعيته ووجوده مهما حشد من حلفاء.
إضافة إلى ذلك فإنّ عمليّة الردّ الإيرانيّ لم تواجَه بتحالفٍ عسكريٍّ دوليٍّ وعربيٍّ وحسب بل إنّها شهدت تصدياً إعلاميّاً كاد أن يصل إلى مستوى كلفة الدّعم العسكريّ للكيان من أميركا وغيرها من دول التّطبيع للتّقليل من أهميّة الردّ الإيرانيّ ومحاولة تشويهه والتّخفيف من إنجازاته التي حقّقها، وقد سخّرت ملايين الحسابات والصّفحات والمواقع الإلكترونيّة للتصدّي للعمليّة الإيرانية، ومثلما كانت منصات الصّواريخ الأميركيّة والإسرائيليّة والبريطانيّة والفرنسيّة تتصدّى للصّواريخ والمُسيّرات الإيرانيّة كانت منصات وصفحات التّواصل مشتعلة بالتشويه والكذب والتّحريف والتّحريض على إيران ومحور المقاومة بأكمله لترتفع نسبة الهجوم على المقاومة ومحورها، ومعها ارتفع منسوب الكذب والتّشويه مع عمليّة عرب العرامشة التي أدّت إلى سقوط 18 جنديّاً وضابطاً صهيونيّاً بين قتيلٍ وجريحٍ.
وبالرّغم من كلّ الدّعم الخليجيّ وغرفة العمليّات الإعلاميّة السّعوديّة الأميركيّة الإسرائيليّة البريطانيّة التي كانت تدير حملات التّحريض والتّشويه جاءت الحقيقة جليّة كالشّمس وعلى لسان بعض المسؤولين الأميركيّين والإسرائيليّين لتنسف كلّ التّشويه والتّحريض الذي مارسته أبواق العدوّ وحلفائه فكانت أولى الحقائق الدّامغة تسريب إعلام العدوّ لبعض الصّور والمعلومات عن قاعدة «نفاطيم» الجويّة جنوب الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة في صحراء النّقب، وقاعدة «رامون» الجويّة ليؤكّد الإعلام والمسؤولون الصّهاينة الخبر وفي مقدّمتهم الوزير الصّهيوني المتطرّف إيتمار بن غفير الذي اعترف بتدمير قواعد تابعة لسلاح الجوّ الإسرائيليّ ومقتل عدد من الجنود والضّباط فيها، داعياً إلى ردٍّ انتقاميٍّ سريعٍ من إيران، واصفاً الكيان بأنّه يعيش في أصعب الأيّام والمراحل منذ وجوده…
كلّ هذا يؤكد ضعف الكيان المؤقّت وتآكله وانهياره في ظلّ استمرار عدوانه على غزّة على مدى سبعة أشهر دون تحقيق أيّ هدفٍ فشل على جبهة غزّة، وعجز على جبهة لبنان التي تحدّث عنها إعلام العدوّ على أثر عمليّة عرب العرامشة البطوليّة واصفاً شمال فلسطين بأنّه تحوّل إلى حقل مرمى للأمين العام لحزب الله السّيّد حسن نصر الله إضافة إلى الإحباط بعد الردّ الإيرانيّ إلى جانب جبهة اليمن ممّا زاد من تخبّط الكيان الصّهيوني وتزايد أزماته الداخليّة والخارجيّة.
والسّؤال المطروح ماذا لو كانت الصّواريخ الإيرانيّة أضعاف ما أطلقته على الكيان؟ وما حال الكيان ومصيره إذا ما انطلقت صواريخ محور المقاومة ومُسيّراته مجتمعة من إيران واليمن والعراق وسورية ولبنان؟ سؤال سيعجز قادة الكيان عن الإجابة عليه قبل أن يحسموا أمرهم بقرارٍ ردّهم على إيران أو عدمها بانتظار ذلك ثمّة واقع جديد يقول إنّ المقاومة ومحورها باتت في مرحلةٍ متقدّمةٍ ونوعية من المواجهة تشكّل مقدّمة لزوال هذا الكيان المؤقّت…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى