أخيرة

بأنامل صديلانية.. غرافيك جداريّ يدوّن باللون وجع العراق

وثقت ندى محمد (25 عاماً)، بيدها ذاتها التي أسعفت الجرحى إثر الرصاص الحي، والآثار المميتة من قنابل الغاز التي أزهقت الكثير من أرواح المتظاهرين العراقيين، خلال المظاهرات الشعبية وتصديها لأعمال القمع، بلوحة جدارية مستوحاة من أبطال مارفل الخارقين.

وتتسابق ندى وهي صيدلانية تعمل في إحدى مستشفيات العاصمة بغداد، مع الوقت يومياً لتسترق منه ما يتيح لها الذهاب إلى ساحة التحرير، وسط العاصمة بغداد، للعمل مع إحدى المفارز الطبية الطوعية التي تداوي المتظاهرين الجرحى، وتنقذ حياتهم، والرسم على جدران نفق كئيب، تحول إلى كرنفال من الفن والألوان الثائرة.

وتحدثت ندى في تصريح خاص لمراسلة «سبوتنيك» في العراق، قائلة: «ما نمر به اليوم هو حدث لم يسبق، وأن سجّل في التاريخ، لا أعرف كيف سينتهي الأمر أو من سيأتي بعدها ليحكم العراق، لكنني أذهب إلى التظاهرات في ساحة التحرير، باستمرار، لأني وجدت وطناً لم أجده طوال 25 سنة».

وتضيف، كلما شعرت بالتعب، وأفكر بأخذ استراحة، تتبادر بذهني عبارة وحدة فقط «إذا لم أقدم أقصى ما لدي الآن، متى إذن؟».

وتروي ندى لنا، بداية رحلتها، في ساحة التحرير، يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول، إذ توجهت على أنها متبرعةمتظاهرة.

والمستشفى الذي تعمل فيه ندى، مكتظ بالمتظاهرين الضحايا الذين كانوا يصابون ويقتلون بالرصاص الحي، وقنابل الغاز المسيل المخترقة للجماجم والعيون، تحديداً.

وتكمل ندى، بعد يومين أو ثلاثة من ذهابي للتحرير بدأت بالعمل في إحدى المفارز الطبية هناك لحاجتهم لكادر طبي في بعض الأماكن، بعد استقرار المفرزة التي أعمل بها قررت أن أساعد بتزيين نفق التحرير، باللوحات.

وطرأت لندى مع صديقتها، فكرة عمل جميع الأحداث التي شهدتها ساحة التحرير، كقصة مصورة مثل قصص مارفل، وغيرها من الكومكس، معللتين «لأن شبابنا المتظاهرين اليوم، هم بالفعل أبطال حقيقيون».

بدأنا بتنفيذ الفكرة، يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، واللوحة الآن اكتملت، بالإضافة إلى لوحتين جديدتين قيد التنفيذ.

وتسعى ندى الحاصلة على شهادة البكالوريوس في الصيدلية عام 2018، في الوقت الحالي، الموازنة بين عملها الصباحي في المستشفى، وفي الصيدلية، عصراً، حتى الساعة 11 ليلاً، وعملها في التحرير لإسعاف الجرحى، والرسم بثورة فنية لم تشهدها البلاد من قبل.

ولا تجد ندى مثل العديد من الفتيات، والشباب، المتظاهرين، في بعض الأيام من الوقت إلا دقائق تفصل بين عملها الصباحي، والمسائي، لكنها تذهب إلى ساحة التحرير، ولو دقائق معدودة، للاطمئنان على أصدقائها هناك، والاستمتاع بمناظر الرسم في الهواء الطلق، والعزف، والأهازيج، فرحاً بمستقبل أفضل، وحزناً على الضحايا الذين يتم تشييعهم في الساحة بعد أن يصيبهم رصاص يقال إنه من رجال الأمن.

            (سبوتنيك)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى