أولى

الحشد الشعبي يغالب
واشنطن وتل أبيب في بغداد…!

 محمد صادق الحسيني

عندما يصدر الحشد الشعبي العراقي بياناً، يدعو فيه أنصاره للانسحاب من محيط السفارة الأميركية في بغداد، التي هي بمثابة القيادة العامة لقوات الاحتلال الأميركي في العراق، فإنّ لذلك (بيان الانسحاب) دلالات عديدة لا بدّ من الانتباه إليها وتحليلها بدقة، كي نفهم خلفيات وآفاق قرار قيادة الحشد الشعبي هذا.

حيث يجب التأكيد على الحقائق التالية:

إنّ الحفاظ على هيبة الدولة، كما ورد في بيان الحشد، قد تحقق جزئياً، من خلال التعهّدات التي قدّمها الجانب الأميركي للدولة العراقية والتي نصّت على ما يلي:

أ ـ عدم تكرار مثل هذا العدوان على أيّ من قطعات القوات المسلحة العراقية، وبكلّ صنوفها، وفِي كلّ محافظات العراق، بما فيها المحافظات الشمالية.

ب ـ (التزام الجانب الأميركي بمنعإسرائيلمن القيام بأيّ نشاط جوي، أو هجمات بالصواريخ الجوالة، او غير ذلك من الأنشطة العسكرية، وفِي كلّ أجواء العراق. وهنا يجب التذكير بتصريح قائد الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية السابق، الجنرال عاموس يادلين، الذي أدلى به قبل يومين وقال فيه إنهيجب على إسرائيل ان تكون أكثر حذراً من الآن فصاعداً، في تنفيذ أنشطة جوية في أجواء العراق وذلك خوفاً من ردّ حلف المقاومة على هذه الأنشطة”.

ج ـ التزام الولايات المتحدة الأميركية بوقف الدعم الذي تقدّمه لفلول داعش في العراق وقفاً تاماً وعدم التدخل في نشاطات القوات المسلحة العراقية التي تستهدف ملاحقة هذه الفلول في جميع محافظات العراق.

اما استكمال تحقيق هيبة الدولة العراقية وتأمينها بشكل مطلق واستعادة الكرامة العراقية والشرف العسكري العراقي فيتطلّب بنظر المتابعين المختصين اتخاذ إجراءات أخرى، من قبل الحكومة العراقية، تتمثل في ما يلي:

ـ استغلال فرصة الانتفاضة الشعبية العراقية الحقيقية، التي بدأت تعمّ العراق، ضدّ الاحتلال الأميركي، ونقل المواجهة الى المستوى التشريعي وتحريك البرلمان العراقي، بغضّ النظر عن كلّ التمايزات الحزبية، باتجاه سنّ قانون يلغي الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين عام 2010.

ـ إعلان رئاسة الحكومة العراقية، رغم أنها مستقيلة، استعادة السيادة على كافة أجواء العراق وبشكل فوري، على أن يتمّ إعلام وزارة الدفاع وكلّ الجهات الأخرى ذات الاختصاص، بتنفيذ القرار فوراً ودون تأخير.

ـ تنفيذ جميع الاتفاقيات المتعلقة بتزويد القوات المسلحة العراقية بالأسلحة، بما فيها المقاتلات وأسلحة الدفاع الجوي الأكثر تطوّراً، التي وقعتها حكومات عراقية سابقة، مع روسيا، وتمّت عرقلتها من قبل جهات عراقية، تدور في فلك السفارة الأميركية في بغداد، وبتنسيق مباشر مع فريق الموساد الإسرائيلي المقيم في السفارة السيئة الصيت والسمعة نفسها، (هناك ستة آلاف أميركي مسجلين في وزارة الخارجية العراقية كدبلوماسيين على كادر هذه السفارة، وهو ما يوازي عديد لواءين من القوات الخاصة. أيّ انّ لواءين من القوات الخاصة الأميركية يعملان في العراق ويتمتعان بحماية دبلوماسية!

وهنا يجب التأكيد على أنّ ما حققه الشعب العراقي، من خلال انتفاضته ضدّ الاحتلال الأميركي، اليوم ليس هراءً ولا هو أضغاث أحلام، وإنما حقيقة واضحة وانتصار ناجز، لحلف المقاومة، تحقق من خلال ما يلي:

أولاً: وجود قرار قطعي، لا رجعة عنه، لدى قيادة الحشد، مدعومة من قطاعات واسعة جداً من الشعب العراقي، بفرض حصار شامل على كافة نقاط تمركز قوات الاحتلال الأميركي في العراق، بما في ذلك السفارة في بغداد، والمضيّ في المواجهة مع هذه القوات الى أبعد الحدود، وصولاً الى التحرك العسكري الشامل ضدّ الوجود الأميركي في اللحظة المناسبة.

ثانياً: امتلاك أجهزة الاستخبارات الأميركية المختلفة معلومات مؤكدة، بأنّ هذا التحرك الشعبي العراقي ليس أكثر من خطوة أولى، على طريق طويل من الخطوات، الأكثر فعالية والأكثر قسوة تجاه الاحتلال الأميركي. الأمر الذي سيترتب عليه خسائر كبيرة في الأرواح (جنود أميركيين ومتعاقدين) وانعكاسات غاية في السلبية على وضع ترامب الانتخابي داخل الولايات المتحدة.

ثالثاً: تقاطع المعلومات، المتوفرة لدى أجهزة الاستخبارات، الأميركية والإسرائيلية، والمتعلقة باحتمالات تطوّر الانتفاضة الشعبية العراقية ضدّ الاحتلال الأميركي، بأنّ هذا التطور سيقود الى مواجهة واسعة مع كلّ أطراف حلف المقاومة، ليس في العراق فقط وإنما في فلسطين أيضاً، الأمر الذي يعني، كما ذكر موقع ديبكا الاستخباري الإسرائيلي يوم 1/1/2020، أن حلف المقاومة سيشرع بتنفيذ آخر مراحل هجومه الاستراتيجي بهدف تحرير القدس المحتلة وبقية أنحاء فلسطين. وهذا يعني أنّ لدى الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية خشية حقيقية من تدحرج الوضع الى حرب إقليمية واسعة قد تؤدّي الى إغلاق الحساب مع الكيان الإسرائيلي نهائياً.

رابعاً: وبالتالي فإنّ التراجع الأميركي في العراق قد نتج عن كون موازين القوى الاستراتيجي في ميدان المواجهة لا يسمح للحلف الأميركي الصهيوني الرجعي العربي باستمرار عدوانه، لا ضدّ الحشد الشعبي العراقي ولا ضدّ لبنان ولا ضدّ المقاومة الفلسطينية.

وبكلمات أخرى، فإنّ محور المقاومة هو الذي يمسك بزمام المبادرة الاستراتيجي، رغم الاعتداءات والمجازر التي يرتكبها المحتلّ الأميركي والإسرائيلي، مما يعني أنّ الواقع الميداني يختلف عن التهديدات الأميركية والاسرائيلية التي يضجّ بها الإعلام المعادي.

المطلعون على خفايا ما جرى في بغداد يؤكدون القول: ترقبوا مفاجآت من العيار الثقيل في الأيام المقبلة تصلكم تباعاً.بعدناطيّبين،قولواالله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى