الوطن

الخارجية والمالية تتقاذفان التهم حول التقصير في سداد مساهمات لبنان للأمم المتحدة

أثار إعلان الأمم المتحدة فقدان لبنان إلى جانب تسع دول أخرى، حق التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة بسبب تأخره عن دفع مساهماته في موازنة المنظمة الدولية، سجالاً وتقاذف تهم بالتقصير بين وزارة الخارجية من جهة ووزارة المالية من جهة أخرى حول مسؤولية هذا التأخر.

فقد أسفت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان لإعلان الأمم المتحدة، مؤكدةً «أنها من جهتها قامت بكل واجباتها وأنهت جميع المعاملات ضمن المهلة القانونية، وأجرت المراجعات أكثر من مرّة مع المعنيين من دون نتيجة».

واعتبرت أنه «بغضّ النظر عمّن هي الجهة المسؤولة فإن لبنان المتضرر بمصالحه وبهيبة الدولة وسمعتها»، آملةً أن «تتم معالجة المسألة بأسرع وقت ممكن لأنه يمكن تصحيح الأمر».

من جهتها، أكدت وزارة المالية في بيان، أنها لم تتلقَ أي مراجعة أو مطالبة بتسديد أي من المستحقات المتوجبة لأي جهة علماً أن كل المساهمات يتم جدولتها بشكل مستقل سنوياً لتسديدها وفق طلب الجهة المعنية.

وأشارت إلى أنّ التواصل دائم مع الإدارات المختلفة في ما يخصّ مستحقاتها والمراجعة الوحيدة تمّت أول من أمس وأوعز الوزير بدفع المبلغ المتوجب صباح اليوم الاثنين.

ونشرت وزارة الخارجية والمغتربين نسخة عن مراسلتين تعودان لعامي 2018 و2019 توجه فيهما الوزير جبران باسيل إلى وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل يطلب فيهما تسديد مساهمات لبنان في المجالس الإقليمية والهيئات الدولية.

وجاء في هاتين المراسلتين «لما كانت مساهمات لبنان في المجالس الإقليمية والهيئات الدولية تشكل نفقات سنوية ودورية ينعكس التأخير لتسديدها سلباً على سمعة لبنان وعلى تخصيصه بمشاريع تنموية ويؤدّي عدم الإيفاء بها إلى عدم تمكّن ممثلي لبنان من التصويت في الهيئات ومتابعة قضايا ترشيحات لبنان ومصالحه الدولية. ولما كانت هذه الوزارة ترسل تباعاً معاملات تصفية هذه المساهمات، فإننا نرجو إعطاء تعليماتكم والإيعاز لمن يلزم بإعطاء الأولوية القصوى لتصفية معاملات المساهمات الدولية، وقد سبق لهذه الوزارة ان أحالت التصفيات التي تحمل الأرقام التالية: ( 9003 – 9005 -9008 -9009 -9010-9011 – 9012 -9013 -9014 – 9015 – 1016 – 9017 – 9018 – 9019 – 9020 – 9021 – 9022 – 9023 – 9024 – 9025 – 9026 – 9027 – – 9028 – 9029 – 9030 – 9031 – 9032 – 9033- – 9034 – 9035 -)، راجياً الإطلاع واتخاذ ما ترونه مناسباً تأميناً لحسن سير عمل المصالح اللبنانية لدى المؤسسات الدولية والهيئات الدولية والإفادة».

ولاحقاً، قالت وزارة المالية في بيان «كنا نودّ ألاّ ندخل في سجالات حول أمور يجب أن تتحمّل الإدارات المعنية المسؤولية فيها وفق الأصول، ولكن ربما البعض أوقع وزير الخارجية في خطأ فتمّ توزيع كتاب موجه إلى وزير المال عن مطالبات بدفع مستحقات بتاريخ 18/7/2018 هي حوالات مدفوعة بالكامل في وقتها، والمراسلة نفسها تجيب على الجزء الآخر حيث كيف تبرّر المطالبة عن إحالة في شهر 12/2019 في شهر 7/2018 وذلك تماماً كما القرار الأول الموزع ولا صلة أو علاقة لوزارة المالية بالموضوع المطروح».

وكان ردّ من خليل عبر تغريدة عبر «تويتر» قائلاً «لتقرأ وزارة الخارجية بيان وزارة المال والجداول المرفقة، ولتعترف بخطئها وتتحمّل المسؤولية ولتبادر إلى معالجتها فوراً يوم الاثنين، ولتحاسب من نشر المراسلة الداخلية التي لا معنى لها ولا علاقة لها بالموضوع».

مواقف

وأثار هذا الأمر ردود فعل استهجنت ما حصل. فغرّد النائب شامل روكز عبر «تويتر» قائلاً «خسر لبنان حقّ التصويت بالجمعية العمومية للأمم المتحدة بسبب تخلّفه لأول مرة بتاريخه عن دفع متوجباته المالية لسنتين. من عضو مؤسس إلى عضو متخلف عن دفع مستحقاته! نطلب الدعم الخارجي، بينما يتباهى كلّ سياسي بعقاراته وممتلاكاته في الدول الخارجية».

وأضاف «نتخلف عن دفع المستحقات، بينما تهدر الأموال في كل اتّجاه وتسرق! بئس الزمن الذي تشوّهت فيه صورة لبنان المجد والسيادة والريادة».

بدوره، أشار رئيس «الرابطة المارونية»​ النائب السابقنعمة الله أبي نصررداً على سؤال حول ملابسات حرمانلبنانمن التصويت فيالأمم المتحدة، إلى «أنها المرة الأولى التي يمنع فيها لبنان من حقه في التصويت في الأمم المتحدة نتيجة عدم الإيفاء بالتزاماتهالمالية تجاه هذه المنظمة الأممية، وهو أحد المساهمين الرئيسيّين في صوغ إحدى أهمّ وثائقها التأسيسية: شرعة حقوق الإنسان عبر الدكتور شارل مالك». واعتبر أنّ «ما حصل كان معيباً، ولا يليق بسمعة لبنان ودوره، وأعطى انطباعاً بغياب دولته التام عن القيام بواجباتها الأساسية، في ظلّ تقاذف المسؤوليات بين وزارتي الخارجية والمال».

وطالب «​التفتيش المركزيبإجراء تحقيق سريع وشفاف لتحديد الجهة المسؤولة في هذه القضية، وإعلان نتائج هذا التحقيق على الرأي العام لمعرفة المقصر الذي يتعيّن عليه الإقرار بمسؤوليته، وتحمّل تبعات التقصير».

من جهته، اعتبر الأمين العام لـ «التيار الأسعدي» المحامي معن الأسعد في تصريح أن «إعلان الأمم المتحدة أنّ لبنان بات من الدول التي لا يحق لها التصويت، لأنه لم يسدد اشتراكاته منذ عامين، مؤشر إلى الواقع المفلس للدولة الذي يشكل فضيحة جديدة للطبقة السياسية الحاكمة»، مؤكداً أن «هذا يعني أن لا وجود للدولة ولا لمؤسسات وقد حوّلتها الطبقة السياسية إلى مزارع طائفية».

وقال «إنّ مفهوم الدولة قد انعدم كلياً وأنّ اللبنانيين بلغوا مرحلة غير مسبوقة من الفقر والعوز والمجاعة، بفعل انشغال الطبقة السياسية وحكوماتها المتعاقبة بمصالحها وبنهب الأموال العامة وتشريع الفساد والمحاصصة والاستزلام».

وأكد أنّ «السلطة اتخذت قراراً مسبقاً بسرقة أموال اللبنانيين، وهي لم تتخذ موقفاً لتدارك الأزمات»، متسائلا «لماذا استمرار مهزلة تأليف الحكومة وإلهاء اللبنانيين فيها، وكأن هذه الطبقة وحدها تملك مفتاح التأليف أو القرار».

وختم الأسعد «لا حلّ إلاّ بإسقاط هذه الطبقة ومحاسبتها واسترداد ما سلبته من أموال على مدى ثلاثة عقود، ووحدها تكفي لسداد الديون».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى