أخيرة

الحكومة الجديدة والتحديات وفرص النجاح

} أحمد بهجة*

إنّ المتابع للشأن السياسي والقريب من صنّاع القرار يدرك أنّ تشكيلة الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور حسان دياب في طريقها الى الاكتمال عند أول مناسبة تتفق فيها القوى السياسية المشاركة فيها، لتبدأ بعدها الحكومة مكتملة في أداء مهامها بمواجهة الكثير من المشاكل والتحديات.

والسؤال: هل هناك فرق بين الحكومة الجديدة والحكومات السابقة؟ وهل ستصمد الحكومة المقبلة وتستمرّ بعملها رغم ثقل التحديات؟

من البديهي القول إنّ لكلّ حكومة تحديات ومهامّ ومؤيدين ومعارضين، وانّ نسبة المعارضين تزداد مع تلكّؤ الأداء الحكومي، وتكبر نسب المؤيدين مع نجاح الحكومة وإرضائها للمواطن بتلبية حاجاته وطموحاته.

وانْ كان التحدي الأكبر الذي تواجهه الحكومة الجديدة هو خطوتها الأولى التي يجب ان تكون ناجحة في تحقيق إنجاز مهمّ ولافت عجزت عنه الحكومات السابقة.

لقد تعاقبت أكثر من حكومة بأنواعها وأشكالها على إدارة شؤون البلاد، والحقائق تشير إلى حالات إخفاق في المجالات السياسية والاقتصادية والتعليم والصحة، والجانب الأوضح هو التلكّؤ في مراعاة حقوق الشعب في أمواله وحقوقه القانونية وما شابه، والحقيقة أنّ هناك خللاً في هذا الجانب، ينبغي معالجته بدقة، أما ما هو هذا الخلل، فكما يرى الخبراء أنّ الأمر لا يتعلق بجانب محدّد بل عدة جوانب من حيث التخطيط والإدارة والتنفيذ، ومن ثم الشروع الفعلي في القضاء على الفساد، كما نطالب دائماً ومراراً وتكراراً، فمن المعروف أنّ الإدارة الناجحة هي إحدى أهمّ الركائز التي يتطلّبها بناء الدولة التي تتساوى فيها الحقوق مع الواجبات، وتنمو فيها الكفاءات، وتأخذ دورها كما يجب، وتُحفظ فيها الحريات كافة، وتكون فيها حرية الرأي والإعلام والفكر مضمونة ومصانة، ويكون مكفولاً التعايش وكذلك التعددية، في إطار دولة المؤسسات، فلا يمكن بناء دولة حديثة ناجحة، من دون وجود إدارة ناجحة وسياسة متوازنة مجرّبة.

إنّ المواطن لا يريد من الحكومة الجديدة إصلاحات مكتوبة على الورق أو شعارات أو أطروحات نظرية، كلّ حكومة تأتي إلى السلطة في لبنان ترفع شعار الإصلاح وتحمل برامج اقتصادية وتنموية وتأهيلية وعمرانية، وكأنها العصا السحرية التي ستحقق حلم الرفاهية للمواطن اللبناني الذي تتجاذبه الأزمات من كلّ مكان (أزمة مالية، أزمة كهرباء، أزمة مياه، أزمة تعليم، أزمة سكن، أزمة صحة، أزمة بيئية، أزمة سياسية، أزمة أمنية، وأزمة فقر وبطالة وجوع وهجرة ونزوح إلخ

لا نبالغ لو قلنا انّ المصير الوطني والجماهيري وديمومة النظام والعمل السياسي اللبناني برمّته مرتبط بمصير هذه الحكومة، بل انّ المصير اللبناني كله مرتبط، الى حدّ كبير بمصير هذه الحكومة، ولذلك فإنها لا تمتلك خياراً إلا ان تنجح لينجح معها الوطن والمواطن اللبناني، الذي سيتحوّل بهذا النجاح الى نموذج يحتذي به الجميع.

فبماذا يا ترى، ستنجح الحكومة الجديدة؟ وبأية أدوات ووسائل؟

أولاً: ستنجح الحكومة إذا كان بإمكان رئيسي الجمهورية والحكومة إقالة الوزير الذي يعجز عن إثبات كفاءته ونزاهته وقدرته على العمل والإبداع والإنجاز، من دون أن يعطل تيار أو حزب هذا الوزير، هذه القدرة التي يجب أن يتمتع بها رئيسا الجمهوية والحكومة لنقول بأنّ الوزراء جميعاً وزراؤهما ويكوّنون فريق عمل واحداً وليسوا وزراء بالمفرّق للقوى والتيارات والأحزاب التي رشحتهم للتوزير.

ثانياً: انّ الحكومة الجديدة بحاجة الى بذل كلّ ما في وسعها من أجل تفعيل دور المستشارين في كلّ مفاصلها، فإنّ الوزير قائد في موقعه، مهمّته الأولى إدارة الوزارة في عملية توازن دقيقة بين الواقع والطموح من المشاريع من جهة، وبين ما هو متاح من الأموال المرصودة في الموازنة العامة للدولة من جهة أخرى، من اجل التقليل من العبء الذي يتحمّله كاهل المواطن، ومن أجل النهوض بالواقع إلى مستويات أفضل وأحسن، وكلّ هذا لا يمكن أن يضطلع بمسؤوليته الوزير لوحده، بل انّ عليه ان يعتمد على مستشارين مهمّتهم الوحيدة هي تقديم الدراسات اللازمة والأفكار الخلاقة لكلّ مشروع تنوي الوزارة تنفيذه..

آخر الكلام:

إذا ما تضافرت جهود الحكومة الجديدة وأعادت تفعيل الجهات الرقابية يمكن أن تسجل هدفاً نظيفاً يُضاف في لوحة النجاح اللبناني

*ناشط سياسي وخبير اقتصادي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى