الوطن

حكومة الاختصاصيين هل تسدل الستار على الخطة الانقلابية؟

} حسن حردان

كان لافتاً تأكيد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد اثر الاجتماع مع الرئيس المكلف الدكتور حسان دياب «انّ الحكومة يجب أن تضمّ كفاءات، أيّ ليس فقط أشخاصاً من ذوي الاختصاصات العلميّة لكن أيضاً من ذوي الحسّ الوطني والشعور بمرارة المواطنين، كي تتمكّن من التكيّفوتصحيح الأمور».

انّ اتجاه الرئيس دياب إلى تشكيل حكومة بهذه المواصفات إنما يعني عملياً تحقيق ثلاثة أهداف دفعة واحدة:

الهدف الأول: خلق صدمة إيجابية في وسط بعض مجموعات الحراك الشعبي، المطالب  بتشكيل حكومة من الأكفاء ذوي الاختصاص غير حزبيّين، تعمل على تنفيذ مطالب الناس الاقتصادية والمالية والاجتماعية ومحاربة الفساد والفاسدين واسترداد أموال وحقوق الدولة المنهوبة إلخما أدّى إلى احتواء غضب الناس وجعل الكثيرين في الحراك يدعون إلى إعطاء فرصة للرئيس المكلف لتشكيل الحكومة وانتظار برنامجها وخطواتها العملية لتحقيق مطالبهملا سيما أنّ الرئيس دياب أكاديمي وهو نائب رئيس الجامعة الأمريكية، ومن المؤيدين للحراك الشعبي منذ البداية

الهدف الثاني: احتواء الموقف الدولي الذي يطالب بحكومة تستجيب لمطالب اللبنانيين المنتفضين في الشارع، وأن لا تزال واشنطن والعواصم الغربية تربط دعمها المالي باعتماد الحكومة إصلاحات على قياس شروط «سيدر» وصندوق النقد والبنك الدوليبنوهذا ما عكسه موقف مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل خلال لقائه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل في منزله في البياضة

الهدف الثالث: انّ الفريق الوطني، الذي لم يعد متمسكاً بحكومة تكنو سياسية، نجح في تحقيق هدفه الأساسي، الذي كان يريده منها، وهو حماية الإنجازات الوطنية التي حققتها معادلة الجيش والشعب والمقاومة، في تحرير الأرض من المحتلّ الصهيوني، ودحر الإرهابيين عن الجرود الشرقية، وذلك من خلال المجيء برئيس من المستقلين على أساس تشكيل حكومة مختصين هواهم وطني، وليس غربياً أميركياً، لضمان عدم تمرير الإملاءات الأميركية وأيّ اتفاق لترسيم الحدود البحرية والبرية يفرّط بحقوق لبنان لمصلحة كيان الاحتلال الصهيوني الطامع بالاستيلاء على جزء من ثروات لبنان النفطية والغازية في المياه الإقليمية اللبنانية

انطلاقاً من ذلك، أصيبت قوى ١٤ آذار بالخيبة وارتبكت، فامتنعت عن تسمية دياب، وأعلنت عزوفها عن دعم الحكومة التي سيشكلها، مع أنها ستكون حكومة من الاختصاصيين المستقلين، كما كانت تطالب، ما يكشف انّ ١٤ آذار كانت تريد هذا النوع من الحكومة، لكن برئاسة الحريري أو نواف سلام، للإتيان باختصاصيين هواهم غربي أميركي مستعدّين لتنفيذ الأجندة الأميركية وإصلاحات «سيدر» وصندوق النقد والبنك الدوليين.. وما اعتراض تيار المستقبل في الشارع وقطعه للطرقات تحت عنوان الاعتراض على طريقة تسمية دياب، كما يقول، سوى تعبير عن فشل محاولة فرض حكومة بشروط الرئيس الحريري، وحلفائه، التي تتوافق أيضاً مع المطالب الأميركية، ومحاولة تعطيل تشكيل دياب للحكومة، عبر وضع فيتو مذهبي على تسمية دياب، وإيصال رسالة للأميركي بأنّ الحريري هو الأقوى في الطائفة السنية ولا يمكن تجاوزه في التسمية.. ما يعني انّ الفريق الوطني نجح في إجهاض الخطة الأميركية، عبر ١٤ آذار، للسيطرة على السلطة التنفيذية وتغيير المعادلة السياسية التي أنتجتها الانتخابات النيابية الأخيرةبنفس الوسيلة التي كانت تسعى، للوصول إليها، واشنطن وفريقها الموالي لهالكن هذا لا يعني انه تمّ تجاوز الأزمة.. فالأمر مرتبط ليس فقط بالقدرة على تشكيل الحكومة ونيلها الثقة في البرلمان، بل مرتبط أيضاً ببرنامجها الإنقاذي لإخراج لبنان من أزماته وتنفيذ مطالب الشعب، من دون الوقوع في شرك الارتهان لشروط «سيدر» والمؤسسات المالية الدولية.. وبالتالي مدى قدرة هذه الحكومة على تنويع خيارات لبنان الاقتصادية للنهوض باقتصاده الإنتاجي، والذي يستوجب بالضرورة التوجه شرقاً بدءاً من الانفتاح على سورية، والاستفادة من عروض المساعدات الصينية والروسية والإيرانية، لحلّ مشكلات القطاعات الخدماتية، وتطوير البنى التحتية، من موانئ بحرية وجوية وطرقات وسكك حديد إلخ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى