حزب الله يُشعل شمال فلسطين.. رسائل رادعة بالنار وداعمة لغزة…
رنا العفيف
جبهة الشمال تستعر بألسنة اللهب، وحزب الله ينجح في إلحاق الضرر الاستراتيجي بمعسكرات الاحتلال والمستوطنات على طول الحدود، أيّ رسائل ردعية بالنار تحملها مُسيّرات الحزب الانقضاضية في ظلّ التهديدات الإسرائيلية باجتياح لبنان برياً؟
أسراب المُسيّرات الإنقضاضية تزداد وتيرتها وتضرب مزيداً من الأهداف النوعية بحسب بيانات المقاومة الإسلامية في لبنان والتي أعلنت عن سلسلة من الهجمات الحيوية بينها هجوم على موقع المطلة بمُسيّرة استهدفت إحدى خيامه، ووسائل إعلام إسرائيلية تتحدث عن المُسيّرة التي نفذت المهمة وعادت إلى قاعدتها في لبنان، وعمليات أخرى مماثلة في الهجوم على المقر القيادي المستحدث للجبهة في الجليل بسرب من المُسيّرات استهدفته وأصابت المبنى القيادي وأماكن تموضع الضباط والجنود الإسرائيليين، في هذه الجزئية ونحن نتحدث عن التصعيد اللافت لحزب الله ضمن أطر القدرات العسكرية والاستخبارية المستحدثة للمقاومة بشكل تدريجي يحمل مسارات مختلفة ومركّبة ما بين العمليات العسكرية عام 2000 و 2006 إلى يومنا هذا، ورصده لكلّ تغيير يقوم به الاحتلال، وسط الهجوم بمُسيّرات على هدف ليمان قرب نهاريا حيث واصلت المُسيّرات ضرب أهدافها بدقة تكتيكية ثم انفجرت على الأرض وفشل الاحتلال في اعتراضها، بموازاة كشف المقاومة عن طراز جديد من صواريخ بركان الثقيلة، إذ قصفت به بشكل دقيق مقرّ قيادي في لواء مستوطنة كريات شمونة 769، هذه المنهجية العسكرية المستحدثة لدى حزب الله تؤكد أنّ لهذا التصعيد المتدرّج خلفيات استخبارية وأمنية دقيقة وحثيثة بالتتبّع والرصد والترقب عن كثب يأخذ طابع نوعية الرسائل بالكمّ والنوع في عملية الردع النارية بانتظام في كلّ المحاور وما جرى في نهاريا بانقضاض مُسيّرة وضع أكثر من خمسين ألف مستعمر في المدينة أمام خيار النزوح والتهجير، وبالتالي حزب الله نجح نجاحاً أمنياً واستخبارياً وإعلامياً في إلحاق أضرار واسعة للاحتلال على طول الحدود، حتى في نظر المستوطنين فإنّ نتنياهو وحكومته تخليا عن الحدود الشمالية وتركوها لحزب الله، مع التعليق لما تقوله وسائل الإعلام الإسرائيلية إن صفارات الإنذار تدوّي ولم تتوقف نتيجة صواريخ ومُسيّرات حزب الله في الميدان الذي يُنذر بالكثير من المفاجآت التي ثببتها المقاومة بكفاءة للضغط على الجانب الإسرائيلي الذي يهوّل بتصريحاته وتدريباته بتوسيع أطر هذه الجبهة بحرب مفتوحة، كما قال سموتريتش بالاجتياح البري وباستهداف بيروت عاصمة الإرهاب كما وصفها، فكان لرسائل حزب الله الردعية بالنار وقع بارز رداً على التهديدات الإسرائيلية وقامت وسائل اعلام إسرائيلية بعرض مشاهد عن حجم الدمار الهائل الذي أحدثته صواريخ بركان التي أدّت إلى اشتعال الشمال، الأمر الذي أجبر الحكومة الإسرائيلية على إفراغ مستوطنات أخرى.
كلّ هذا التصعيد والأسلحة المتطورة مع القدرات والكفاءات العسكرية لحزب الله تظهر بإمكانيات المقاومة التي تكمن في سحب المعلومات الدقيقة من خلال الاستطلاع والاستعلام بطريقة ذكية استراتيجية استخبارية من مراكز الاحتلال بدليل قصفها لقاعدة هليل، أيّ مكان إقامة ومنامة عسكر الاحتلال، ما يعني بأنّ لهذا التصعيد المدمّر بالنسبة لـ «إسرائيل» وما نسمعه بأنه صدد تنفيذ عمل عسكري تجاه جنوب لبنان، رسائل مختلفة ونوعية وردعية ولاحظنا ذلك من خلال المشاهد التي عرضها حزب الله عندما قال وزير الحرب الإسرائيلي بأن أبعدنا عناصر المقاومة عن الحدود، فكان لحزب الله عمليتين نفذها في راميا والمالكية وعرضت مشاهد واضحة لعناصرها وهي قريبة من المراكز على بعد أمتار، وهي عملية كشف تضليل الادّعاءات التي تخرج من أزقة الاحتلال الذي يعاني من انقسامات حادة وعميقة في الداخل، وإذ لاحظنا عسكرياً نرى بأنّ عناصر حزب الله يحملون أسلحة تقليدية كالرشاش والكلاشينكوف وغيرها، ما يدلّ على أنّ هذه العملية هي عملية هجومية، وهنا قال السيد حسن نصر الله «لو بدهم يفوتوا لاخترقوا ذلك»، والمعنى المقصود الذي أشار إليه سماحة الأمين العام يحمل دلالة عسكرية جلية بالتنفيذ عند رهن الإشارة التي تأخذنا ربما إلى مرحلة أخرى باتجاه ما تفعله المقاومة حيال هذا التصعيد بشكل ردعي من جهة ومن جهة أخرى مساندة لغزة…
هذه إشارة على المستوى الأمني يمكن الضغط على الإسرائيلي في عملية قبول الاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وفي حال رأت المقاومة وتحديداً حزب الله أنّ هناك عرقلة في هذا الأمر، أيّ بالمقترح الأميركي فستكون هناك عمليات نوعية للمقاومة ستفاجئ الإسرائيلي، وقد تكون الكشف ربما عن أسلحة جديدة بالقدرات والأهداف النوعية والمختلفة، كما نلاحظ من خلال هذا التصعيد المؤذي للإسرائيلي الذي يحمل عنواناً عريضاً لما هو آت وسيكون أشدّ إيلاماً للاحتلال الإسرائيلي الذي يهدّد بالتزامن مع تصريحات سموتريتش، وطبعاً هذا مردود عليه في الميدان وفي خط السياسة، وفي حال أخطأ الإسرائيلي في هذه المرحلة الحساسة، سيكون هناك درس عسكري لا ولن ينساه الإسرائيلي وقد يعيده إلى مربع حرب الـ 2000، بمعنى صريح وشفاف سيكون هناك مئات بل آلاف الصواريخ التي ستنطلق باتجاه الكيان الإسرائيلي بأعداد كبيرة أو بحزمة متنوعة من الصواريخ تشمل بركان الثقيلة والكاتيوشا والباليستي مع الطائرات المُسيّرة التي سوف تنطلق في آن واحد باتجاه أهداف استراتيجية مرصودة وستكون مؤلمة للإسرائيلي، هنا نتحدث ليس فقط على مستوى الجبهة الشمالية وإنما أيضاً الداعمة للمقاومة في غزة، وبالتالي هناك وقائع ميدانية لم يكشف عنها حزب الله ضمن أطر توسيع الحرب، والعدو يفهم معنى هذه الرسائل الرادعة، مع الفشل الاستراتيجي الذي أصابه بمقتل…