مانشيت

المقاومة للوسطاء: الصفقة لا تنص على إنهاء الحرب بل للتفاوض على إنهائها نتنياهو يربط التخلي عن الحرب بتسليم سلاح غزة وإدارتها والمعابر وترحيل قادتها المقاومة العراقية تضرب في بئر السبع.. والبحرانية تستهدف أم الرشراش (إيلات)

‭}‬ كتب المحرّر السياسيّ
بدأت تتراجع موجات التفاؤل التي أراد الأميركيون ترويجها حول احتمالات التوصل الى اتفاق حول غزة، بعدما كشفت الوثيقة المتداولة للاتفاق غياب كل ما تطالب به المقاومة، حيث غاب الحديث عن فك الحصار والانسحاب الكامل للاحتلال من غزة، بينما اكتفت بالحديث عن فتح باب التفاوض حول شروط إنهاء الحرب، وهو ليس إعلاناً لنهاية الحرب كما قالت المقاومة للوسيطين المصري والقطري، بل منح المبرر للعودة إلى الحرب بذريعة أن المفاوضات قد فشلت، خصوصاً أن بنيامين نتنياهو يطرح شروطاً معلومة لصرف النظر عن الحرب هي تسليم المقاومة لسلاحها وإدارة غزة ومعابرها، للاحتلال.
اليوم يصل وفد حركة حماس إلى القاهرة لاستئناف النقاش حول الوثيقة التي أعدّها وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، وتقترب لحظة الحقيقة لمعرفة مصير التفاوض، الذي يدور عملياً على هدنة ستة أسابيع وتبادل جزئي للأسرى، بينما نتنياهو يتحدث بوضوح عن أن قرار الحرب على رفح متخذ ولن يتأثر بالتوصل إلى صفقة أم لا، والواضح أن ما يريده نتنياهو هو استثمار ما يعتقد أنها ضغوط عربية على حماس أنتجتها ضغوط أميركيّة على مصر وقطر، فيحصل على الأسرى ويحسّن وضعه الشعبي والإعلامي والسياسي ليذهب الى جولة الحرب التالية.
ميدانياً، تواصل المقاومة في غزة عملياتها في الشمال والجنوب، بينما تسجّل جبهة جنوب لبنان المزيد من الإنجازات، ومثلها جبهة اليمن، لكن الجديد كان ما أعلنته المقاومة الإسلامية العراقية عن استهداف هدف حساس لكيان الاحتلال في بئر السبع، وما أعلنته المقاومة الإسلاميّة في البحرين عن استهداف شركة النقل في مدينة أم الرشراش (إيلات).
وفيما تتضارب الأنباء والمعطيات حول تقدّم في ملف المفاوضات بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، تراجعت حدّة التصعيد على الجبهة الجنوبيّة وسط ترقب لنتائج مفاوضات القاهرة التي ستنعكس على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة.
ميدانياً، استهدف مجاهدو المقاومة ‏الإسلاميّة موقع زبدين في مزارع شبعا اللبنانية ‏المحتلة بقذائف المدفعية وأصابوه إصابة مباشرة، كما استهدفوا موقع السماقة في تلال كفرشوبا ‏اللبنانية المحتلة بالأسلحة المناسبة وأصابوه إصابة مباشرة. فيما شنّ العدو غارة استهدفت منزلاً قيد الإنشاء في بلدة مركبا قضاء مرجعيون.
وأشار خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية لـ»البناء» الى أن «التصعيد والعمليات العسكرية في الجنوب تتحرّك ضمن قواعد اشتباك معينة ومضبوطة منذ بداية الحرب، رغم بعض العمليات الأمنية أو العسكرية التي تجاوزت القواعد الميدانية الحاكمة، ولذلك يمكن تسمية ما يجري على الحدود بأنه اشتباك عسكريّ عنيف، لذلك لا ظروف مؤاتية للانتقال الى الحرب الواسعة أو الشاملة، رغم وجود أسباب ودوافع إسرائيلية، لكن لا مؤشرات ودوافع إقليمية ودولية لذلك، لغياب الإرادة والقرار الأميركي بتغطية أي حرب إسرائيلية على لبنان لأسباب متعددة، اضافة الى أن الجيش الإسرائيلي غارق في مستنقع حرب غزة، ولا يستطيع القتال على جبهتين لا سيما مع حزب الله، فضلاً عن أن الأولوية الآن لدى الإسرائيلي هي غزة ورفح والضفة الغربية، وحصر قواته وإمكاناته وطاقته في هذه الجبهات الثلاث، ومن جهته حزب الله لا يريد توسيع الحرب أيضاً لأسباب متعدّدة رغم استعداده لها، لكن لن يكون البادئ بها». ويشير الخبراء الى أن «قواعد الاشتباك القائمة ستبقى هي الحاكمة في الوقت الراهن إلا إذا حصل تطوّر غير محسوب أو خطأ ما في الجنوب أو مستجدّات على جبهة رفح تدفع الأمور الى تصعيد كبير يؤدي الى حرب واسعة النطاق على كافة الجبهات».
ولفتت مصادر مطلعة على موقف حزب الله لـ»البناء» الى أن «العمليات العسكرية مستمرّة على جبهة الجنوب، ولن تتوقف قبل توقف العدوان على غزة، وكل التهديدات الاسرائيلية ورسائل الوعيد الغربية لن تجدي نفعاً».
وفي سياق ذلك، جدّدت كتلة «الوفاء للمقاومة» بعد اجتماعها الدوريّ، برئاسة النائب محمد رعد «التزامها دعم ونُصرة فلسطين وقضّيتها ومساندة أبنائها في غزة والضفة وكل الوطن المحتلّ حتى زوال الاحتلال وإحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني المظلوم والمقاوم». كما جدّدت «الاستعداد لبذل الأرواح والدماء وفاءً لشعبنا اللبناني الصامد والمضّحي، ولالتزامه الشُجاع خيار الدعم والمساندة لغزة وأهلها والدفاع عن لبنان وأرضه وسيادته».
وعلمت «البناء» أن «الورقة الفرنسية قيد الدراسة لدى الجهات المعنية بالمقاومة على أن تسلّم الملاحظات الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتسليمها الى الفرنسيين بعد التشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري».
وأوردت مصادر إعلامية أنّ «عضو كتلة التنمية والتحرير علي حسن خليل والمستشار السياسي للأمين العام لحزب الله حسين خليل يدرسان الورقة الفرنسية المعدّلة ويضعان الملاحظات على بنودها».
وذكرت أنّ «موقف الثنائي من الورقة الفرنسية سيصدر قريبًا جدًا، وسيُنسق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وستتبلغ السفارة الفرنسية بالموقف الرسمي».
إلا أن أوساطاً مطلعة أوضحت لـ»البناء» أن «أي ترتيبات حدودية أو أوراق تفاوضية أو اتفاقات لن تنفذ، بل ستبقى حبراً على ورق ومن دون ترجمة عملية وميدانية قبل وقف الحرب في غزة». وعلمت «البناء» من جهات غربية أن «الجهود الدبلوماسية الفرنسية تتركز على التوصل الى اتفاق على الملف الحدودي على مراحل عدة، ليكون جاهزاً للتطبيق فور التوصل الى وقف لإطلاق النار في غزة، والهدف وفق الجهات احتواء مسبق لأي توسع للحرب في الجنوب بحال توقفت الحرب في غزة».
وأشار الرئيس ميقاتي إلى التمسك «بتطبيق القرار 1701 والتمسك بإرساء الاستقرار في جنوب لبنان»، وقال: «نتابع مع الأميركيين والفرنسيين للوصول إلى هدفنا الأساسي وهو استقرار جنوب لبنان»، و»تعددت الاوراق والهدف واحد هو تطبيق القرار 1701»، مضيفًا «عندما تسلّمت الورقة الفرنسية من السفير الفرنسي بلّغته على الفور أنني أريد أن أجري بعض التعديلات»، وشدّد على «أننا سنتمكن أكثر من دراسة الاوراق حين يتمّ الوصول إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة والمطلوب منا اليوم أن نهيئ الوضع»، وهناك «استحالة بالفصل (بين غزة وجنوب لبنان) في الوقت الحالي»، وقال: «لا توجد ضمانات بين يدي تقول إن إطلاق النار سيتوقف في الجنوب عندما يتوقف إطلاق النار في غزة»، مؤكدًا أنّ «وقف إطلاق النار في غزة سيفتح مرحلة جديدة في لبنان».
الى ذلك، شدّد وزير الخارجيّة الإيرانيّة حسين أمير عبداللهيان، خلال استقباله السّفير الإيراني لدى بيروت مجتبى أماني، على «ضرورة استمرار الجهود لمتابعة توسيع العلاقات بين البلدين، لا سيّما في المجالات السّياسيّة والاقتصاديّة»، مؤكّدًا «أهميّة لبنان ودوره في محور المقاومة ضدّ الكيان الصّهيوني المعتدي». وركّز على «ضرورة تفاهم الأحزاب والمجموعات اللّبنانيّة، لانتخاب رئيس للجمهوريّة في لبنان»، مشيرًا إلى أنّه «يبدو أنّ بلدان المنطقة مهتمّة بهذا الأمر أيضًا، وهي بصدد المساعدة على تسوية الموضوع».
على صعيد آخر، انشغل المسؤولون بزيارة رئيس جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليدس ورئيسة المفوضية الاوروبية أورسولا فون دير لاين التي انتهت الى حزمة مساعدات مالية للبنان بقيمة مليار يورو للفترة الممتدّة من السنة الجارية وحتى العام 2027 لدعم الخدمات الأساسية مثل التعليم والحماية الاجتماعية والصحة للبنانيين ومواكبة الإصلاحات الاقتصادية والمالية والمصرفية الملحة، اضافة الى تقديم الدعم للجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى على شكل معدات وتدريب لإدارة الحدود ومكافحة التهريب.
وعرض ميقاتي مع الرئيس القبرصي ورئيسة المفوضية الأوروبية، للملف مطولاً.
وأعرب ميقاتي عن رفضه أن «يتحوّل وطننا الى وطن بديل وندعو أصدقاءنا في الاتحاد الأوروبي الى الحفاظ على قيمة لبنان والمضي في حل هذا الملف جذريا وبأسرع وقت، انطلاقا من المعرفة المتبادلة بيننا وبين الاتحاد الاوروبي ودول العالم بأن مدخل الحل سياسي بامتياز».
ورأى ميقاتي أنه «انطلاقا من واقع سورية حاليا، ان المطلوب كمرحلة اولى الإقرار أوروبياً ودولياً بأن اغلب المناطق السورية بات آمناً ما يسهل عملية اعادة النازحين، وفي مرحلة اولى الذين دخلوا لبنان بعد العام 2016 ومعظمهم نزح الى لبنان لأسباب اقتصادية بحتة ولا تنطبق عليهم صفة النزوح». وجدد ميقاتي «مطالبة الاتحاد الاوروبي، بما يدعم النازحين في بلادهم لتشجيعهم على العودة الطوعية ما يضمن لهم عيشاً كريماً في وطنهم»، وحذر «من تحوّل لبنان بلد عبور من سورية الى اوروبا، وما الاشكالات التي تحصل على الحدود القبرصية إلا عينة مما قد يحصل اذا لم تعالج هذه المسألة بشكل جذري».
بدورها، أعلنت فون دير لاين، أن الاتحاد الأوروبي سيواصل دعم لبنان، لافتة إلى أنه سيعلن عن حزمة مساعدات بقيمة مليار يورو بدءاً من هذا العام وحتى 2027. وأضافت خلال المؤتمر الصحافي في السرايا: «نريد أن نساهم في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في لبنان من خلال تعزيز الخدمات الأساسية مثل التعليم والحماية الاجتماعية والصحة»، مشيرة إلى أن «أمن لبنان و»إسرائيل» على المحك لذلك ندعو إلى تنفيذ القرار 1701». وقالت: سندعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى والبرنامج سيركّز على توفير المعدّات والتدريب الضروري لإدارة الحدود. تابعت «نعوّل على حسن تعاون لبنان لمكافحة تهريب المهاجرين ونتفهّم التحديات التي تواجهها البلاد». واشارت الى ان «لمساعدتكم في إدارة الهجرة، نحن ملتزمون إبقاء المسارات القانونية مفتوحة إلى أوروبا، وإعادة توطين اللاجئين من لبنان إلى الاتحاد الأوروبي».
من جهته، أعلن الرئيس القبرصي عن رزمة دعم شاملة للبنان وهي تشمل مساعدة لبرامج دعم متعددة ولدعم مكافحة التهريب وحماية الحدود. وقال «نقوم اليوم بخطوة مهمة من أجل شعب لبنان كي نعالج بشكل أفضل التحديات المشتركة». وأشار خريستودوليدس إلى أن قبرص تتفهم بشكل عميق المشاكل والتحديات التي يواجهها لبنان والأزمة الطويلة الأمد في سورية قد ضخّمت العواقب السلبية على لبنان وشعبه. وقال الرئيس القبرصي: «الاتحاد الأوروبي يقول عبر هذه الزيارة إنه سيستمر في التواجد إلى جانب لبنان ونحن نقوم بخطوة مهمة لجعل لبنان أقوى». وأضاف: «ندرك الضغوط الكبيرة جراء النزوح السوري في لبنان والوضع الحالي ليس مقبولاً للبنان وقبرص والاتحاد الأوروبي».
بعدها توجه الوفدان الزائران الى عين التينة حيث استقبلهم الرئيس بري وقال بعد اللقاء: «هذه أكثر مرّة نلمس فيها جدية في موضوع النازحين السوريين».
وكان ميقاتي أطلق في حديث تلفزيوني أمس، سلسلة مواقف من ملف النزوح، وقال: «هناك مسار جديد من الناحية الأوروبية، وأيّ سوري يقيم في لبنان إقامة غير شرعيّة سيتمّ ترحيله وسيُنظر في كل المسجلين نظرة تختلف عن النظرة المخصصة لغير المسجلين».
وشدّد ميقاتي على أنّ «في المؤتمرات الماضية التي تتعلق بالاتحاد الأوروبي، كان يُقال إنه يجب إبقاء السوريين عندكم وخذوا ما تريدون من أموال». وأوضح أنّ «الدولة اللبنانية عزمت على تطبيق القوانين على كل الأراضي اللبنانية، وكل من يقيم بشكلٍ غير شرعي سيتم ترحيله إلى بلده، وهذا الموضوع لا جدال فيه والأوامر أعطيت للأجهزة المختصة لتنفيذ ما يلزم».
وذكر ميقاتي «أننا سنبذل كل جهدنا لحل هذا الموضوع، والجيش موجود ضمن الإمكانيات المتوافرة التي سنعمل على تعزيزها لتقوم المؤسسة العسكرية بمهماتها»، وقال: «اتصلت برئيس الوزراء السوري وسمعتُ منه جوابًا واضحًا بأن سورية لا تقف عائقًا في وجه أي سوري يريد العودة إلى بلده». وأضاف «نحن كلبنانيين لن نعرض أي لاجئ سياسي إلى الخطر، وسننظر في الحالات التي تتعلق بالمسائل الإنسانية وتلك المتعلقة بحماية المقيمين عن طريق اللجوء».
على صعيد آخر، كلّف القاضي أيمن عويدات المكلّف بمهام الرئيس الأول الاستئنافي في دعوى الدولة اللبنانية ضد حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، المستشارين القاضيين أدهم قانصو ونادين أبو علوان إكمال الهيئة الاتهامية الناظرة بملف استئناف الدولة اللبنانية بوجه المدعى عليه رياض سلامة، والتي يرأسها القاضي حبيب مزهر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى