دبوس
فجور وتقاعس
يكفي ان تتّصف القيادة، أي قيادة، بالفجور، ويرزح تحت نيرها شعب يتّصف بالتقاعس والتخاذل، حتى تندفع هذه الأمة حثيثاً نحو الفناء، ليس بالضرورة الفناء المادي، بل الفناء الموضوعي، بحيث تصبح الأمة برمّتها ملطشةً لبقية الأمم، بلا أمن قومي، وبلا فاعلية، وبلا وزن، ولا يُحسب لها أيّ حساب…
1300 حاج فقط لا غير، قضوا بسبب سوء الإدارة، والعشوائية، والاستهتار في تصريف أمور مليوني حاج ذهبوا من كل فجّ عميق، طلباً للصفح والغفران، وتخليص الذات من أوزارها وأدرانها، لا تمضي بضع من السنوات إلّا ونكلم بكارثة في موسم الحج تنفطر لها القلوب، وتدمى لها الأفئدة، تارةً بفعل حريق، وتارةً أخرى بفعل انهيارات انشائية، وآخر مرة وقبل بضع سنوات، كانت الكارثة بحجم سبعة آلاف حاج، قضوا دعساً وطحناً تحت أقدام الحجاج الآخرين، حينما قرّر احد أمراء مملكة الخير أن يجول في مناسك الحج ليستطلع الأمور عن كثب، فأغلقت المنافذ لسموّه فتضاغط الناس وتدافعوا، فسقط من سقط على الأرض، وسحقوا بأقدام ملايين الحجاج المتدافعين، وكان بينهم في ذلك الوقت، السفير الايراني الدّمث والخلوق غضنفر ركن أبادي، والذي قضى مع ضحايا هذه الكارثة…
ثم خرجت علينا مملكة الخير ببيان لهيئة منظّمي الحج آنذاك، لتشيد بالأداء الرائع لمملكة الخير، وولاة أمورها في إدارة ذلك الموسم! وعلى الناس ان يبتلعوا هذه المسخرات، وهذا الامتهان لعقولهم، والإمعان المتواصل في الترخيص المذهل لقيمة الإنسان.
قبل شهر او ينوف، قام ملايين الإيرانيين بتشييع الرئيس الشهيد ابراهيم رئيسي، ووزير الخارجية الشهيد حسين أمير عبد اللهيان، ومن قضى معهما في حادث الطائرة المشؤوم، لم يخدش ايّ شخص في هذا التجمّع الهائل، كلّ سنة تقام أربعينية سيدنا الحسين في النجف الأشرف وكربلاء في العراق، ويحضرها ما لا يقلّ عن 15 مليون إنسان، لا يتكبّدون ملّيماً واحداً، بل تقام لهم الولائم، ويستضافون في بيوت الناس معززين مكرّمين مشكورين لأنهم أتاحوا لأهل العراق العظماء أن يخدموهم، ويطعموهم، وحتى يدلّكوا أقدامهم بالماء الدافئ والملح، فهم يعتبرون ذلك تكريماً وتشريفاً لهم، فلا يتكبّد الزوّار فلساً واحداً، بينما يدفع حجاج بيت الله الحرام عشرات الألوف من الدولارات، تذهب الى خزينة آل سعود، لإنفاقها على شراء الأسلحة الصدئة من امبراطورية الشرّ لتشغيل مصانع الأسلحة في أميركا، والتي تعود علينا في النهاية، قنابل وصواريخ ورصاص ومتفجرات لتمزيق أجساد أطفالنا ونسائنا وشيوخنا…
متى تستفيق هذه الأمة، وتطيح بكلّ هذا الفجور والاستهتار والتجبّر؟ من يدري…
سميح التايه