حديث الجمعة

أنقذوهم قبل أن يجرفهم السيل!!

أكبر فشل يمكن للمرء الوقوع فيه في الحياة هو أن يعيش كل لحظة في عمره محققاً أهداف غيره لاأهدافه وفقاً لقناعات لقناعات الآخرين لا قناعاته هو، فيغدو مسخاً لحياة محيطه..

من منّا لا يتذكر أغنية اشتهرت كثيراً « بابا فين» وهي أغنية ليست على مستوى عال من اللحن والكلمات، لكن المهم أن الأطفال أدوها، واشتهروا إلى حين من الزمن، وسرعان ما استغلّ تجّار ( المخدرات الفنية) هؤلاء الأطفال، وجمعوهم في فرقة، وأقاموا لهم حفلات هنا وهناك حتى اختفت الأضواء، ولا أحد يدري ماذا حلّ بهؤلاء الأطفال فقد كان هدف داعميهم الاستفادة المادية من وجودهم لا أكثر!!

استغلال الأطفال والطفولة جريمة ما زالت مستمرة واسمها the voice kids..

يبدو أنها كثيرة القصص التي نميل بالسليقة للتماثل معها، نقتبس مشاعر الآخرين، نحاكيهم، نقلدهم في الحركات والعبرات وحتى اللوك الخارجي.

يأتي الأهل المأخوذون بالأضواء والشهرة لأطفالهم، وقد تفننوا بإلباسهم ملابس لا تتناسب وعمرهم الصغير، وسرّحوا شعورهم كنجوم السينما والغناء، ويدربونهم على أغنيات لا يفهم الأطفال منها شيئاً، (( سمعنا طفلاً في برنامج المواهب يغني: ريم على القاع بين البان والعلم، وآخر يغني حبيبي على الدنيا إذا غبت وحشة)).. ناهيك عن تقليد الأطفال لهم في المنازل بنفس الحركات وكلمات الأغاني المختارة والحفلات التشجيعية المقامة في المنازل تحفيزاً لأطفالهم أن يكونوا مثل هؤلاء الأطفال شكلاً وشهرة!! والمشهد الأكثر حزناً عندما تقوم ( اللجنة غير المؤهلة للحكم على مواهب الأطفال بمعظم طاقمها) بطردهم من البرنامج مواسين لهم أنّ المستقبل أمامهم!! ولكأن الطفل فشل في اختراع علمي مذهل ترتب عليه الكثير من الأعباء والخسائر المادية والمعنوية التي ستلغي وجود الكرة الأرضية!!

معظمنا عندما نقضي أيام العطل في أماكن عامة ونسمع احدهم يغني سواء أكان طفل أم شاب نستطيع الحكم على صوته ونقول كلماتنا المشهورة: إمّا ما شاء الله على هذا الصوت الجميل،، أو: حبّذا لو تكمل أغنيتك في منزلك.. وانتهى الأمر.

لقد غذّى الأهل في نفس الطفل طموح النجومية كالمغنين والممثلين، ولم يعد العالم أو الأستاذ قدوة!! هل سيتدارك الأهل أنّ مثل هذه البرامج هدفها تحقيق المزيد من الأرباح لمحطات بثّها!!

لا يطيب اللحم إلّا حين يسوى على نار الشواء، كذلك تسوية الأبناء وتربيتهم، تصهره حرارة التجارب ولهيب الابتلاءات فتؤدبه وتحنكه وتنضجه وتسويه، حذار من تربية الأبناء من نار مشتعلة تحرق لحمك أو نار مطفأة لا تنضجهم!! النجومية كالنار تخمد بعد اشتعالها بساعات أو أقل.. ابحثوا عن الثبات.

صباح برجس العلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى