عربيات ودوليات

قانون مغربيّ يُنذر بأزمة بين 4 أطراف

تقرير إخباري

 

عادت عملية ترسيم الحدود البحرية المغربية لواجهة الأحداث مرة أخرى بعد مصادقة البرلمان المغربي، أول أمس، على قانونين يتعلقان بالحدود البحرية للمملكة.

وتقول التصريحات الرسمية المغربية إن «المغرب عمل على تحيين المنظومة القانونية الوطنية للمجالات البحرية».

وعلى الجانب الآخر جاء ردّ جبهة «البوليساريو»، بأن «القانونين اللذين أقرّهما البرلمان المغربي لتوسعة السلطة القانونية للمملكة لتشمل المجال البحري للصحراء الغربية، لن يكون لهما أي أثر قانوني».

أما الطرف الثالث المعني بالخطوة فهي إسبانيا، حيث عبّرت وزارة الخارجية الإسبانية، عن رفضها الخطوة التي اتخذها البرلمان المغربي، «المصادقة على مشروعي قانونين يتعلقان بترسيم الحدود البحرية»، واصفة الخطوة بـ»الأحادية».

وقالت وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليز، في تغريدة نشرتها على حسابها الخاص عبر «تويتر»: «خلال اتصالاتنا السابقة مع المغرب، اتفقنا بعدم تحديد الحدود البحرية بشكل أحادي».

ويتضح بأنّ الخطوة التي اتخذها البرلمان المغربي، ويؤكد أنها ضمن اختصاصات سيادة بلاده، لم تكن خطوة منفردة، إذ تشابكت فيها ثلاثة أطراف أخرى، هي: «جبهة البوليساريو والجزائر وإسبانيا»، الأمر الذي يفتح الباب على تساؤلات عدة حول ما يمكن أن يترتب على تلك الخطوة بين المغرب وتلك الأطراف الثلاثة.

الموقف المغربي

فيما يتعلّق بالموقف الرسمي للمغرب، فعبر عنه وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي ناصر بوريطة قبيل المصادقة على النصين وقال: «كان علينا تحيين المنظومة القانونية الوطنية للمجالات البحرية».

وأضاف بقوله «من شأن هذا التحيين أن يتيح تحديداً دقيقاً للمجالات البحرية الواقعة تحت سيادة المملكة المغربية».

وأكد بوريطة في عرضه أمام البرلمان أن «تبني هذين القانونين هو مسألة داخلية سيادية»، لكنه شدّد في الوقت نفسه على «انفتاح المغرب واستعداده للحوار والتفاوض مع جيرانه وخاصة إسبانيا لمعالجة أي تداخل في المجالات البحرية للبلدين».

من ناحيته قال جمال كريمي بنشقرون، النائب البرلماني عن حزب التقدّم والاشتراكية، إن «المغرب لا يعترف بما يسمّى بالبوليساريو الذي تورّطت في دعمه دولة الجزائر، وإن البرلمان المغربي صوت على «تحيين» تشريعات كانت موجودة من أربعة عقود».

وأضاف أمس، أن المغرب «يحدد حدوده طبقاً لما نص عليه قانون البحار، وبالآليات ذاتها التي تتخذها الدول في تحديد حدودها البحرية والمناطق الاقتصادية».

وبشأن دور الأمم المتحدة في عملية ترسيم الحدود، أوضح أن «إشراف الأمم المتحدة على قضية الصحراء، لا يتعارض مع ما قام به المغرب طبقاً للقانون الدولي، وأن المغرب منسجم مع المسار الأممي بشأن القضية، وأن سحب اعتراف العديد من الدول بالبوليساريو يؤكد على الدور المغربي ومغربية الصحراء، إضافة إلى استحداث قنصليتين في مدينة العيون عاصمة الصحراء المغربية»، حسب قوله.

ويرى أن قضية الصحراء «أزمة مفتعلة»، وأنه «لا يمكن ربط القضية بالذهاب لعدم بسط المغرب سيادته على حدوده الترابية».

الموقف الإسباني

أما الرد الإسباني على الخطوة فجاء سريعاً عقب تصويت البرلمان المغربي، حيث عبرت وزارة الخارجية الإسبانية، عن رفضها للخطوة التي اتخذها البرلمان المغربي، المصادقة على مشروعي قانونين يتعلقان بترسيم الحدود البحرية، واصفة الخطوة بـ»الأحادية».

وقالت وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليز، في تغريدة نشرتها على حسابها الخاص عبر «تويتر»: «خلال اتصالاتنا السابقة مع المغرب، اتفقنا بعدم تحديد الحدود البحرية بشكل أحادي». وأضافت، أن «الاتفاق على تعيين المسافات البحرية بين المغرب وإسبانيا لا يزال معلقاً لأنه تم من جانب واحد»، مشددة على أن «هذه الخطوة تستوجب اتفاقاً متبادلاً بين الرباط ومدريد وفقاً للقانون الدولي الحالي».

وحول هذا الموقف يقول النائب المغربي بنشقرون، إن «العلاقات بين المغرب وإسبانيا هي علاقات تتسم بالتعاون، وإن الباب مفتوح لأي عمليات حوار، إلا أنه من غير المنطقي استشارة إسبانيا في أمور تتعلق بالسيادة المغربية، وتتمّ وفقاً للقوانين الدولية، وإن إسبانيا لم تتشاور مع المغرب أو أي دول أخرى في ترسيم حدودها، وإن المغرب يمارس سيادته على كافة ترابه الوطني بما فيه الصحراء المغربية».

موقف الجزائر

على الجانب الآخر يبدو موقف الجزائر من قضية الصحراء واضحاً، فالقضية متداولة في الهيئات الدولية وأروقة الأمم المتحدة، وبالتالي أي خطوة أحادية تعتبرها الجزائر في إطار ممارسات الاستعمار.

والجزائر ملتزمة بلوائح الأمم المتحدة، والخطوة التي اتخذها البرلمان المغربي تشوّش على الأجواء في الاتحاد الأفريقي، في حين كان من الأفضل للمغرب الانخراط في الحوار طبقاً لمسار الأمم المتحدة.

البوليساريو

ولم يتأخر موقف البوليساريو، حيث أكدت جبهة «البوليساريو»، أن «القانونين اللذين أقرّهما البرلمان المغربي لتوسعة السلطة القانونية للمملكة لتشمل المجال البحري للصحراء الغربية، لن يكون لهما أي أثر قانوني».

وقال المسؤول في البوليساريو محمد خداد، أول أمس، إن «الجبهة التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية الخاضعة لسيطرة المغرب، تعتبر أن القانونين اللذين أصدرهما المغرب بشأن المجال البحري للصحراء الغربية ليسا سوى ذرّ للرماد في العيون لخداع الرأي العام المغربي ولن يكون لهما أي أثر قانوني»، وذلك حسب وكالة الأنباء الصحراوية.

من جانبها قالت النانة لبات الرشيد، مديرة دار الطباعة و النشر الوطنية التابعة للجمهورية الصحراوية البوليساريو، إن «تصويت البرلمان المغربي لا أثر من قريب أو بعيد».

وأضافت: «المغرب ينتهك الأراضي الصحراوية مياهها وبرها، أي أن النتهاك قائم سواء صادق عليه البرلمان أم لم يصادق».

وتابعت: «الغريب في الأمر أن البرلمان المغربي ذاته هو من صادق على انضمام المغرب للاتحاد الأفريقي وميثاقه الذي يتضمن أن الجمهورية العربية الصحراوية عضو مؤسس، وفيه من البنود ما ينص على احترام الدول الأعضاء».

وأشارت إلى أن تصويت البرلمان «لن يغيّر أي شيء من حقيقة الوضع في الصحراء الغربية، بل يمكن أن يورط معه بعض الأطراف مثل إسبانيا، وسيفتح جبهة قانونية أخرى على الاتحاد الأوروبي يمنح الجمهورية الصحراوية جبهة قانونية أخرى ينازع فيها المغرب والاتحاد الأوروبي مجدداً، وأن كل ذلك في صالح القضية الصحراوية».

القانون الدولي

وعلى صعيد قانونية هذا الإجراء المغربي، يرى أستاذ القانون العام المغربي، عبد العزيز النويضي، أن المغرب «يحقّ له أن يمدّد مياهه البحرية والمنطقة الاقتصادية، طبقاً لاتفاقية المياه البحرية».

وأضاف، أنه «من المحتمل أن تحدث بعض الخلافات حال إقرار القوانين بين المغرب وإسبانيا، وفي هذه الحالة يمكن أن تحلّ عن طريق محكمة قانون البحار، أو محكمة العدل الدولية».

ويحدّد القانونان المجال البحري، الذي يقع تحت السيادة المغربية على واجهتي البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، بما في ذلك مياه سواحل الصحراء الغربية المتنازع عليها، حتى الحدود مع موريتانيا.

ويرى النويضي، أن المغرب «صبر كثيراً بشأن ترسيم الحدود المغربية مع إسبانيا»، مشدداً على أنه «لا يحق لإسبانيا الاعتراض على ترسيم الحدود البحرية طبقاً لنصوص القانون الدولي، إلا أن إسبانيا قد تعترض من منطلق وجود جزر ترى أنها تتبعها في عرض المياه الإقليمية المغربية حال ترسيمها».

وقد حدّد قانون البحار المناطق البحرية للدولة انطلاقاً مما سمّى «خط الأساس»، وقسمها إلى مياه داخلية وتشمل كل أشكال المياه من بحيرات وممرات مائية داخل خط أساس الدولة، والمياه الإقليمية التي تطبق فيها الدولة قوانينها وتضع فيها قواعد المرور البريء ومداها 12 ميلاً أو 22 كيلومتراً.

أما المنطقة المتلاصقة فهي تشكل 22 كيلومتراً إضافية، ولا توجد سيادة مطلقة للدولة عليها لكنها تتعلق بأربعة موضوعات هي «الجمارك والضرائب والهجرة والتلوث».

والمنطقة الاقتصادية وتبلغ 230 ميلاً أو 370 كيلومتراً من خط الأساس، حيث يكون للدولة الحق الخالص في استغلال الموارد الطبيعية.

وأشار النويضي إلى أن «جزر الكناري التي بسطت إسبانيا سيادتها عليها، هي إحدى الأزمات التي تعقد الموقف، خاصة أنها قريبة من الشواطئ الجنوبية للمغرب، فهي تقع ضمن نطاق 200 ميل بحري من شواطئ المغرب».

وتابع قوله بأن «بعض الخلافات يمكن أن تحل تقنياً بين الدولتين عن طريق تشكيل بعض اللجان، خاصة أن القوانين الدولية يمكن أن تضع بعض المعايير حال وجود جزر في المياه الإقليمية».

ويقترح المغرب حكماً ذاتياً لمحافظات الصحراء كحل للنزاع حول الصحراء الغربية (266 ألف كلم مربع)، فيما ترفض جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر مقترح المغرب وتتمسّك بخيار الاستفتاء للاستقلال عن المغرب، ويسيطر المغرب على 80% من أراضي الصحراء، بعد انسحاب الاستعمار الإسباني منها عام 1975.

كما يرى النويضي أن احتمالية الصدام العسكري أو أي مواجهات من هذا القبيل «مستبعَدة»، خاصة أن المغرب يتجنب الدخول في أي صدامات من شأنها «إشعال الصراع المسلح إلا إذا فرضت عليه».

وبحسب النويضي فإن الأمر «يمكن تدويله، خاصة أن الأمر يصطدم بعملية التطبيق الفعلي على الأرض».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى