تأبين قائد فيلق القدس ونائب رئيس الحشد الشعبي ورفاقهما في الضاحية الجنوبية نصرالله: حذاء سليماني يساوي رأس ترامب والجيش الأميركي قتَل وسيدفع الثمن وهناك فرصة للتخلص من الهيمنة والإحتلال وتحرير القدس
اعتبر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن الأميركيين بدأوا حرباً جديدة في المنطقة باغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني ونائب رئيس «الحشد الشعبي» العراقي أبو مهدي المهندس ورفاقهما، لافتاً إلى أن «الأميركيين بحثوا في تغيير المعادلات وكسر محور المقاومة وإعادة هيبة واشنطن».
وإذ رأى أنه «لا يوجد أي شخصية في موازاة سليماني والمهندس، وحذاء سليماني يساوي رأس الرئيس الأميركي دونالد ترامب»، أعلن «أن القواعد والبوارج العسكرية الأميركية وكل ضابط وجندي أميركي على أرضنا وفي منطقتنا هم أهداف مشروعة للرد على جريمة الاغتيال كون الجيش الأميركي هو من قتل وهو من سيدفع الثمن حصراً».
وفي الإحتفال التأبيني الذي أقامه حزب الله أمس في الضاحية الجنوبية لبيروت، للشهيدين سليماني والمهندس ورفاقهما، وحضره ممثل الحزب السوري القومي الاجتماعي عضو المجلس الأعلى عاطف بزي، قال السيد نصرالله «إن تاريخ 2 كانون الثاني 2020 هو تاريخ فاصل لبداية مرحلة جديدة وتاريخ جديد لكل المنطقة»، مشيراً إلى أنه «يوم حقق فيه الحاج قاسم هدفه وأمنيته، حيث كان الشهيدان قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس يعشقان ويتوقان للشهادة وخصوصاً في السنوات الأخيرة».
نصر جديد للمقاومة
وإذ لفت «إلى أن ليلة الجمعة الماضية كانت نصراً جديداً للمقاومة، فالشهادة هي نصر ومبارك للقائدين وصحبهما»، عرض لتفاصيل العملية قائلاً «غادر الحج قاسم وصحبه ليلة الخميس مطار دمشق إلى مطار بغداد وهناك كان الحاج أبو مهدي وإخوانه في استقباله، وبعد صعود القادة في السيارات تعرّض الموكب إلى قصف بالصواريخ المتطورة من الجو من قبل طائرات أميركية وبشكل وحشي. وأصدرت وزارة الحرب الأميركية بياناً تبنّت فيه العملية وأنها كانت بأمر من دونالد ترامب»، مشدداً على «أننا أمام جريمة واضحة ولسنا أمام عملية اغتيال مبهمة بسيارة مفخخة أو كمين نحن أمام جريمة شديدة الوضوح وصارخة بأمر من ترامب للجيش الأميركي».
ورأى أن «الإغتيال بشكل علني هو نتيجة فشل كل المحاولات السابقة للإغتيال وآخرها في بلدة الحاج قاسم في كرمان عبر وضع المتفجرات في الحسينية التي يحضر فيها مئات الناس»، لافتاً إلى «أن استعراض هذا المشهد يوضح أهداف الإغتيال ويحدّد مسؤوليتنا جميعاً لمواجهة تلك الأهداف».
فشل وارتباك ترامب
وقال السيّد نصرالله إلى «أنه وبعد ثلاث سنوات من تولي ترامب الرئاسة الأميركية هناك فشل وعجز وارتباك وليس هناك ما يقدمه للشعب الأميركي على مستوى السياسة الخارجية وهو ذاهب إلى الانتخابات. في أميركا وضع هدف أول هو إسقاط النظام الإسلامي في إيران وهذا ما عبّر عنه المستشار السابق للأمن القومي الأميركي جون بولتون، حتى وصل إلى الهدف الأدنى هو ضبط السلوك الإيراني وبالتالي الوصول إلى إتفاقات جديدة بينما إيران لم تستجب، فخرج ترامب من الإتفاق النووي وفرض عقوبات وقام بمحاولات الحصار والعزل والرهان على الأزمة الاقتصادية والدفع باتجاه الفتنة لكن فشل كل ذلك».
وأضاف «كل سياسة ترامب هو أن يأتي بإيران إلى طاولة المفاوضات لكن ستنتهي ولايته ولن تذهب إيران إليه ولن يتلقى إتصالاً هاتفياً».
ولفت السيّد نصرالله إلى «أن الفشل الآخر لترامب هو في سورية وكان آخر ما حصل هو خيانته لأصدقائه للجماعات الكردية في سورية، فأبقى ترامب جزءاً من القوات الأميركية في سورية من أجل النفط وجزءاً آخر في التنف بناء على طلب إسرائيل لأن سقوط التنف يعني أن كامل الحدود السورية والعراقية باتت مفتوحة».
وتابع «لبنانياً كان الفشل حليف ترامب بالرغم من كل الأموال التي أُنفقت للتحريض على المقاومة، فكل محاولة الضغط على لبنان لم تجد نفعاً، كذلك الحرب في اليمن هناك عجز والقرار في الحرب هو أميركي بالأصل، وفي أفغانستان يبحث ترامب عن صيغة الخروج التي تحفظ ماء وجهه ولا يملك أي إنجاز، حتى صفقة القرن التي كان يريد أن ينجزها في السنة الأولى أين هي ومن يتحدث عنها؟ و نتيجة صمود الشعب الفلسطيني والقيادات الفلسطينية رغم ما يتعرضون له لم يستطيع أن يفرض ترامب الصفقة».
وسأل السيد نصرالله «على المستوى العراقي ما هو مشروع ترامب الحقيقي؟ فترامب كان واضح جداً وشفاف لأنه مستكبر ولا يرى أحداً أمامه ولا يعترف بدول ومجتمع دولي، في كل الحملة الإنتخابية كان يقول نفط العراق هو حقنا ونحن يجب أن نضع أيدينا على نفط العراق، وكان يقول لا يوجد في العراق دولة ونسيطر على حقول النفط من خلال إرسال قوات عسكرية ثم نستخرج النفط ونبيعه للعالم، فمشروع النفط الحقيقي هو السيطرة على الثروة النفطية العراقية وهو لا يريد دولة تمنعه من ذلك، أراد أن تستمر داعش لسنوات لكي يكون هناك حجة للبقاء في العراق، فمن انتصر في العراق على المستوى السياسي هو الإتجاه الذي لا يخضع للأميركيين، الأغلبية النيابية في المجلس النيابي من الشخصيات الوطنية التي ترفض الخضوع للإرادة الأميركية وعلى ضوئها تشكلت حكومة أزعجت الأميركيين. الحكومة العراقية التي تأسست بعد الإنتخابات برئاسة عادل عبد المهدي رفضت أن يكون العراق جزءاً من الحملة على إيران، رفضت تأييد صفقة القرن والمساهمة في تصفية القضية الفلسطينية، ذهبت إلى الصين لتقيم عقوداً بمئات مليارات الدولارات بينما أميركا تريد المشاريع لشركاتها، رفضت الحكومة العراقية أن تبقى الحدود مغلقة مع سورية وأصرّت على فتح معبر البوكمال».
وأوضح أن «الأمريكيين احتلوا العراق من أجل السيطرة عليه وعلى خياراته وعندما وجدوا أن الشعب يريد أن يستقل ويتحرر أطلقوا عليه الجماعات الإرهابية التي أسسها الأميركيون، وفي الآونة الأخيرة حاول الأميركيون الدفع بالعراقيين إلى الحرب الأهلية وموقف المرجعية والقيادات والعشائر والحشد حال دون ذلك، حاولت واشنطن إحداث فتنة بين الشعبين الإيراني والعراقي».
وأشار إلى أن «الأميركيين تصرفوا في الأسابيع الأخيرة بهلع وهم يشعرون أن العراق يفلت من أيديهم، ترامب والإدارة الأميركية أمام هذا الفشل والعجز في المنطقة، ليس لديه إنجاز في السياسة الخارجية هو ذاهب إلى انتخابات رئاسية».
وأشار السيّد نصرالله إلى أنه «في السياسة الخارجية الأميركية يتحدث ترامب عن ثلاثة أمور في خطاباته الانتخابية: 400 مليار دولار التي أخذها من السعودية بسخرية وإهانة، عن صفقات بيع السلاح إلى الدول العربية بعشرات مليارات الدولار، قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس».
وأوضح «أنّ ترامب والإدارة الأميركية باتا معنيين بالذهاب إلى مرحلة جديدة، فنحن لسنا أمام عملية اغتيال منفصلة بل بداية أميركية في المنطقة، لسنا نحن ذاهبون إلى الاعتداء بل هم بدأوا حرباً جديدة في المنطقة، فالأميركيين بحثوا في تغيير المعادلات وكسر محور المقاومة وإعادة هيبة واشنطن».
وتابع السيّد نصرالله «أخبرت سليماني قبل أسابيع أن هناك تركيزاً في الولايات المتحدة عليك وكان الحديث عن أنه الجنرال الذي لا بديل له وهو كان يضحك عن احتمال اغتياله»، مشيراً إلى أنه «أينما ذهبت أميركا وإسرائيل في ملفات المنطقة كانتا تجدان رجلاً في مواجهتهم في كل مكان في سورية والعراق واليمن وافغانستان وكل محور المقاومة كانتا تجدان قاسم سليماني، إسرائيل تعتبر أن اخطر رجل على وجودها وكيانها هو قاسم سليماني وكانت لا تتجرأ على قتله فلجأت إلى أميركا لقتله».
مشروع الهيمنة ومشروع المقاومة
وأوضح أنّ «النقطة المركزية في دول وقوى وفصائل المقاومة كانت تتجسد في قاسم سليماني وبالتالي كان القرار بقتله بشكل علني، وهذا كان له أهداف سياسية ونفسية وعسكرية، هم يأملون أن يحصل وهن في العراق وقوى المقاومة وأن تتراجع الصلة المتينة بين محور المقاومة وإيران، يأملون أن تخاف إيران وتتراجع، فهناك مشروعان يتصارعان، مشروع الهيمنة الأميركية والإسرائيلية على المنطقة وعلى المقدسات وعلى النفط والغاز والخيرات، أما المشروع الثاني فهو مشروع المقاومة والسيادة والإستقلال والحرية».
وأكد أن «المواجهة مع الجريمة بدأت، ففي إيران كان يأمل ترامب ترهيب طهران وإخضاعها من أجل الذهاب إلى المفاوضات وأن لا تقوم بأي رد فعل على الجريمة، فالرد بدأ في إيران من بيان الامام السيد خامنئي الواضح وباقي البيانات والشعب الإيراني الذي نزل بشكل عفوي في كل المدن الإيرانية».
وأضاف «(وزير الخارجية الأميركي مايك) بومبيو كان يراهن على موقف الشعب الإيراني وكيف سيتعاطى مع الاستشهاد، أقول لبومبيو شاهد التلفاز غداً وتلقى رسالة الشعب الإيراني من طهران وكرمان كما تلقيتها اليوم من مشهد».
واشار إلى أن «إيران أعلنت أنها سترد وتنتقم وبالتالي الهدف الأول للعملية أسقطه الإيرانيون، وفي العراق كان الأميركي يراهن على ضعضعة الحشد الشعبي والفريق الوطني ويذهب العراق إلى محنة داخلية وتحصل عملية ترهيب لبقية العراقيين، فالرد العراقي بدأ بتشييع الشهداء سوياً، ومن أهم ما حرص عليه الأميركيون فتح كل الجروح وزرع الأحقاد بين العراقيين والإيرانيين بينما في النتيجة كانت تشييع الشهداء صفاً واحداً. فالحراك الشعبي من الخميس إلى اليوم دليل على إنقلاب السحر على الساحر في العراق، اليوم يتطلع العالم كله إلى مجلس النواب في العراق حيث أغلب الكتل أكدت أنها ستصوت رغم الضغوط الأميركية على قرار خروج القوات الأميركية من العراق».
وأكد «أن بند خروج الأميركي إن لم يسقط في مجلس النواب العراقي فالمقاومون الشرفاء لن يبقوا جندياً أميركياً في العراق، فالقدر المتيقن وأضعف الإيمان في الرد على جريمة قتل سليماني والمهندس هو اخراج القوات الأميركية وتحرير العراق من الاحتلال الجديد، وسيكتشف الأميركيون أنهم خسروا العراق بعد قتل سليماني والمهندس بينما كان هدفهم من قتلهما العكس».
وأوضح أن «الشهيد سليماني كان خلف المقاومة التي حرّرت العراق من الإرهاب ويجب أن يؤدي دمه ودم أبو مهدي إلى التحرير الثاني للعراق من الإحتلال الأميركي»، مشدّداً على «وجوب مواصلة المسير بصلابة في سورية باتجاه النصر النهائي، فلا يجوز أن يخاف أو يقلق أحد نتيجة استشهاد القائد العظيم، وفي اليمن يجب أن يمضي اليمنيون بشجاعة وبنفس الثقة».
وفيما يتعلق بالرد على جريمة اغتيال الشهيدين سليماني والمهندس اعتبر السيّد نصرالله أن «القصاص العادل يعني الوجود الأميركي في منطقتنا، فيجب أن نذهب جميعاً في منطقتنا وأمتنا الى القصاص العادل».
ورأى أنه «لا يوجد أي شخصية في موازاة سليماني والمهندس وحذاء قاسم سليماني يساوي رأس ترامب»، معتبراً «أن القواعد العسكرية والبوارج العسكرية الأميركية وكل ضابط وجندي أميركي على أرضنا وفي منطقتنا هم أهداف مشروعة للرد على جريمة الاغتيال كون الجيش الأميركي هو من قتل وهو من سيدفع الثمن حصراً، ولا نعني الشعب الأميركي على امتداد منطقتنا، فهناك مواطنون أميركيون لا ينبغي المسّ بهم لأن ذلك يخدم سياسة ترامب ويجعل المعركة مع الإرهاب»، داعياً إلى أن تكون المعركة والمواجهة والقصاص العادل للذين نفذوا وهم مؤسسة الجيش الأميركي الذي ارتكب هذه الجريمة والقصاص يكون ضده في منطقتنا .
وأكد أن «الاستشهاديين الذين أخرجوا أميركا من منطقتنا في السابق موجودون وأكثر بكثير من السابق، وكان المجاهدون والمقاومون قلة قليلة في السابق واليوم هي شعوب وقوى وفصائل وجيوش تملك إمكانات هائلة، وسيخرج الأميركيون مذلولين ومرعوبين كما خروجوا في السابق، وعندما تبدأ نعوش الجنود والضباط الأميركيين بالعودة إلى الولايات المتحدة ستدرك إدارة ترامب أنها خسرت المنطقة وخسرت الإنتخابات».
ودعا السيّد نصرالله إلى «أن يكون هدفنا في محور المقاومة بالرد على دماء سليماني وأبو مهدي هو إخراج القوات الأميركية من منطقتنا، وإذا تحقق هذا الهدف سيصبح تحرير القدس على مرمى حجر وقد لا نحتاج إلى معركة مع إسرائيل، وعندها سيكتشف ترامب الجاهل ومن معه من الحمقى مدى غباء فعلتهم أنهم لا يعرفون ماذا فعلوا والأيام ستكشف لهم».
وأوضح أن «القصاص العادل من أجل قاسم سليماني هو القصاص العادل من أجل عماد مغنية ومصطفى بدر الدين وعباس الموسوي وكل شهداء هذه الأمة، نحن لا نأخذ هذا الخيار من الموقع العاطفي لسنا خائفين أو غاضبين بل نعتبر أن هناك فرصة للتخلص من الهيمنة والإحتلال».