بوتين يضع أردوغان في الواجهة لثلاثة شهور في إدلب لإنهاء النصرة وسحب السلاح الدفاع في المحكمة الدولية يفكك بيان الادعاء… «لا أدلة بالمطلق»… و«حزب الله مقاومة»

كتب المحرّر السياسيّ

كانت قمة سوتشي الحدث الدولي والإقليمي الأول، بعدما خرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب أردوغان يعلنان تفاهماً على تولي تركيا مع الجماعات المسلحة التابعة لها باسم المعارضة، خلال شهر بتصفية جبهة النصرة وتفكيكها مع الجماعات الإرهابية الأخرى، وقيام تركيا بعد ذلك وخلال ثلاثة أشهر تالية بسحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من الجماعات المسلحة وجلبها إلى مسار المصالحات والتسويات والحل السياسي. فالتفاهم الذي يبدو صعب التحقق وضع الحملة الغربية التصعيدية ضد سورية وحلفائها في مأزق، ويضع تركيا في الواجهة تحت عنوان الإفساح في المجال أمام الحل السياسي وتجنيب المدنيين مخاطر المواجهات العسكرية، وإذا كانت المواجهات حتمية فمن يتعهد القيام بها هي تركيا، ومن يعمل تحت لوائها، بحيث يصير ذلك عائقاً أمام حملة الغرب من جهة، وفي حال عدم القيام أو الفشل والتعثر يصير البديل العسكري السوري الروسي مع الحلفاء مشروعاً، ولا فرصة للنيل منه بعدما تكون المهل قد استهلكت تباعاً.

لم تتأخر واشنطن وتل أبيب في قراءة معاني التفاهم، الذي يسقط الرهان على استمالة تركيا وإسقاط مسار أستانة، كما يسقط الرهان على توظيف حملة سياسية دبلوماسية تمهّد لعمل عدواني تحت شعار الحرص على المدنيين. والأهم أن التفاهم يسقط رغبة واشنطن باستجماع عناصر الضغط في فترة زمنية واحدة، على روسيا وسورية وإيران، حيث شهر تشرين الثاني هو شهر الذروة الذي تستعدّ له واشنطن في العقوبات على إيران، وقد بدأت تشعر بالخروق الكبرى المرتقبة للعقوبات، وفقاً لكلام وزير خارجيتها مايك بومبيو، وكان أملها أن تجمع ذروة العقوبات مع توقعاتها لذروة معارك إدلب وما ستتيحه من فرص للتصعيد على روسيا وسورية وإيران، لتدمجهما معاً من جهة وتغطي إحداهما ضعف الأخرى من جهة أخرى.

التعامل الأميركي الإسرائيلي مع التفاهم ظهر فورياً من خلال العدوان الإسرائيلي الذي استهدف هذه المرة مواقع سورية في اللاذقية وطرطوس للمرة الأولى، من خلال استخدام عرض البحر. وفيما تصدت الدفاعات الجوية السورية للصواريخ وأسقطت عدداً منها، قالت مصادر متابعة إن هذف الغارات العسكري واضح وهو استكشاف مقدرات الدفاع الجوي السوري، بينما هدفها السياسي هو إحراج العلاقة السورية الروسية وزرع الشكوك فيها، أملاً بخلق مناخ شعبي سوري متذمّر من الدور الروسي واتهامه بالتخلي عن سورية عسكرياً، في لحظة يُراد للتفاهم بين بوتين وأردوغان أن يظهر كتفاهم على حساب سورية.

لبنانياً، كان نجم الأحداث أمس، الكلام الذي أدلى به محامو الدفاع في المحكمة الدولية والذي تضمّن تفنيداً تفصيلياً لمطالعات الادعاء العام، وتفكيك مئات الصفحات التي قال الدفاع إن أغلبها بهدف الحشو وتشويش الأفكار وخلق الانطباعات بدلاً من تقديم أدلة قانونية خلت منها أوراق الادعاء. وطالت ردود الدفاع السياق السياسي الذي أورده الادعاء فقدمت بينات وأدلة تدحض هذا السياق المستند فقط إلى تحليلات وتكهنات وفرضيات تعاكس الوقائع المادية التي تقول جيمعها بأن الرئيس رفيق الحريري لم يكن يوماً رأس حربة في وجه الدور السوري أو سلاح حزب الله، كما حاول الادعاء إيهام المحكمة والرأي العام، مقدماً سلسلة من الإثباتات المضادة لرواية الادعاء من جهة، وسلسلة من إثباتات أخرى تطال الرواية الهشة للادعاء حول شبكات الهاتف وداتا الاتصالات، ساخراً من مقولة الادعاء التي تصل حد الخرافة تحت عنوان، أنه إذا كانت الشبكة المفترضة لشخص لا تزال تعمل وتتنقل في لبنان وكل الإثباتات تقول إن هذا الشخص مسافر فيجب القبول بأنه لم يكن مسافراً وقد سافر عنه شخص آخر من دون تقديم دليل على ذلك. وكان لافتاً تطرق الدفاع إلى ما سقط به الادعاء من كشف للاتهام السياسي بوصفه حزب الله بالإرهاب، فقال له فليعلم من شاء ومن أبى أن حزب الله مدرسة في المقاومة ولم ولن يكون إرهابياً، ويصير إرهابياً يوم نغير تاريخ البشرية ونصف ونستون تشرشل وشارل ديغول بالإرهابيين بسبب مقاومتهم النازية.

لا حكومة في المدى المنظور

تشير كل المعطيات إلى أن لا حكومة في المدى المنظور، فأي تقدم لم يسجل في الأيام الماضية على خط المساعي التي تدور في حلقة مفرغة، وبحسب مصادر بيت الوسط لـ«البناء» يبحث الرئيس المكلف في التعديلات على المسودة الحكومية، إلا أن الصيغة الجديدة لا تزال غير جاهزة، وبالتالي فإن زيارة الرئيس المكلف الى قصر بعبدا ليست واردة الآن طالما ان الامور لم تنضج بعد.

وشدّدت المصادر في الوقت نفسه على أن الرئيس الحريري لن يعتذر عن التأليف، والكلام عن ان الحريري لن يكون رئيساً للحكومة عندما يحين موعد التشكيل، تضعه المصادر في خانة الإشاعات والكلام الفارغ، جزء منه يأتي في سياق الضغط الإعلامي، والجزء الآخر يأتي في إطار التشويش، مشدّدة على ان هناك مصلحة لحزب الله بترؤس الحريري الحكومة، في ظل الظروف الإقليمية والمحلية المعقدة.

إلى ذلك حضر الملف الحكومي في لقاء رئيس الجمهورية وسفير فرنسا في لبنان برونو فوشيه الذي نقل موقف بلاده من عدم تشكيل الحكومة، مشيراً الى ان فرنسا تبدي اهتماماً خاصاً بهذا الموضوع لا سيما لجهة متابعة تنفيذ قرارات وتوصيات مؤتمر «سيدر»، مع تأكيد فوشيه أن زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت ستتم في موعدها بين 11 و 14 شباط المقبل.

وبحسب معلومات «البناء» تبذل باريس جهوداً لدى المعنيين لتذليل العقبات من أمام إنجاز التأليف، لا سيما ان كل مقررات مؤتمر سيدر والاستثمارات المنتظرة هي رهن ولادة الحكومة، مشيرة الى أن انعكاسات التأخير في الاتفاق سترتد سلباً على لبنان.

وشدّدت اوساط الرئيس نبيه بري من جهتها لـ«البناء» على أن التحديات الاقتصادية تفرض الإسراع في التأليف، لا سيما ان لبنان على وشك الدخول في نفق خطر في حال بقيت المراوحة مستحكمة بعملية التشكيل. وبحسب الأوساط فإن المطلوب من جميع المكونات السياسية المعنية قراءة التطورات في سورية ومحاولات العدو الاسرائيلي قطع الطريق على لبنان للاستفادة من حقوقه من الثروة النفطية في المتوسط.

ونقلت مصادر نيابية عن رئيس المجلس تأكيده مجدداً استعداده للمساعدة في تذليل العقدة الدرزية بعد حلّ العقدة المسيحية، مشدداً على أنه «لن يقبل بالجمود الحكومي الى ما شاء الله، لذلك يعتزم دعوة المجلس الى عقد جلسة تشريعية قبيل نهاية الشهر الحالي»، أما قانونية الجلسة فتتمثل بتأمين النصاب كما ينصّ النظام الداخلي للمجلس، بحسب المصادر، التي لفتت الى أن «الرئيس بري يعمل على أن تكون ميثاقية الجلسة مؤمنة أيضاً حيث لا يعتقد أن أحد الأطراف يتغيّب عن المشاركة في جلسة تشريعية لمواجهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في ظل حالة الجمود والاهتراء في المؤسسات»، مضيفة أن الجلسات التشريعية تملأ بعض الفراغ الحكومي وتفعّل عمل المؤسسات»، وأوضحت أن «اللجان المشتركة ستكثّف اجتماعاتها لإنجاز جدول أعمال الجلسة الذي سيتضمن مختلف اقتراحات ومشاريع القوانين المقدّمة لا سيما بما يتصل بمؤتمر سيدر كقانوني الوساطة القضائية والمعلوماتية لتحضير الأرضية للحكومة الجديدة لمواكبة المؤتمر».

على هذا الأساس يرأس بري غداً اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس للتحضير لجلسة تشريعية قبل نهاية الشهر الجاري في حال انتهاء اللجان من دراسة المشاريع المحالة إليها.

كما علمت «البناء» أن «القوات اللبنانية ما زالت على موقفها من الحصة القواتية، إذ إنها مستعدّة لأن تنال وزارة دولة مقابل منحها وزارات الشؤون الاجتماعية والطاقة أو العدل والثقافة ولن تقبل بغير ذلك، كما

ونفت مصادر «البناء» أن يكون «النائب السابق وليد جنبلاط وافق على نيله وزيراً مسيحياً ثالثاً مقابل التنازل عن وزير درزي»، مشيرة الى أن «العقدة الدرزية هي سبب السجالات التصعيدية بين جنبلاط والعهد والتيار الوطني الحر».

خليل: لا زيادة على صفيحة البنزين

في غضون ذلك أثار خبر زيادة 5000 ل.ل على صفيحة البنزين بلبلة في أوساط المواطنين، وذلك بهدف تمويل قروض الإسكان، الأمر الذي نفاه وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل ، الذي أشار إلى أنّ «لا ضرائب جديدة في مشروع موازنة 2019، والحديث عن زيادة على البنزين غير مطروح إطلاقًا».

الى ذلك اجتمعت لجنة المال والموازنة برئاسة النائب إبراهيم كنعان في البرلمان، بحضور وزير المال علي حسن خليل وسط حضور نيابي لافت. وقال كنعان في مؤتمر صحافي بعد الاجتماع إن «تمكنّا من إعادة هيكلة الإنفاق فيمكن ان نغيّر كثيراً في النتائج المرتقبة حتى نهاية السنة المالية». ولفت كنعان الى انّ «إيرادات الدولة ليست بالحجم الذي كانت عليه في السنوات الماضية في بعض القطاعات، بل أقل بسبب انحصار الاستثمار والتوظيف»، وشدّد على انّنا «لن نوافق في لجنة المال على أي أمر لا يتضمن الالتزام بما تقرر من إصلاحات، والمسؤولية جماعية وطالبنا بعزل الملف المالي والاقتصادي عن الخلافات السياسية والتمريك»، مضيفاً «يجب الإسراع بتشكيل الحكومة كي تتحمّل مسؤولياتها وتقر موازنة العام 2019». ولفت الى ان «وضع الليرة مستقر، لكن هذا الأمر مشروط بمتابعة الإصلاحات وإدارة ماليتنا العامة بشكل متوافق مع الموازنة وإيراداتنا».

من جهته أعلن خليل «أنّنا التزمنا بنصّ القانون حول تقديم تقرير فصلي عن المالية العامة للدولة، إلى المجلس النيابي . هذا الإجراء يعكس ضرورة خضوع الجميع إلى قواعد المحاسبة والمراقبة»، موضحًا أنّ «الوقائع المالية والاقتصادية الّتي تمّ عرضها باجتماع لجنة المال النيابية اليوم، تفرض إقرار إجراءات بنيوية جديّة في إدارة الدولة في إطار خطة واضحة المعالم، تحدّد مكامن الخلل بوضوح والتوجّهات المطلوبة».

أما حاكم مصرف لبنان رياض سلامة فأكد خلال مشاركته في اجتماع الدورة الاعتيادية الثانية والأربعين لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية في الأردن أن الليرة مستقرة، مشدداً على متانة القطاع المصرفي «الذي يتمتع برسملة مرتفعة وسيولة مرتفعة وتطبيق للمعايير الدولية المحاسبية والامتثال».

هدنة على جبهة التيار – الاشتراكي

وبعد اشتعال جبهة التيار الوطني الحر الحزب اللشتراكي على مدى أيام عدة، سجل يوم أمس هدنة إعلامية بين الطرفين، وبعد تغريدة تهدوية لرئيس الاشتراكي وليد جنبلاط، صدر عن نائب رئيس التيار الوطني الحر للشؤون الإدارية رومل صابر، تعميم لقياديي ونواب ومسؤولي التيار أشار فيه الى أن «نظراً الى السجالات والحملات التي اتخذت منحى طائفياً بغيضاً هو بعيد كل البعد عن لغة التيار الوطني الحر وأدبياته وقيمه، وأدت الى مادة إعلامية كثيفة في الأيام الأخيرة، يطلب الى جميع النواب والمسؤولين والقياديين في التيار الوطني الحر ومن جميع المحازبين والمناصرين التوقف عن السجالات واعتماد التهدئة الإعلامية مع الحزب التقدمي الاشتراكي ان كان عبر وسائل الإعلام او عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ولم يتأخر الحزب التقدمي في ملاقاة الخطوة العونية، حيث دعت أمانة السر العامة في الحزب التقدمي الاشتراكي جميع القيادات والمسؤولين والكوادر والأعضاء والمناصرين والأصدقاء للامتناع عن الدخول في أي سجالات سياسية أو إعلامية سواء عبر وسائل التواصل الإجتماعي أو وسائل الإعلام مع التيار الوطني الحر».

وعلى خط المحكمة الدولية كانت لافتة تغريدة النائب اللواء جميل السيد قبل أن يحذفها: «دفعَت دولتنا العظيمة حتى اليوم 700 مليون دولار للجنة التحقيق والمحكمة الدولية». وأضاف في تغريدته: «خرج المدعي العام فيها بتفاهات ضد عناصر من حزب الله بأسوأ من مؤامرة شهود الزُّور ضد سوريا والضباط الأربعة!» وسأل السيد: «مَن المسؤول عن شرشحة رفيق الحريري والإستغباء للبنانيين وهدْر أموالهم».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى