أزمة تشكيل الحكومة مستمرة ما لم يتراجع الحريري

 

إبراهيم ياسين

أعلن النائب عبد الرحيم مراد في تصريح له بتاريخ 05/01/2019 بعد اجتماع للقاء التشاوري، أنّ اللقاء لم يتلقّ أيّ مبادرات جديدة لتمثيله في الحكومة، وأنّ اللقاء مُصِرّ على أن يكون ممثله في الحكومة مُمثلاً حصرياً للقاء ومن ضمن الأسماء الثلاثة التي قدّمها، إضافةً إلى النواب الستة ليتمّ توزير شخصاً واحداً منهم.

هذا الموقف يعني أنّ الكرة الآن هي في ملعب رئيس الحكومة المكلف في ظلّ إصرار التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية على عدم التخلي عن وزيرٍ من حصته، وهو ما تأكد من خلال تسمية السيد جواد عدرا ليمثل اللقاء التشاوري، على أن يكون من ضمن تكتل لبنان القوي، وهو ما أدّى إلى رفض هذا الحلّ لعقدة تمثيل اللقاء التشاوري.

من هنا فإنّ المشكلة لا تزال قائمة، وتشكيل الحكومة لا يمكن أن يتمّ من دون تلبية مطلب اللقاء التشاوري المدعوم من فريق 8 آذار، وهذا يعني أن لا حكومة إذا لم يُقْدِم الرئيس المكلَّف سعد الحريري على التراجع عن إصراره على احتكار تمثيل الطائفة السنية، لأنّ العقدة الأساسية إنما تكمن في رفض الرئيس الحريري تمثيل اللقاء التشاوري بوزير من حصة الطائفة السنية حصراً وليس بالإعارة من حصة الطوائف الأخرى، كما كان يحصل سابقاً. ذلك أن اللقاء التشاوري اليوم يملك حقاً مكتسباً بنتيجة الإنتخابات النيابية، والحكومة التي ستتشكل هي حكومة وحدة وطنية جامعة لمختلف التكتلات النيابية والطائفية، وهذا يعني أنّ اللقاء التشاوري له حق التمثل بوزير ضمن الحكومة، لا سيّما أنّ تيّار المستقبل الذي يرأسه الرئيس الحريري لم يحظ بكتلة نيابية تمكنه من احتكار تمثيل الطائفة السنية، كما حصل في انتخابات عام 2009، فهو حاز على سبعة عشرة نائباً من أصل سبعة وعشرين نائباً يمثلون الطائفة السنية، ما يعني أنّ أكثر من ثلث النواب السنة هم من خارج تيار المستقبل، ومن بين هؤلاء اللقاء التشاوري، وبالتالي فإنّ حصة هذا اللقاء يجب أن تكون حصراً وأصالةً من حصة الطائفة السنية.

وعليه فإنّ من هُو مطالب بالتراجع وبالتخلي عن سياسة الإحتكار والإستئثار بالتمثيل السني إنما هُو الرئيس سعد الحريري، خصوصاً أنّ تكتله النيابي لا يضمّ إلا عشرين نائباً، وهذا يعني أنه حسب المعايير التي يجري على أساسها التمثيل في الحكومة لا يحق له بأكثر من أربعة وزراء، وفي أحسن الأحوال خمسة وزراءفلماذا يُسمحُ له بالاستيلاء على ستة حقائب وزارية في حين أنّ حصة تكتل حركة أمل وحزب الله هي ستة وزراء ولديهم ثلاثون نائباً.

إذاً، فإنّ الخلل في عملية تشكيل الحكومة، وتوزيع الحصص على التكتلات النيابية وفق أحجامها، إنما يكمن في عدم التزام الرئيس المكلف في إعتماد المعيار الواحد الذي يؤمّن عدالة التمثيل في الحكومة لجميع الكتل النيابية وفق أحجامها.

وفي ضوء ما حصل حتى الآن، فإنّ تشكيل الحكومة سيبقى متوقفاً على إصلاح هذا الخلل الذي اعترى عملية تشكيل الحكومة، وما لم يتراجع الرئيس الحريري عن سياسته بمواصلة احتكار التمثيل للطائفة السنية، ورفضه الإقرار بالتعدّدية السياسية ضمن الطائفة، وبالتالي عدم إقراره بهذه التعدّدية ضمن الحكومة اسوة بالتعددية القائمة في الطوائف الأخرى، فإنّ أزمة تشكيل الحكومة ستبقى قائمة، ولا يمكن لأحد أن يحدّد زمناً للخروج من هذه الأزمة.

ويبدو أنّ الأمر سينتظر حدثاً ما، محلياً أو عربياً يُجبرُ الرئيس المكلّف سعد الحريري على التراجع عن موقفه كما حصل عشية اضطراره للقبول بانتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية بعد فترة طويلة من الممانعة والتسويف والرفض، ومحاولة تقديم بدائل عنه لمنع انتخابه كما يحصل الآن مع حق تمثيل اللقاء التشاوري في الحكومة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى