عربيات ودوليات

أهم المتغيّرات بعد بريكست

تقرير إخباري

 

غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبيّ رسمياً، أمس، في تمام الساعة 11 مساءً بتوقيت غرينيتش، بعد معركة سياسية استغرقت أربع سنوات تقريباً، لكن ما الذي سيتغيّر وماذا الذي سيبقى كما هو؟

ففي حزيران 2016 صوّتت غالبية الشعب البريطاني لترك الاتحاد الأوروبي واستدعت رئيسة الوزراء تيريزا ماي المادة 50، ولكنها استغرقت انتخابات عامة قبل أن يوافق البرلمان البريطاني أخيراً على تمرير التشريع «لإنهاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي».

يذكر أن السيد جونسون كان قد ذكر سابقاً أنه «لن يطلب تمديد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى ما بعد 31 تشرين الأول 2019»، ثم فعل ذلك بالضبط.

وقال رئيس الوزراء بوريس جونسون «بالفعل إنه لن يطلب تمديد الفترة الانتقالية إلى ما بعد كانون الأول 2020».

واعتباراً من اليوم 1 شباط ، تدخل بريطانيا فترة انتقالية مدتها 11 شهراً تبقى فيها التجارة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي كما هي في الأساس، بينما يتم التفاوض بين الاثنين على شروط الاتفاق التجاري.

وخلال هذه الفترة الانتقالية، يتعين على الحكومة والشركات والأفراد في بريطانيا الامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي بشأن كل شيء بدءاً من معايير إنتاج أصغر الأشياء إلى قضايا الدفاع والأمان.

وخلال الفترة الانتقالية، تبقى المملكة المتحدة داخل السوق الموحدة والاتحاد الجمركي، لكن في حالة عدم إبرام أي صفقة تجارية، فمن المحتمل أن يتم فرض تعريفة جمركية من كلا الجانبين بعد 31 كانون الأول 2020 وهذا السيناريو يعتبر كابوساً يعتقد معظم الاقتصاديين أنه «سيغرق بريطانيا في ركود اقتصادي».

ومن المقرّر أن يغلق قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي رسمياً هذا الأسبوع، وستجري المفاوضات التجارية من داوننج ستريت نفسها.

كما ستنشأ حكومة بوريس جونسون هيئة مستقلة جديدة «لحماية الشركات البريطانية من الضرر الناجم عن الممارسات التجارية غير العادلة والطفرات غير المتوقعة في الواردات».

في حين أن التفاصيل ليست واضحة، فيما يبدو أن هذه الهيئة الجديدة مصمّمة لـ»مواجهة إغراق الصادرات الرخيصة»، مثل الصلب الصيني، الذي ثبت أنه من المستحيل على المصنّعين البريطانيين التنافس معه.

لذلك، وبصرف النظر عن التجارة، يصبح التساؤل عن ماهية الاختلافات الأخرى التي سوف يلاحظها الناس في المملكة المتحدة؟

بالنسبة لنظام الهجرة في قانون بريكست، وعدت الحكومة بحماية حقوق مواطني الاتحاد الأوروبي المقيمين حالياً في المملكة المتحدة، وكذلك مواطني سويسرا والنرويج وأيسلندا.

لكن وتلقائياً لن يعود بمقدور رعايا الاتحاد الأوروبي الحق في العيش في بريطانيا، وتحديداً أولئك الذين يصلون إلى المملكة المتحدة في أو بعد 1 كانون الثاني 2021.

حيث إنه من بداية عام 2021، ستقدّم الحكومة نظاماً للهجرة يعتمد على النقاط «على الطريقة الأسترالية»، كما اقترحت حملة «إجازة التصويت» لأول مرة في عام 2016.

ويخضع جميع مواطني الاتحاد الأوروبي، باستثناء الإيرلنديين، لحواجز الهجرة نفسها التي يخضعون لها من خارج الاتحاد الأوروبي.

وببعض الاستثناءات، سيتمّ السماح لـ 10 آلاف شخص بالدخول إلى برنامج العمال الزراعيين الموسميين لالتقاط الفواكه والخضار أثناء موسم الحصاد.

أما من جهة الحدود مع إيرلندا، فبعد الفترة الانتقالية، ستبدأ الحكومة أيضاً في تنفيذ «البروتوكول الجديد» على الحدود بين إيرلندا الشمالية وبرطانيا.

كما لا ينبغي أن يؤثر هذا على التجارة عبر الحدود، ولكنه سيؤدي إلى إدخال بيروقراطية جديدة لأي شخص يقوم باستيراد أو تصدير البضائع بين البرّ الرئيسي لبريطانيا وأيرلندا الشمالية.

وخلال الحملة الانتخابيّة، قال جونسون، بعد الاستغناء عن «الدعم الأيرلندي»، إنه لن يكون هناك «أشكال، ولا شيكات، ولا حواجز من أي نوع» للسلع التي تتحرك بين أيرلندا الشمالية وبريطانيا العظمى.

وستواجه البضائع المنقولة عبر البحر الأيرلندي عملية إدارية جديدة تُعرف باسم «إعلان الخروج»، وستكون هناك فحوص إضافية على المنتجات الغذائية.

إنما لن يكون المزارعون البريطانيون مشمولين بما تسمّيه الحكومة «السياسة الزراعية المشتركة» المعيبة، ولن يحق لهم الحصول على إعانات الاتحاد الأوروبي التي يتلقونها حالياً.

وهنا تقول الحكومة إنها «ستتحوّل إلى نظام المكافآت على العمل الذي يقومون به لتحسين البيئة وتحسين رفاهية الحيوانات وإنتاج أغذية عالية الجودة بطريقة استدامة بدلاً من الحصول على المال اعتماداً على مساحة الأرض المزروعة»، بل ستتم «مكافأتهم» على «العمل».

ولم ترد أيّ تفاصيل حول كيفية عمل نظام إدارة الأراضي البيئي الجديد هذا في الممارسة العملية، ولكن سيتمّ إلغاء الدعم المباشر على مدار سبع سنوات.

كما لن تكون قوارب الصيد وسفن الصيد العاملة في المملكة المتحدة خاضعة لما تسمّيه الحكومة «سياسة مصايد الأسماك العامة» غير العادلة، ولن تتمكن السفن الأجنبية من الصيد في المياه البريطانية ما لم تحصل على ترخيص خاص.

وتقول الحكومة إنّها «ستخلق صلاحيات لتحديد فرص الصيد في المملكة المتحدة» والتي ستمكّنها من الحفاظ على الأرصدة السمكيّة وربما زيادتها، لكن ليس من الواضح بعد ما إذا كان ذلك سيحدّد حصة لسفن الصيد البريطانية أو يحدّ من عدد الأيام التي يمكن أن تبقى في البحر.

أما بالنسبة إلى التغييرات الأخرى التي سوف يلاحظها الناس، فلن يتغير السفر بين المملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي خلال الفترة الانتقالية. وسيتم التخلص التدريجي من جوازات سفر الاتحاد الأوروبي الحمراء واستبدالها بجوازات سفر المملكة المتحدة ذات اللون الأزرق الداكن، على غرار جوازات السفر المستخدمة قبل عام 1997.

بالإضافة إلى أن المملكة المتحدة سوف تطرح ثلاثة ملايين قطعة نقدية تذكارية، من فئة الـ50 بنساً، تحمل عبارة: «السلام والرخاء والصداقة مع كل الأمم»، إلى جانب تاريخ الخروج الموافق 31 كانون الثاني 2020.

وسوف يلاحظ المجرمون بالتأكيد بعض التغييرات، إذ لن يتم تطبيق أمر القبض الأوروبي في نهاية الفترة الانتقالية، مما يعني أنه سيكون من الصعب تسليم المجرمين من دول الاتحاد الأوروبي للجرائم المرتكبة في المملكة المتحدة، والعكس بالعكس.

وفي ذلك قالت ألمانيا بالفعل إنها سترفض تسليم مواطنيها إلى بريطانيا بعد 31 كانون الأول 2020.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى