مانشيت

اجتماع أمني في بعبدا لأن الحريري رفض مجلس الدفاع… ويواجه شمالاً ريفي والمشنوق 17 مقعداً وزارياً محسومة من حكومة لم يتقرّر حجمها 18 أو 20 أو 24 وزيراً لقاءات دياب مع عون وبري على إيقاع مخاطر الفوضى والعنف… واليوم حاسم

كتب المحرّر السياسيّ

لخّصت مصادر متابعة للملف تشكيل الحكومة لـ»البناء» المشهد مع مرور شهر على تكليف الرئيس حسان دياب بتشكيل الحكومة الجديدة، بالدعوة لرؤية النصف المليء من الكأس، فالمدة المنقضية هي شهر قياساً لحكومات شكل أغلبها أو شارك بتشكيلها أو دافع عن بطء تشكيلها، الذين يتحدّثون عن التابطؤ اليوم، بينما استغرق سواها بين ستة وتسعة وأحد عشر شهراً، وفي الشهر يمكن القول إن المسافة التي تمّ قطعها تلاقي تطلع اللبنانيين لسرعة تشكيل تأخذ بالاعتبار الظرف الاستثنائي الذي تعيشه البلاد. فالمسافة التي قطعت هي أكثر من ثلاثة أرباع الطريق، وما تبقى على أهميته والمصاعب التي تعترضه، ليس مستعصياً، ويجري العمل على إيجاد الحلول لتولد الحكومة، ضمن المهلة التي حدّدها الرئيس المكلف بين أربعة وستة أسابيع لولادة حكومته، والتي تنتهي عملياً مطلع الشهر المقبل.

قالت المصادر لـ»البناء» إن سبعة عشر مقعداً باتت محسومة ومتفقاً عليها، وأن هناك نقاشاً حول كيفية تحقيق التوازنات المطلوبة طائفياً ونيابياً، في تركيبة الحكومة، لاستكمال تشكيلتها، وهو أمر يمكن تحقيقه إذا تم التفاهم على أحد المراكز الأرثوذكسية في الحكومة، بتوزير النقيبة السابقة للمحامين أمل حداد، التي تبنّى ترشيحها الحزب السوري القومي الاجتماعي والكتلة القومية النيابية، من بين الأسماء التي اختارها الرئيس المكلف. وبهذا تولد حكومة من ثمانية عشر وزيراً تطابق الرؤيا التي يتبنّاها الرئيس المكلّف لتشكيل الحكومة. وأضافت المصادر أن التفكير بتوسيع الحكومة الذي لا يزال يعترض عليه الرئيس المكلف، جاء بخلفية السعي لتأمين التوازنات المطلوبة طائفياً ونيابياً، إذا تعذّر الجمع بين توزير حداد وتلبية طلبات كتلة التيار الوطني الحر بالمقاعد الأرثوذكسية، ففي حكومة الـ 24 يزيد مقعد أرثوذكسي ويصير التوزير لأرثوذكسي يلبي طلب القوميين ممكناً، كما يصير ممكناً منح تيار المردة فرصة تسمية أحد الاختصاصيين غير الحزبيين لمقعد كاثوليكي، وينال التيار الوطني الحر مثله فرصة تسمية للمقعد الماروني المضاف، طالما أن لا مشكلة في المقاعد الموزعة بين الطوائف الإسلامية في صيغة الـ 18 أو في ما ستتم إضافته في صيغة الـ 24 التي لا تزال العقبة أمامها هي رفض الرئيس المكلّف للسير بها.

وبين الصيغتين تقدّمت صيغة الـ 20 وزيراً التي يُزاد فيها لصيغة الـ 18 وزيراً، وزيران درزي وكاثوليكي، مما يتيح عملية تبديل في المقاعد والطلبات وفقاً لبعض المقترحات التي لا تزال تلاقي اعتراضاً من القوميين والمردة.

وفقاً للمصادر اليوم سيكون حاسماً، حيث يفترض أن يشهد تكثيفاً للتشاور بين الرئيس المكلف وكل من رئيس الجمهورية بواسطة المعاونين والمستشارين، بعدما التقى الرئيس المكلف حسان دياب اليوم كلاً من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، بينما تتواصل المشاورات اليوم مع كل من رئيس تيار المردة الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية ورئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان نيابة عن الكتلة القومية النيابية، والتشاور لبتّ الخيارات يجري كما جرت اجتماعات أمس، على إيقاع تجدّد الفوضى والعنف في بيروت أمام الطرق المؤدية إلى مجلس النواب، وكما يوم أول أمس، سقط العشرات من الجرحى من القوى الأمنية والمتظاهرين.

واستمرّت الاشتباكات في محيط ساحة النجمة بين المتظاهرين وقوى الأمن الداخلي وعناصر مكافحة الشغب حتى منتصف ليل أمس، قبل أن يغادر المحتجّون الساحات بسبب الأمطار الغزيرة وتدخل الجيش اللبناني لاحتواء الموقف. وقد سُجّلت حالات فوضى واسعة في وسط بيروت، حيث تمّ اقتحام عدد من المحالّ التجارية وسط بيروت من قبل بعض المتظاهرين الملثمين وتكسير واجهات بعض المصارف. وتم تداول فيديوات على وسائل التواصل الاجتماعي أوضحت أن شباناً يتكلمون بلكنة سورية من ضمن المحتجين.

وأحصى الصليب الأحمر اللبناني 169 حالة صحية تم نقلها إلى المستشفيات المجاورة منها 80 حالة نقلها الصليب الأحمر، وقدّم الإسعافات الأولية في موقع الإشكالات لحوالي 140 حالة صحية، وتنوّعت الحالات بين ضيق في التنفس وكسور وإعياء وجروح.

وتقول مصادر بعض مجموعات الحراك لـ»البناء» إن «عناصر مجهولة تندسّ في أي تحرّك يدعو إليه الحراك السلميّ وما يجري من أعمال شغب وعنف ضد القوى الأمنية والمؤسسات والأملاك العامة والخاصة لا يمثل الحراك»، موضحة أن «من يدّعون أنهم قياديون في الحراك لا يمثلون هذا الحراك أيضاً بل لديهم خلفيات وأجندات سياسية مختلفة ويتماهون مع بعض التعليمات والشروط والمطالب الخارجية، بل إن الحراك الحقيقي هو الذي يتحوّل الى حركة إصلاحية سلمية تملك رؤية كاملة ويكون حريصاً في الوقت نفسه على استمرارية عمل المؤسسات والدولة وحفظ الأمن والنظام العام».

بدوره، حذّر وزير الداخلية الأسبق العميد مروان شربل من الاعتداء على القوى الأمنية والجيش اللبناني من قبل عناصر موجّهة ومدسوسة من جهات متعددة لأهداف مختلفة، مشدداً على أن «القوى الأمنية هدفها حماية أمن المتظاهرين من أي اعتداء، لكن مولجة أيضاً بقمع وضبط اي اعتداء عليها وعلى الأملاك العامة والخاصة»، وأشار لـ»البناء» الى أن الأجهزة الأمنية لديها الداتا الكاملة عن هؤلاء المخرّبين، لكن إنهاء عمليات الشغب بشكل كامل ليس بالأمر السهل ويحتاج الى تنسيق وتعاون بين الأجهزة الأمنية ومناخ سياسي توافقي»، وأوضح أن «تأليف الحكومة يساهم الى حد كبير بتخفيف التوتر وإنهاء الأعمال العنفية التي يجب أن تشكل حافزاً للضغط على المعنيين لتأليف الحكومة».

وفيما تحدثت معلومات عن استقدام عناصر من الشمال الى العاصمة بتوجيه من جهات استخبارية داخلية وخارجية تدخل في إطار تنافس بين قوى إقليمية لها تأثير مشترك في الساحة الشمالية، عبّر الرئيس سعد الحريري عن امتعاضه من سلوك أهل طرابلس والشمال متهماً بعضهم بتخريب بيروت! وقال: «يعزّ عليّ أن يُقال إنه تم استقدام شبان باسمكم لأعمال العنف أمس. لكنني أعلم ان كرامة بيروت أمانة رفيق الحريري عندكم وأنتم خط الدفاع عن سلامتها وضمير التحركات الشعبية ووجهها الطيب. احذروا رفاق السوء وراقبوا ما يقوله الشامتون بتخريب العاصمة».

إلا أن الحريري الحريص على أمن بيروت ولبنان كما يدّعي، بحسب ما تقول مصادر مطلعة لـ»البناء» «رفض تحت حجج واهية المشاركة في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الذي دعا اليه رئيس الجمهورية ميشال عون»، ما دفع عون بالاستعاضة عنه بالدعوة الى اجتماع أمني في بعبدا يحضره وزيرا الدفاع والداخلية وقادة الأجهزة لمواكبة التطورات الأخيرة، وأوضحت مصادر الحريري أنه «رفض المشاركة في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع منذ بداية الثورة لاعتباره ان الحل ليس أمنياً إنما سياسي ويبدأ بتشكيل حكومة تراعي مطالب الشارع»، موقف الحريري يكشف بشكل واضح تخليه عن جميع مسؤولياته كرئيس لحكومة تصريف أعمال ويزيد الوضع الأمني انكشافاً لا سيما أن تيار المستقبل لم ينفك عن ممارساته الميليشياوية اليومية بقطع الطرقات في المناطق المنتشر فيها والاعتداء على المارة واستدراج الفتنة. ولفت تحذير وزير الداخلية الأسبق النائب نهاد المشنوق من سقوط دماء خلال الاسبوع الحالي، وتسويقه لانتخابات رئاسية ونيابية مبكرة وقانون انتخاب جديد وصفه بالعاقل، فيما هو من كان وزيراً للداخلية خلال إقرار القانون الحالي! ما دفع بمصادر أمنية للتساؤل عن معلومات المشنوق وهل هناك خطة معدّة لاستدراج فتنة يعلم بها المشنوق وكيف حصل على المعلومات ولماذا لا يضعها في عهدة الأجهزة المعنية لاستباق أي عمليات عنف وإلقاء القبض على المخلّين بالأمن وتجنيب البلد الدماء والفتن! وهل تعرف الأجهزة الرسمية ما يعرفه المشنوق؟

الى ذلك، برز موقف لافت لحزب الله هو الأول من نوعه من الملف الحكومي، جاء على لسان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد، موجهاً النقد إلى «من يقول لن أشارك في هذه الحكومة، ويتنصل من كل الواقع، ويهرب إلى التل، يترقب كيف تميل الميلة»، موجهاً إليهم رسالة، بأنه «ممنوع الهروب والتخلي عن المسؤوليات، إن شاركتم أو لم تشاركوا في الحكومة، فأنتم معنيون، ولن ندعكم وشأنكم، وهذا البلد بلدنا وبلدكم، فمنذ ثلاثين عاماً، وأنتم تغرفون من خيراته، واليوم تتنكّرون وتقولون للناس دبّروا حالكم». وقال خلال حفل تأبين في الجنوب: «نحن مع الحراك، لكن لو شاركنا فعلياً فيه، لكانت الحرب الأهلية تقرع أبوابنا الآن، وكلنا مأزومون من السياسة المالية والنقدية، لكن لا تيأسوا، لأنها أزمة اقتصادية عابرة».

وقد لوحظ التدخل المتكرر لمنسق الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش في الشؤون اللبنانية وبشكل لافت وغير مسبوق، تارة يدافع عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وسياساته المالية وتارة أخرى يهاجم المسؤولين السياسيين الرسميين! وأمس كتب على «تويتر» قائلاً: «يوم آخر بلا حكومة وليلة أخرى من العنف والاشتباكات».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى