مانشيت

مقتل وجرح عشرات الأتراك شمال سورية… والجيش يتقدّم… وغارات مشتركة مع الروس الحضور النيابيّ والثقة حول حدَّي الـ 90 والـ60… ومواجهات الحراك على المداخل القوميّ يحجب الثقة رداً على المحاصصة والغموض الاقتصاديّ وفي العلاقة بسورية

كتب المحرّر السياسيّ

شهد يوم أمس، تطورات دراماتيكية على جبهات الشمال السوري حيث دخلت قوات تركية تضمّ عشرات الدبابات والمدرعات، ومئات العناصر من وحدات الكوماندوس وشاحنات محملة بالذخائر والأسلحة، شمال سورية، في محاولة لتغيّر وجهة المعارك التي يخوضها الجيش السورية بوجه جبهة النصرة والجماعات المتموضعة معها بغطاء عسكري وأمني تركي توفره التغطية المدفعية، وتصدّى الجيش السوري بقوة للتدخل التركيّ موقعاً العشرات بين قتلى وجرحى في صفوف القوات المتدخلة، اعترفت قيادة الجيش التركي منهم بثمانية قتلى، وشنّ الطيران الروسي والسوري غارات استهدفت إعاقة توغل الأرتال التركية، وضرب الجماعات السورية التابعة لتركية التي تمّ جلبها إلى ميادين المواجهة لتعزيز وضع جبهة النصرة المتداعية، لكن الجيش السوري نجح بمواصلة تقدّمه محرراً العديد من القرى والبلدات الواقعة على محور تلال العيش الاستراتيجية التي دخلها قبل يومين، فيما تشكل جبهة المواجهة السورية المحور العسكريّ الأول لمحور المقاومة، في ظل طغيان الطابع الشعبي على التحركات الفلسطينية بوجه صفقة القرن، وطغيان الطابع السياسي على التحرك العراقي لفرض الانسحاب الأميركي، بينما تتمثّل أهمية معارك الشمال السوري بكون تحريره يجعل سورية على عتبة التحرك لفتح ملف الانسحاب الأميركي من منطقة شرق الفرات، ويتيح لسورية فرصة لعب دور أكبر في مناهضة صفقة القرن، ولذلك صنّفت مصادر في محور المقاومة الحركة التركية في خانة تخديم تحت الطاولة لحساب المشروع الأميركي الإسرائيلي، أملاً بابتزاز محور المقاومة للحصول على امتيازات أمنية وسياسية في سورية، أكثر مما يمنحه اتفاق أضنة للعلاقات التركية السورية. وهو الإطار الذي ترتضيه سورية لهذه العلاقات ويلقى دعماً إيرانياً روسياً.

في لبنان تتجه الأنظار اليوم نحو ساحة النجمة، حيث تخوض جماعات الحراك الشعبي معركتها الفاصلة لإثبات قدرتها بعد فقدان الزخم الشعبيّ على استعادة هذا الزخم، أو استعادة قدرتها على التعطيل بالحد الأدنى، حيث يتمثل الاختبار الحاسم اليوم في مَن سيربح الجولة، مشروع تعطيل جلسة الثقة، أم إجراءات ضمان وصول النواب إلى مبنى مجلس النواب، بعدما أعلنت أغلب الكتل والمعارضة للحكومة خصوصاً نيتها الحضور، رغم أن بعضها لا يمانع من التواطؤ ضمناً مع محاولة التعطيل لإفشال الجلسة شرط عدم تحمّل مسؤولية ذلك، وهو ما توقعت مصادر نيابية أن يترجم بالتلكؤ في الحضور المبكر وربما سلوك طرق يمكن قطعها، لتظهير تأخير اكتمال النصاب كتعبير عن مأزق يواجه الحكومة مع ولادتها، بينما قالت المصادر النيابية إن الإجراءات المتخذة وتقديرات حجم الحشود التي بدأ تجميعها من ليلة أمس، تتيح توقّع أرجحية حضور عدد من النواب على حدود الـ90 نائباً يزيدون أو ينقصون قليلاً، رغم كون مجموع الكتل التي صرّحت عن نيتها بالحضور يتخطى مجموع نوابها الـ 110 نواب، أما عن الثقة فتوقعت المصادر أن يدور عدد النواب الحاضرين الذين يمنحون الثقة حول حد الـ 60 نائباً بزيادة أو نقصان نائبين أو ثلاثة، بعدما بات واضحاً أن قوى الرابع عشر من آذار ستحضر وتحجب الثقة وقوى الثامن من آذار ستحضر وتمنح الثقة، وحفظت وضعية الفريقين بعض التمايزات لنواب سيغيب بعضهم خصوصاً من فريق 14 آذار أو سيحجب الثقة بعضهم الآخر بالغياب أو حضوراً خصوصاً من فريق 8 آذار، وتميّز القوميّون بموقفهم الذي سيجد تعبيره بحضور جلسة مناقشة البيان الوزاري، والغياب عن التصويت بعد حجب الثقة، تعبير عن الاحتجاج على سياسة المحاصصة التي حكمت تركيب الحكومة، ورد على غياب الوضوح في البيان الوزاري تجاه كيفية التعاطي مع الملفات الاقتصادية، خصوصاً تجاه الإملاءات التي تفرضها طلبات الجهات الدولية، وبصورة أخص ضبابية الموقف من العلاقة اللبنانية السورية التي يعتبرها القوميون مفتاحاً للوضوح في السياسة الحكومية تجاه كيفية التصدّي للتحديات السياسية والاقتصادية، سواء في حل المشكلات وفي مقدّمتها قضية النازحين السوريين، أو في التأسيس للاقتصاد الإنتاجي ومدخله فتح الأسواق أمام المنتجات الزراعية والصناعية وتطوير دور لبنان الاقتصادي وتخفيض فاتورته النفطية، والعنوان هو سورية والعراق والبوابة هي سورية.

 

 

 

 

وعشيّة جلسة الثقة، أعلن الحزب السوري القومي الاجتماعي عدم منح الثقة للحكومة.

وخلال اجتماع عقدته قيادة القومي والكتلة القومية الاجتماعية، في مركز الحزب، لفتت الى أن الجهة السياسية التي بقوة «الفيتو» استأثرتْ بإدارة تشكيل الحكومة، كان يجب أن لا تذهب بعيداً في تجاوز الدستور، خصوصاً في هذا الظرف الدقيق الذي يمرّ به لبنان، حيث الحاجة ملحّة إلى حكومة تتمثل فيها كلّ القوى الراغبة في تحمّل المسؤوليات الوطنية والمساهمة في إنقاذ البلد من آتون أزماته المالية والاقتصادية والاجتماعية. وأشارت الى أنه «في الحكومة التي تشكّلتْ حلفاءُ مصير ورفاقُ درب على طريق المقاومة، نخوض معاً معركة الدفاع عن خيارات لبنان وثوابته ووحدته الوطنية وسِلمه الأهلي».

واعتبر الحزب أنّ الاستئثار العدديّ والجهويّ لم يكن مبرّراً، لا بل هو أسلوب يضرّ ويُفسد، في لحظة وطنية أحوجُ ما نكون فيها إلى مواقف تساهم في الحدّ من الانقسامات الطائفية والمذهبية ومن تفاقم الأزمات الاقتصادية الاجتماعية، وفي وقت يحتاج لبنان إلى خطوات إنقاذية، لمعالجة كلّ الأزمات ولإنهاض مؤسسات الدولة لكي تتحمّل مسؤولياتها تجاه المواطنين وحياتهم العزيزة الكريمة.

وأوضحت أن بياناً وزارياً يغيب عنه الحزم في المعالجات، ويطغى عليه أسلوب المسايرة، هو محلّ تساؤل، خصوصاً حول هوية السياسات الاقتصادية الاجتماعية التي ستنتهجها الحكومة الجديدة لإحداث تَحَوّل، في وقت لم نلاحظ في البيان ما يؤشر الى هذا التحوّل، ولا هو يقطع الشك باليقين، حول عدم الخضوع لإملاءات ووصفات البنك وصندوق النقد الدوليين، واشتراطات «سيدر» و»ماكنزي»؟

في غضون ذلك، أطلق رئيس الحكومة السابق سعد الحريري سلسلة مواقف بارزة، صوّب خلالها السهام باتجاه التيار الوطني الحر في محاولة لافتعال معارك سياسيّة وهميّة مع حليفه السابق في التسوية الرئاسية بهدف استنهاض قواعد المستقبل عشية إحياء ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، بحسب مصادر التيار الوطني الحر، التي أشارت لـ»البناء» الى أن «الحريري أدرك تراجع شعبيته وتخليَ قوى اقليمية ودولية ولبنانية عنه ويحاول تحميل مسؤولية فشله في ادارة الحكم وعجزه عن تحقيق انجازات اقتصادية ومالية الى التيار»، متسائلة: «من الذي منع الحريري من تحقيق إنجازات؟ وهل قدم مشاريع إصلاحية جدية على طاولة مجلس الوزراء ومنع رئيس الجمهورية او وزراء التيار إدراجها على جدول الاعمال والتصويت عليها؟ وإذا كنا نعطل له مشاريعه وخططه الإصلاحية والإنقاذية فلماذا استمر في رئاسة الحكومة على مدى حكومتين وفي الدفاع عن حكومته الى الرمق الإخير ولم يقدم استقالته قبيل انطلاق الاحتجاجات الشعبية في الشارع في 17 تشرين الماضي؟». فيما رأت أوساط سياسية لـ»البناء» أن «السجالات والاتهامات التي دارت أمس، بين المستقبل والتيار الوطني والمواجهة الآتية بينهما أسقطت التسوية السياسية بينهما وبات من الصعب العودة الى التفاهم الذي أُنجز في العام 2016»، وفيما تحدّثت المعلومات عن إعداد جبهة معارضة للحكومة والعهد معاً تضم الى جانب المستقبل كلاً من القوات والاشتراكي والكتائب وبالتالي إحياء لفريق 14 آذار، استبعد أمين السر السابق لهذا الفريق فارس سعيد إعادة تجميع فريق 14 آذار ضمن أهداف وسياسات موحّدة، مشيراً الى «تباينات بين أطراف هذا الفريق ومصالح متضاربة». 

وسأل الحريري في دردشة مع الصحافيين بعد اجتماع كتلة المستقبل: «شو عملوا التيار الوطني الحر؟ يعطوني إنجاز واحد عملوا للبلد وللاقتصاد». وقال «في ناس بتعطي one way ticket وهني مش قدّها». وأشار الحريري الى أنه قرّر نقل الاحتفال في ذكرى 14 شباط الى بيت الوسط لتكون الرسالة الى مَن يحاول تسكير بيت الوسط و»هم أنفسهم الذين حاولوا إنهاء رفيق الحريري».

في المقابل، ردّ عضو لبنان القوي النائب حكمت ديب على الحريري قائلاً «سأعطيك إنجازاً واحداً: التيار خلصك من الفرّامة وإنجازات الاقتصاد خلّيهم إلك».

واستتبع الردّ حرب بيانات بين التيارين الأزرق والبرتقالي، فردّ المكتب السياسي للمستقبل ببيان مطوّل منتقداً ما أسماه «الحملة المتجددة على الحريرية الوطنية»، ومصوباً على «العونية السياسية والعسكرية» بإشارته الى حرب الإلغاء، ومدافعاً عن «الحريرية السياسية» ومنظومته المالية والاقتصادية. فيما ردّ التيار الوطني واصفاً بيان المستقبل بأنه «بيان إفلاس، هدفه شدّ العصب لمناسبة 14 شباط، واختلاق معارك وهميّة، حول إلغاء الحريرية، في حين ليس هناك مَن يعمل إطلاقاً على إلغائها، سوى مَن يتفوّه بكلام تحريضي كهذا، فيه حقد غير مبرّر، على مكوّن لبناني بكامله، يظنّ أنه لا يزال قادراً على استضعافه كما فعل سابقاً».

الى ذلك بقي خطر التوطين في ضوء إعلان صفقة القرن ومشاريع التطبيع التي تحصل بين الكيان الإسرائيلي المحتل وبعض الدول العربية، محل ترقب وحذر في لبنان، لا سيما ما كشفته مصادر نيابية عن أن رجل أعمال أردني – فلسطيني يُجري دراسة عن 50 ألف فلسطيني لتوطينهم في لبنان. فيما رأت مصادر أخرى أن «الأميركيين والإسرائيليين وحلفاءهم في المنطقة ذاهبون إلى مزيد من التصعيد»، متوقعة «عقوبات أميركية ستعلن قريباً في حق سياسيين ستزيد الضغط على الحكومة، وستقوي مطالبات الشارع، وتكون حافزاً إضافياً لاعتراض الناس، والهدف من ذلك التوطين، النفط وإبقاء النازحين».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى