الوطن

الحريري يُكلّف اليوم بأغلبية منخفضة.. وأمر عمليات بتفجير الشارع معركة تأليف طويلة ستدخِل البلاد في فوضى سياسية ومالية وأمنية

} محمد حميّة

يبدو أن الاستشارات النيابية التي ستُجرى في موعدها اليوم ستفضي الى تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري لتأليف الحكومة الجديدة، لكن بأغلبية عادية بين 60 و70 نائباً أي ما يعادل نصف أعضاء المجلس النيابي، ما تُعد أغلبية ضعيفة نسبة الى عدد الأصوات التي كُلف بها الحريري في الحكومات السابقة، ما يجعله مجبراً على التفاوض مع الأكثرية النيابية وتحديداً تكتل لبنان القوي وثنائي أمل وحزب الله لتأليف الحكومة والتي رجّحت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن يطول أمدها شهوراً عدة في ظل غياب التفاهم السياسي على التكليف ولا على التأليف.

وبحسب توزيع الأصوات في المجلس النيابي، فمن المتوقع أن تسمي الحريري كتل المستقبل 18 نائباً والقوات اللبنانية 15 نائباً واللقاء الديموقراطي 9 والتكتل الوطني 5 وكتلة الرئيس نجيب ميقاتي 4 نواب وكتلة التنمية والتحرير 17 وعدد من المستقلين. وعلمت «البناء» أن كتلة الوفاء للمقاومة لن تسمّي الحريري وكذلك تكتل لبنان القوي في حين تحدّثت مصادر أخرى عن أنهما سيضعان اصواتها في عهدة رئيس الجمهورية.

ورغم أن لا رؤية للتأليف حتى الآن، لكن بحسب معلومات «البناء»، فإن اقتراحاً قيد التداول يقضي بتأليف حكومة تكنوقراط من الأحزاب السياسية من خارج الصف الأول كحل وسط، لكن الطرح لم يتبلوّر حتى الساعة بانتظار البدء بمرحلة التأليف.

ولفتت أوساط 8 آذار لـ«البناء» الى أن «غياب التسوية السياسية بين القوى الأساسية سيُدخل البلد في فوضى تأليف ستنعكس سلباً على الوضعين المالي والاقتصادي والأمني في الشارع»، مشيرة الى أن «هناك من يقول بأن لبنان يحتاج الى كتلة نقدية من الخارج بقيمة 6 مليارات دولار ولا يبدو أن مجموعة الدعم المالية مستعدّة لتأمينها بلا تنفيذ لبنان الشروط السياسية والمالية التي يطلبها الأميركي في ملفات النفط وترسيم الحدود والنازحين السوريين والعلاقة مع سورية». وتشير المصادر الى أن «أمر عمليات أميركي صدر بتفجير الشارع خلال الأيام التي سبقت الاستشارات النيابية والزيارة المرتقبة للمسؤول الاميركي ديفيد هيل الى لبنان الاسبوع الحالي».

وبتسمية الحريري اليوم يكون الأخير قد نجح عبر مسلسل الضغوط التي مارسها من انتزاع ورقة التكليف ولم يعد بإمكان الأكثرية النيابية استرداد ورقة التكليف، لأن الدستور لا يقيّد الرئيس المكلف بمهلة معينة للتأليف. وهذا الخيار الوحيد الذي بقي أمام حزب الله وحركة أمل والحلفاء في وقت كان رئيس الجمهورية والوزير جبران باسيل يفضّلون خيارات أخرى كحكومة من لون واحد يرفضها الثنائي، لكن مصادر في الثنائي تؤكد لـ «البناء» بأن التأليف لن يكون كالتكليف، وإن كان الحريري سيستمر بالتأكيد في سياسية الضغط بالحراك وفي الشارع وفي الاقتصاد والمصارف لتمرير الصيغة الحكومية التي يريدها، لكنه وفق المصادر لن ينجح بذلك، فمعركة التأليف ستكون قاسية وطويلة وفي الوقت نفسه لن يستطيع تأليف الحكومة في هذه المرحلة». ورجّحت المصادر «دخول البلاد في مأزق سياسي وحكومي كبير وتفاقم في الأزمات المصرفية والمالية»، وأكدت المصادر أن «حزب الله لن يدخل في الحكومة بلا التيار الوطني الحر، فالوزير باسيل تعرّض لهجمة داخلية وخارجية شرسة بسبب مواقفه الوطنية والسيادية والداعمة للمقاومة في كل المحافل الدولية، وبالتالي الحزب لن يتخلّى عنه في هذه المعركة».

أما بيت الوسط فحافظ على موقفه المتمسك بتأليف حكومة اختصاصيين واختصاصيات هدفها إنقاذ الوضع الاقتصادي والمالي وتحقيق الاصلاح ومكافحة الفساد، ولفت مصدر مقرّب من الحريري لوكالة عالمية أنه «يجب أن يكون واضحاً لأي شخص يرشح الحريري أنه سيشكل حكومة خبراء فحسب»، في رسالة واضحة من الحريري للثنائي الشيعي بأنه «لن يقبل بحكومة تكنوسياسية».

وكان الحريري زار قصر بعبدا السبت الماضي بعيداً عن الإعلام والتقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتناولت التطورات الحكومية عشية إجراء الاستشارات النيابية الملزمة. وتحدّثت المعلومات أن اللقاء لم يكن إيجابياً ولا سلبياً بل عرض الحريري لعون رؤيته للمرحلة المقبلة بعد التكليف، وشكل الحكومة التي يفضل تشكيلها، لكن لم يتمّ التوافق على رؤية واحدة بين الرئيسين».وفي سياق ذلك، أكدت مصادر الـ«او تي في»، أن ​التيار الوطني الحر​ سيشارك في ​الاستشارات النيابية​ الملزمة بجدية وإيجابية وفقاً لنصوص ​الدستور​، مشيرةً الى أن «التيار متمسك بالتفاهمات الوطنية الكبرى والخيارات السياسية الأساسية التي اتخذها عن اقتناع وتبصّر ووعي، إلا أنه يعتبر أن التطبيق والممارسة والترجمة بحاجة الى مراجعة لصون الثوابت والأسس التي يتمسّك بها لئلا تزعزعها الأرياح الحاصلة على الجميع وتذهب بها الأرباح المحصلة للبعض».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى