وزارة الأشغال تنهضُ بالمرافق وتُحرِّرُ القرار السيادي للدولة
هَدا عاصي*
منذ تسلّمه مهامه الوزاريّة في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي تشكّلَت عام 2021، رفعَ وزير الأشغال العامّة والنقل الدكتور علي حميّة ما يُمكن اعتباره شعاراً لوزارته وهو «إنّ نهضةَ لبنان لن تكون إلاّ بنهضة مرافقه العامّة، وبإصلاحات كلّ المرافق التي تُعنى بها الوزارة والحكومة اللبنانيّة»، لذا يؤكّدُ أيضاً أنّ وزارة الأشغال العامّة والنقل هي جزءٌ من الدولة وليست الدولة بأكملها. أمّا الغاية التي حدّدها حميّة لرؤيته فهي رفدُ الخزينة بإيراداتٍ تساهمُ في سدّ عجزها واعتماد المرافق العامّة على عملها ومجهودها في تحسين أوضاعها التشغيليّة وتطوير أجهزتها باستمرار لمواكبة التطوّرات المتسارعة في هذا القطاع، من دونِ الحاجة إلى الاقتراض من المنظّمات والصناديق الدوليّة، وبمعنى آخر تحرير القرار السياديّ اللبناني من سلطة هذه المنظّمات ومؤسّساتها.
ومن هذه الرؤى المتكاملة مع بعضها بعضاً، انطلقت الوزارة في تحديد منهجيّة عملها من خلال تحديد الأولويّات وفقَ الإمكانات المُتاحة، من دونِ تقاعسٍ أو استرخاء بذريعة عدم توفّر التمويل بالمطلق، على الرغمِ من عدم قدرة موازنة وزارة الأشغال على تغطية كامل النفقات لإنجاز الأعمال المطلوبة منها.
وقد بدَت خلالَ الأعوام الثلاثة الماضية من عمرِ الحكومة، الإنجازات التي حققتها وزارةُ الأشغال واضحة للعيان، باعترافٍ صريحٍ بذلك من كلّ الطيف السياسيّ والاقتصاديّ والتنمويّ اللبنانيّ ولا سيّما على صعيد النهوض بالمرافئ البحريّة ومطار بيروت الدوليّ والنقل وشبكة الطرق الواسعة والطويلة.
فعلى صعيد المرافئ، كان الأبرزُ إعادة إعمار وتشغيل مرفأ بيروت إثرَ التفجير الذي أصابه، لتحقّق إيراداته قفزةً كبيرةً تصلُ إلى حوالى العشرة ملايين دولار شهريّاً بعدما كانت بضعَ مئاتٍ من آلاف الدولارات فقط. أمّا مرفأ طربلس الذي يُعدّ من أهمّ مرافئ الحوض الشرقيّ المتوسط، فقد حقق بدوره، قفزةً نوعيّةً وأصبح لديه اكتفاء ذاتيّ، بعدَ تطويره على صعيد الأحواض والطرقات والساحات والمباني وأصبحَ قادراً على استقبال السفن الكبيرة. والأهمُّ في ذلك هو قدرةً المرفأ على تمويل هذه المشاريع من إيراداته التي تضاعفت بشكل كبير من دون الحاجة إلى الاقتراض.
ولم يغب مرفأ صيدا عن اهتمام وزارة الأشغال التي أجرَت بعض التحسينات الأوليّة فيه، لاحتضان السفن المحمّلة بالمنتوجات الزراعيّة والغذائيّة بعدما كان مخصّصاً لاستيراد السيّارات والخردة فقط.
كما أنَّ إحدى إنجازات وزارة الأشغال هي تطوير مطار بيروت الدوليّ لناحية القدرة الاستيعابيّة للمسافرين وتسهيل إنجاز معاملاتهم في المطار وتخفيف الازدحام الذي يشهده، فضلاً عن تحسين شروط العقود الاستثماريّة في مرافقه. وقد بلغت إيرادات المطار حوالى 300 مليون دولار سنويّاً تذهب إلى الخزينة العامة لدفع رواتب القطاع العام والمتقاعدين وغيرهم من الأجراء في المؤسَّسات العامّة.
وفي موازاة ذلك، حظيَت شبكة الطرق والتي تبلغُ مساحتُها 7600 كلم، باهتمامٍ كبير من حميّة باعتبارها شريان الحركة الاقتصاديّة. لذا وبالرغمِ من عدم توافر المال الكافي لإعادة تأهيلها وصيانتها بالكامل، تركّز عمل وزارة الأشغال في هذا الصدَد على صيانة وإعادة التأهيل وفقَ الأولويّات والقدرة على إتمام العمل. وقد أطلقَ حميّة في الشهرين الماضيين عشرات الورش في هذا المجال الذي تحكمُه قاعدة «ما لا يُدرَكُ كلُّه لا يُتركُ جُلُّه».
*رئيسة مركز هَدا عاصي للعلوم والتنمية الاجتماعية