مقالات وآراء

رسالة من غزّة إلى العالم العربي

 

يوسف هزيمة*

مِن غزة إلى إخوتي العرب حكاماً وشعوباً
تحية لمّا تزل طيبة، وبعد:
أنا أختكم غزة قمت بعملية أسميتها طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، وبعد ساعات معدودات شنّ العدو الإسرائيلي عملية أسماها «السيوف الحديدية» التي رسم لها غايات وأهدافاً لم يحقق أيّاً منها قطّ ولن يحقق بإذن الله، أبداً. وكلّ ما أنجزه هو القتل والتدمير ولا أظنّ ذلك إنجازاً على الإطلاق.
إخوتي العرب
قد بلغني أنّ الحكام منكم قد أخذوا باللائمة علَيّ وحمّلوني مسؤولية وتداعيات ونتائج عملية طوفان الأقصى، وكأنهم يقولون: إنّ غزة ومقاومتها تحديداً، لو لم تقم بـ عمليتها لما تعرّضت إلى ما تتعرّض إليه من تسعة أشهر ونصف الشهر. وكأنّ الحكام أولئك نسوا أو تناسوا أنني منذ نشوء الكيان الصهيوني وانا أتعرّض للقتل والتدمير.
يا إخوتي الحكام يا أيها الملوك والأمراء والرؤساء ماذا تنتظرون مني أنا غزة وشعبي، بل من كلّ الشعب الفلسطيني المحتلة أرضه المعتدى عليه المحاصَر المحروم من أبسط مقومات الحياة… ماذا تنتظرون من غزة التي يحدّد لها الصهيوني كمية مائها وكهربائها وحاجاتها الحياتية كلها، ماذا تنتظرون من شعب غزة ومن شعب فلسطين الذي جرّب بعض ساسته وما زال الأساليب السياسية والديبلوماسية مع كيان الاحتلال ولم يحصل على حكم كلم واحد مربع، وهو الذي أسمعَتْه كلمات الكيان الصهيوني بأن لا دولة فلسطينية ولو واحد بالمئة من مساحة فلسطين.
ماذا تنتظرون مني وقد قتلني الاحتلال وكلّ شعبي الفلسطيني منذ أن جثت عساكره على أرض فلسطين.
يا إخوتي الحكام وما زلت أختكم وما زلتم إخوتي أليس من العجب أن تلقوا باللائمة علَيّ فيما تتحاشون تحميل الكيان الصهيوني المسؤولية وأنتم تعلمون أنّ أكثر من نصف شعب غزة هجّره الاحتلال منذ العام 1967 واغتصب أرضه.
يا أيها الحكام، وسأعرِض عن مخاطبتكم بإخوتي اليس من العجب بل ومن المحرمات ومن كبائر المحرمات أن تستقبلوا قاتليّ من الصهاينة في مؤتمراتكم واجتماعاتكم بل وفي قصوركم فيما الكثير الكثير من زعماء وحكام هذه المعمورة وفي الغرب منها والشرق طردوا سفراء الكيان من عواصمهم .
يا أيها الحكام العرب، وإن كنت أعرضت عن مخاطبتكم بإخوتي، ولكنني لمّا أزل أسبغ عليكم صفة العرب، إسمحوا لي أن أقول كنتم في موقع المتفرّج لما أتعرّض له من مآس ومحن ومجازر تلك التي يمتهنها الصهيوني منذ نشوئه ولا يحتاج إلى مبرّر كي يستمرّ فيها، وهو بطوفان أقصى وبغير طوفان أقام كيانه على المجازر ونكّل بشعب وأهل الأقصى وكنيسة القيامة.
أيها الحكام إني لأعجب كيف انّ الحكام الغربيين على اختلاف لغاتهم وثفافتهم، كيف هبّوا لنجدة دولة كـ أوكرانيا وهي ليست أختاً لهم لا نسباً ولا تبنيّاً، وإنما قرابة أو بعض قرابة .
يعزّ عليّ أن اصارحكم: لقد كنتم متفرّجين إلا ما رحم ربي منكم. وأظنكم فهمتم من رحم ربي منكم، فما زال منكم أو بينكم بعض حكام في بلاد اليمن والشام ولبنان والعراق… ولا أدري إنْ كانوا منكم أو كنتم منهم فوالله اختلطت عليّ الأمور من الأهوال وأنتم شركاء في صنع أهوالي.
أما أنتم يا إخوتي ويا أهلي يا أحبابي الشعوب العربية فأنا أحفظ جميلكم وعرفانكم وأنحني لتحركاتكم ومظاهراتكم في سورية، الأردن، مصر، تونس، الجزائر، ليبيا، المغرب..
ولكن ألا ترون انها كانت تحركات ضعيفة. ألم تروا يا أحبابي الشعوب العربية مظاهرات الشعوب الغربية، ألم تسألوا أنفسكم أنّ تلك الشعوب، لا تجمعني بها، لا لغة ولا ثقافة ولا عرق ولا قومية، ولكن يبدو أنّ إنسانيتهم كانت أقوى.
يا أحبابي، أيتها الشعوب العربية يا إخوتي ويا اخواتي لا تلوموني إنْ ملتُ بعواطفي أكثر إلى إخوتي في اليمن والعراق وسورية ولبنان، فإنهم كانوا أكثر نصرة، وربما أكثر عروبة، ولأنني ذكرت العروبة فأستميحكم عذرا أن أنحني لإيران التي ناصرتني وتناصر فلسطين وقضايا العرب منذ ثورتها الإسلامية، لأنها رأت أنّ قضايا العرب، وفي طليعتها قضية فلسطين، هي قضاياها…
إعذروني يا إخوتي وأخواتي العرب على صراحتي، ولكنني أحبكم…
*كاتب وباحث سياسي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى