حديث الجمعة

مختصر مفيد ليست هناك حروب جديدة

قد يكون أحد أهداف موجة التصعيد التي نشهدها في مواقع متعددة من المنطقة الإيحاء بأن هناك مخاطر حروب جديدة، والإيحاء بالحرب هو أحد فنون الحرب بهدف نيل أهدافها دون خوضها، لكن شرطه أن يكون الإيحاء قادراً على الإقناع وخصوصاً إقناع من يجب انتزاع المكاسب منهم.

–  الأميركي في لعبتين كبيرتين خاضهما في المنطقة واحدة في لبنان وثانية في العراق كان يلاعب محور المقاومة على حافة الهاوية. فيوحي بأن الأمور ذاهبة إلى المواجهة الحاسمة وأنه قادر على تحمّل تبعاتها، لكنه ظهر في الحالتين ضحية معلومات وتقديرات خاطئة.

في لبنان راهن الأميركي على قدرة جماعته على إحداث أحد تغييرين بقوة الاستثمار على الحراك الشعبي إعادة سعد الحريري بشروطه لرئاسة الحكومة؛ وبالتالي تجريد المقاومة وحلفائها من معنى كونهم أغلبية نيابية أو تمرير المرشح نواف سلام لرئاسة الحكومة لفرض مقايضة التدويل المالي بالتدويل الأمني، لكنه فوجئ في ربع الساعة الأخير بأن قوى المقاومة والحلفاء يمسكون بزمام المبادرة وينجحون بضم ورقة رئاسة الحكومة إلى أوراق رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي والغالبية النيابية.

في العراق راهن الأميركي على ضربة عسكرية موجعة للحشد الشعبي ولخط الحدود بين سورية والعراق لخلق مناخ عراقي سياسي يستكمل ما ظهر في الحراك الشعبي من فرص للتحريض ضد المقاومة وإيران، فكانت النتيجة معاكسة وتولد مناخ شعبي عراقي جامع فرض شعاراً سياسياً يحظى بالإجماع يدعو لرحيل القوات الأميركية وينتظر أن يتحوّل الإجماع إلى قانون يصدر عن البرلمان ويشكل سقفاً لتشكيل الحكومة الجديدة.

الأميركي عاجز عن الإقناع بقدرته الذهاب للحرب، لأن الفرص التي مرت لخوضها والأثمان التي دفعها لتفاديها كافية لسقوط فرص الإيحاء التي أرادها. فالقادر على خوض الحرب كان أولى به استثمار لحظة الحرب في جنوب سورية بدلاً من التخلي عن جماعاته المسلحة هناك أو استثمار إعلان الانفصال في كردستان العراق.

الأميركي يخسر كمقامر يظنّ أن مواصلة الرهان يمكن أن يحقق ربحاً يعوّض الخسائر فيخسر مجدداً

ناصر قنديل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى