أثبتت التطورات صحة ما آمن به
محمد فنيش
تعرّفت على الأخ والصديق والوزير الراحل علي قانصو خلال مرحلة التعليم في العام 1991، هو نفسه صاحب مبدأ ورجل موقف والتزام بقضايا كبيرة لها علاقة بما يحمله من فكر والتزام ومبادئ، كان دائماً محافظاً على ثباته وفهمه وتحليله وقراءته للتطورات، ثم تعرّفت عليه كمسؤول حزبي في موقع قيادي، وكوزير في حكومات عدة، ميزته كانت أنه يتمتع بالجرأة والمناقبية والالتزام الاجتماعي، لم يساوم على دوره في الدفاع عن الشرائح الاجتماعية من موقعه في الحكومات السابقة، عندما كان وزيراً للعمل كان جريئاً حتى في إظهار الخلاف مع رئيس الحكومة في ذلك الوقت، وكان جريئاً في تمييز موقفه عن مواقف زملائه الوزراء.
أما في المسألة السياسية فالوزير علي يشهد له كلّ من عرفه في دفاعه عن المقاومة والتزامه وإيمانه بهذا الخط.
لا يجامل ولا يتوسّل من موقفه مصلحة أو منفعة أو مجاراة باتجاه ما، كان إيمانه بالمقاومة والتزامه بخطها جزءاً من فكره ومسلكه وإيمانه، ولذلك لم يتغيّر الوزير قانصو في مرحلة مشاركتي معه في مرحة حساسة وصعبة تحتاج إلى شجاعة في الموقف في ظلّ هجمة خارجية وتناغم داخلي معها، وفي ظلّ موازين قوى حسِب البعض انها تسمح له أن ينال من استمرارية دور المقاومة.
كان الوزير قانصو جزءاً من هذه المقاومة من موقعه في الحكومة، لم يكن صوته عالي النبرة فقط بل كان صوته قوياً في منطقه وفي الدفاع عن المقاومة.
ميزة الوزير قانصو صوته القوي في الشكل والمضمون، مع أنّ من يراه قد يحسبه صديقاً وزميلاً لمن يختلف معه في الرأي السياسي، كان يجمع بين أن يكون محباً وودوداً وصديقاً لمن يتشارك معه في الحكومة، لكنه كان لا يتورّع عن إظهار تميّزه حتى مع أعزّ أصدقائه في مسألة خلافه معه على مسألة المقاومة والالتزام بنهجها، ولذلك كان رجلاً بكلّ معنى الكلمة صاحب قضية وهذا ما عرفته فيه من صفات طيلة الفترة الطويلة التي تزاملنا معاً فيها، لا سيما في لحظات سياسية مرّ بها الوطن تغيّر الكثير من الناس لكن الوزير قانصو لم يتغيّر لأنه ينتمي إلى نهج، وهو صاحب رسالة وقضية يستهدي بفكره لمقاربة التطورات ولا يسمح للمتغيّرات أن تنال من قناعاته واعتقاده، وكان رهانه في مكانه أنّ هذه الاتجاهات لا تملك من قوة الثبات لأنها تستند الى متغيّرات خارجية ولا تعبّر عن صلابة في الموقف أو في القناعة أو في الخط السياسي.
لقد جاءت التطورات لتثبت صحة ما آمن به الوزير قانصو الذي كان شريكاً أساسياً من موقعه الحزبي والسياسي والوزاري بحفظ المقاومة والدفاع عن هوية لبنان ومواجهة الهجمة الأميركية الصهيونية المتمثلة بالأدوات التكفيرية التي استهدفت موقع سورية وهدّدت لبنان، فكان في كلّ مواقفه حتى على المنابر وفي المحافل الفكرية والثقافية عاملاً من أجل نشر الوعي ومعبّراً عن موقف لا مساومة ولا تراخي فيه، ومن خلال هذا المسلك وهذه المواقف لم نجد تمايزاً معه مع أننا قد ننتمي الى منطلقات ايديولوجية مختلفة وفكرين مختلفين على الصعيد العقائدي، لكن كنا شركاء حقيقيين في فهمنا لقضايا الوطن والتزامنا ومسلكنا في المناقبية التي تجمعنا…
على المستوى الشخصي اعتبر أني افتقدت شخصاً عزيزاً صديقاً وأخاً تشاركت معه بكلّ افتخار في مرحلة حساسة جداً في مستقبل وطننا وأمتنا، فكان نعم السند ونعم الصديق والأخ الذي يعتمد عليه والذي نطمئن الى سلامة مواقفه، لم يكن يرهبه من يناقش معه حتى لو كان في موقع مسؤولية أو شكليات لها علاقة بحسابات لبعض، كان يناقش وفق قناعاته دون أن يتأثر بمن يناقشه مهما كان موقعه، رحم الله الوزير قانصو وتعازينا الحارة لعائلته ورفاقه وكلّ من شعر بخسارة هذا الرجل الكبير في مسلكه ومواقفه…
وزير الشباب والرياضة