مانشيت

بوتين يدعو لقمة للدول الكبرى هذا العام للأمن الدولي… واليوم يخرج العراق لإخراج الأميركي الحكومة بين الموازنة والثقة… انتهى التسلّم وبدأ التحدّي… والخارج سيراقب الحريري سينتظر 100 يوم قبل الاستعداد للعودة إلى السراي بشروطه أو من دونها!

كتب المحرّر السياسيّ

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن توجيه الدعوة لقادة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي إضافة لروسيا، وهي أميركا والصين وبريطانيا وفرنسا لعقد قمة تتفرّغ لدراسة المخاطر المحيطة بالأمن العالمي، وتتوخّى البحث بمقترحات وحلول لتخفيض التوتر وبلورة الحلول حيث يمكن. وقالت مصادر روسية إن الدعوة ليست إعلامية بل هي دعوة عملية رافقتها وسبقتها اتصالات دبلوماسية مع القادة المعنيين، وهي تلاقي قبولاً أوروبياً وصينياً وتنتظر التجاوب الأميركي. وتوقعت المصادر أن يكون الموعد المرتقب للقمة في مطلع الصيف المقبل، بعد زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو لموسكو في الربيع المقبل. وقالت المصادر إنه من الطبيعي أن يتصدر التأزم في العلاقات الأميركية الإيرانية ومخاطره على السلم الدولي أبرز القضايا على جدول أعمال القمة المتوقعة، من دون إهمال النزاعات الإقليمية التي تشكلها ملفات أخرى.

حتى تتبيّن المواقف تجاه دعوة الرئيس بوتين ويحين موعد انعقادها، تتواصل المواجهة بين محور المقاومة بقيادة إيران، والمحور الذي تقوده واشنطن، والذي لا تبدو دول الخليج جاهزة من ضمنه لتحمّل تبعات المواجهة، فذهبت كل من جهتها تبحث عن قنوات للحوار مع إيران، بينما يستعدّ العراق اليوم لتلبية دعوة السيد مقتدى الصدر لمليونية إخراج الأميركيين.

على الضفة الأميركية جاء كلام وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو تعليقاً على تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان، رغم الحديث عن المعيار الإصلاحي للحكم على الحكومة الجديدة، تأكيداً لحالة المواجهة التي تعيشها المنطقة وتطغى على كل تفاصيل العلاقات السياسية، حيث استغلّ بومبيو المناسبة للتحدّث عن النظرة الأميركية لربط كل تقدّم في لبنان بإضعاف حزب الله، وكل تعاون مع حكومة بالمعركة التي تخوضها واشنطن على حزب الله.

على المستوى الحكومي بدأت الحكومة الجديدة بترتيب أوراقها لمواجهة الاستحقاقات بعدما فرغت سريعاً من عمليات تسلّم الوزارات وتشرع اليوم بإعداد بيانها الوزاري. وتبدو المسألة الأولى أمام الحكومة ومعها المجلس النيابي هي في كيفية التعامل مع إشكالية العلاقة بين جلستي الثقة وإقرار الموازنة، فالمجلس ملزم بمواصلة مناقشة الموازنة حتى إقرارها، والحكومة غير قادرة على الدفاع عن موازنة لم تطلع عليها، وسيكون عليها العمل بموجبها، والمجلس عاجز عن إعادة الموازنة لحكومة لم تنل الثقة بعد، ومن غير المنطقي تأجيل مناقشة الموازنة، كما أكد بيان رئاسة المجلس أمس وتخطي القواعد الدستورية، والدخول في نفق التأجيل لما بعد إعادة إقرار الموازنة في الحكومة الجديدة، والوضع المالي الدقيق يحتاج للانتظام إلى صدور الموازنة.

هذه الإشكالية يرافقها ما أكدته المواقف الدولية والإقليمية من قرار بمراقبة عمل الحكومة سواء بنية فتح الباب لدعمها مالياً، كما يقول الفرنسيون والبنك الدولي؛ أو بنية مساءلتها والحكم عليها كما هو حال الجمود العربي الراهن تجاه الحكومة في ظل موقف أميركي أقرب للسلبية. وهذا يعني أن على الحكومة البدء بما تستطيعه سواء لتغيير المناخ الداخلي سياسياً في العلاقة بالقوى المناوئة للحكومة، أو بالعلاقة مع المزاج الشعبي المترقب، وسلبية جماعات الحراك، وتبدو في المقدمة الأولوية لتشريع يضمن استقلال السلطة القضائية وتحرير الملاحقات الخاصة بتهم الفساد من أي حصانات أو ضوابط أو موانع، وتسريع إقرار القوانين التي تشرّع قواعد هذه المساءلة وتفتح الباب للمحاسبة، وبالتوازي الإسراع بقوننة الضوابط اللازمة على الصعيدين المالي والمصرفي.

على الصعيد السياسي، قالت مصادر متابعة إن رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري لن يدخل بمواجهة مع الحكومة، وهو يدرك أن رئيسها حسان دياب لا يريد الدخول بلعبة المنافسة على الزعامات الطائفية، لكن حسابات الحريري ليست هنا، بل ترتبط بأنه ترك مسؤولية رئاسة الحكومة لأنه تبلّغ موقفاً أميركياً يشترط السماح للحكومة بالحصول على الأموال بموقف مواجهة مع حزب الله، لأن القرار الأميركي الذي بلغه يعلن الحرب على الحزب ومحور حلفاء إيران في المنطقة. وقد جاء اغتيال الجنرال قاسم سليماني ليؤكد صحة هذه المعلومات، وبالتالي فإن المئة يوم المقبلة حاسمة برأي الحريري فإما أن يفرض خلالها الأميركي معادلة جديدة وعندها يصير للعودة بالشروط التي سبق وأعلنها الحريري فرصة، أي حكومة من دون حزب الله وبرضاه، خصوصاً أن الوضع المالي سيكون قد بلغ مراحل أشد تأزماً برأيه، أو أن يكون الأميركي قد فشل وفي هذه الحالة سيكون بمستطاع الحريري التفكير بالعودة، مرتاحاً من الشروط الأميركية.

المصادر المتابعة قالت إن مشكلة المهل الحريرية أنها لا تأخذ بالاعتبار أمرين، الأول أن الحكومة الجديدة قد تنجح بخلق ديناميكية داخلية تفتح الباب لتحويل التحدي إلى فرصة لتعديل التوجّهات المالية والاقتصادية، واستعادة ثقة الناس المفقودة بالحكومات السابقة، بإجراءات سيكون صعباً تعديلها خصوصاً في مكافحة الفساد. والأمر الثاني أن القوى المشاركة في الحكومة لن تفتح الباب للبحث ببديل للحكومة الجديدة طالما أنها تنجز وتقف بوجه التحديات، وهي تعتقد أن الوعد بالدعم المالي إذا تغيّرت الظروف السياسية لن يكون مشروطاً من الخارج العربي والغربي بعودة الحريري.

ومع انتهاء عمليات التسلم والتسليم في الوزارات بين الوزارء الجدد والسابقين، تبدأ لجنة صياغة البيان الوزاري اجتماعاتها في السرايا الحكومي لإعداد البيان وإحالته الى مجلس الوزراء لإقراره والتقدم من المجلس النيابي لنيل الثقة. وذكرت وسائل إعلامية أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يتجه الى تأجيل جلسة الموازنة الى ما بعد جلسة الثقة للحكومة الجديدة التي يمكنها المثول دستورياً، الا أنها عملياً لا يمكنها مناقشة موازنة لم تطلع عليها. لكن المكتب الإعلامي لبرّي نفى هذا الأمر جملة وتفصيلاً.

وتشير مصادر «البناء» الى أن «البيان شبه منجز واللجنة اليوم ستضع اللمسات الأخيرة عليه، ولفتت مصادر مطلعة على موقف حزب الله لـ»البناء» الى أن «الحزب كما سهل عملية التكليف والتأليف سيسهل إنجاز البيان الوزاري لتنصرف الحكومة الى عملها وتستغل كل دقيقة للعمل لمعالجة الأزمات المتعددة»، مضيفة أنه «لن تكون الصيغة التي ستظهر دور المقاومة في الدفاع عن لبنان، محل إشكالية لدى المقاومة، فأغلب الحكومة هم حلفاء للحزب والمقاومة ولا خوف من أن تتخذ الحكومة أي قرار تصادمي مع الحزب».

وأبدتكتلة الوفاء للمقاومةارتياحها لتشكيلالحكومة، وأكدت أن «على الحكومة الاستعجال فيالبيان الوزاريلمعالجة الأزمات في أسرع وقت ممكن». وتمنت من الرأي العام عدم الاستعجال في الحكم على اداء الحكومة وتجنب الأحكام المسبقة. وأملت أن يقرمجلس النواب​ ​الموازنةفي الوقت المحدد وعدم التأجيل لمعالجةالأزمةالمالية والاقتصادية في أسرع وقت ممكن، مشيرةً إلى أهمية استردادالأموال المنهوبةوالإصلاحات الفورية على مختلف الصعد. وأكد البيان أنه «لا مجاملة مع أحد في السيادة والقرارات الوطنية واستثمار مواردنا».

وقال الوزير علي حسن خليل إن «قرار ثنائي أمل وحزب الله كان واضحاً بتسهيل تشكيل الحكومة منذ البداية»، وأكد خليل في حديثٍ لـ»المنار» أن «البيان الوزاري موضع إجماع بين كل القوى المشكلة لحكومة الرئيس حسان دياب ومن خارجها»، وأضاف: «النص السياسي المعتمد في حكومة الرئيس سعد الحريري ممكن اعتماده في حكومة دياب ولا أعتقد أنه يجب إدخال تعديلات جوهرية عليه»، وأردف أن «الورقة الإصلاحية التي أقرّت تصلح أن تكون مقدّمة وبداية للاصلاح السياسي».

وكشف خليل «أننا بأفضل مراحل العلاقة مع التيار الوطني الحر وكان هناك تنسيق دائم مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الوطني الحر جبران باسيل»، وتابع: «ساهمت هذه العلاقة بتفكيك الكثير من العقد خلال آخر 48 ساعة من ولادة الحكومة».

واعتبر أن «الموقف الأميركي من الحكومة الجديدة سياسي ومنحاز ولنرى موقف المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي والفرنسيين»، وأوضح أنه «إذا أطلقنا خطة الإصلاح هناك استعدادات كبيرة لدعم لبنان وتجب مساعدة أنفسنا ليساعدنا الغير».

وأصدرت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان بياناً مشتركاً حثت فيه الحكومة الجديدة على «المضي قدماً في تحقيق الإصلاحات اللازمة لوقف تدهور الوضع الاقتصادي، واستعادة التوازن النقدي والاستقرار المالي، ومعالجة أوجه القصور الهيكلية الراسخة في الاقتصاد اللبناني في ظل غياب الاصلاح»، مذكرة بأن «اقتصاد لبنان وسكانه يعتمدون على التمويل الخارجي مما يجعلهم عرضة لمصاعب متزايدة».

الى ذلك لم يُسجل يوم أمس، اية مواجهات بين المتظاهرين والقوى الأمنية في وسط بيروت بعد قرار حكومي حاسم بمواجهة التفلت الأمني بحسب معلومات «البناء»، وذلك بعد الاجتماعات المتلاحقة التي عقدها الرئيس دياب مع وزير الداخلية العميد محمد فهمي ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان واجتماع فهمي مع كل من عثمان والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم وقادة أمنيين آخرين، لا سيما ما كشفت عنه التحقيقات الامنية من أن ما جرى في وسط بيروت كان هجمات مخططة ومدبرة وممنهجة على القوى الأمنية متورط فيها مجموعة من الاحزاب كحزب 7، كما قالت وزيرة الداخلية السابقة ريا الحسن، حيث عمل بعض الاشخاص من الحزب المذكور على تأمين النقل وكافة انواع أسلحة المواجهة التي ضبطت بحوزتهم للأشخاص الذين استقدموا من الشمال، وأفادت المعلومات أن فرع المعلومات في الشمال حقق مع الناشطة داليا الجبلي بموضوع استقدام المتظاهرين من طرابلس الى بيروت. وأكد وزير الداخلية أمس، أن «قوى الأمن لن تعتدي على أحد وستبذل كل جهد ممكن من اجل ضمان حق التعبير وحقوق الإنسان»، معتبراً «ان أي لبناني لا ولن يقبل بأن تقف القوى الأمنية مكتوفة الأيدي عند التعدي عليها وعلى القوانين واستباحة الأملاك العامة والخاصة».

وقد ترافق القرار الحكومي الحاسم مع إجراءات أمنية مشدّدة وجديدة في محيط المجلس النيابي، حيث تم إغلاق الطرقات المؤدية الى المجلس عبر بلوكات باطون تفصل بين المتظاهرين والعناصر الأمنية.

وعلمت «البناء» أن هذه الإجراءات استباقية لمنع أي اشتباكات جديدة مع توافر معلومات لدى الاجهزة بأن عمليات عنف جديدة تحضر خلال جلسات الثقة النيابية لمنع النواب من الوصول الى المجلس لتعطيل الجلسة ومنع الحكومة من نيل الثقة.

وعلمت «البناء» من أوساط مستقبلية أن «تيار المستقبل لن يمنح الحكومة الثقة، لكن حضوره أم عدمه سيتقرّر بعد عودة الرئيس سعد الحريري الذي غادر بيروت أمس، متوجهاً الى باريس في زيارة عائلية لأيام قليلة يعود بعدها الى لبنان، بحسب المعلومات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى