رياضة

أحمد محبوب الرياضيّ الموهوب الذي سحر القلوب بقدمه ويده

إبراهيم وزنه

بسمرته الداكنة ورشاقته اللافتة وجسمه الرياضي وقفزاته الاستعراضية في الهواء، تعرّف أبناء الضاحية الجنوبية، على اللاعب الخلوق احمد محبوب، ذلك الشاب الاسمرالذي برز في لعبة الكرة الطائرة حتى نجح بارتداء قميص منتخب لبنان الوطني ولما يبلغ العشرين من عمره، وفي لعبة كرة القدم برز وتألق كحارس للمرمى مع فريقي البرج والتضامن بيروت.

 مسيرة رياضية مكللة بالانجازات ومطرّزة بالذكريات لرياضي أبصر النور في برج البراجنة (حي العرب) ولم يزل لغاية اليوم على تماس مع المفردات والحركات والألعاب الرياضية بحكم عمله كأستاذ تربية رياضية منذ العام 1970. الظروف الحياتية الصعبة في لبنان دفعته للهجرة الى اوستراليا (من عام 1989 الى 1994)، لكن حنينه للبقاء والاستقرار في بلده لم يتحقق بعد بفعل تعاظم المسؤولية الملقاة عليه (زوجتان و10 أولاد و10 احفاد)، ولذلك يحرص على الحضور الى لبنان من وقت الى آخر. وفي هذا السياق اضطر للإنقطاع عن عمله 4 مرات ثم الالتحاق به مجدداً، وهنا يشير محبوب الى ان واسطته قوية ومصدرها ما قدّمه للبنان في الكرة الطائرة وفعاليته الايجابية في التدريب وصقل المواهب الواعدة في المدارس والجامعات.

البداية والانطلاقة السريعة

بدأ أحمد محبوب حياته الرياضية كلاعب كرة قدم على الملاعب الرملية في برج البراجنة مع رفاق الصبا، لكن تألقه في الثانوية الأهلية مع فريق الكرة الطائرة تحت إشراف وائل شرارة وزاهي موسى جعله محط انظار المراقبين، وبسرعة تم اختياره ضمن منتخب لبنان المدرسي (1968) وشارك في البطولة المدرسية العربية في بغداد محرزا انجازه الأول حيث فاز لبنان بالمركز الأول ونال محبوب كأس أفضل لاعب. ومن رفاق تلك المرحلة يتذكر: محمد ضناوي، صبحي حاطوم، احمد حرب وغسان راجح في الكرة الطائرة، وعدنان الحسن، بسام فرحات، حافظ جلول، احمد فستق، راغب عمار وابراهيم الهندي في كرة القدم.

وفي ضوء استعراضاته في مباريات الكرة الطائرة مع فريق المدرسة تمنّى عليه ابراهيم رحال ان يلعب مع فريق البرج في مركز حراسة المرمى، وفي هذا السياق لا ينسى «المحبوب» دور فاخر نبّوه وفهد عيسى في ارشاده الى جادة التألق في مسيرته الكروية الأولى، وبالفعل وقّع على كشوفات فريق منطقته في العام 1968، ولاحقا فرض نفسه حارساً يحسب له ألف حساب خصوصاً اثناء المباريات الحسّاسة والحماسية التي كانت تجمع بين منتخبات المناطق أو في «ديربي» الضاحية المثير الذي كان يجمع بين البرج وشباب الساحل.

تميّز في «الطائرة»

أما في الكرة الطائرة، اللعبة الأقرب الى قلبه، فقد استهل مسيرته الرسمية فيها مع فريق علمات ـ جبيل نتيجة تمني الاصدقاء والجيران منه كأديب ناصر الدين وآل عواد في البرج، ولكي يرضي والديه اللذين كانا يمانعان استغراقه الرياضي في لعبتين تقدّم الى امتحانات دار المعلمين للتربية الرياضية في العام 1969 ولما يكمل الـ 18 من سنيه، فحلّ في المركز الأول بين مجموعة مهمة من ابطال لبنان في أكثر من لعبة رياضية، ليجد نفسه محرراً من ممانعة الأهل لمسيرته الرياضية، بعد أن أصبحت الرياضة مهنة وهواية في قاموسه الحياتي. ولاحقا انتقل الى صفوف نادي البوشرية بطل لبنان آنذاك (1971) ثم انتقل الى نادي الضاحية فساعده مع رفيق دربه محمد بدر الدين على الصعود إلى مصاف أندية الدرجة الأولى ثم انضم الى نادي الكهرباء غريم البوشرية قبل أن يعود أدراجه الى البوشرية ليحرز معه بطولتين (1974 و1975)، ومع إندلاع الحرب الأهلية تقطّعت أوصال الوطن فوجد محبوب نفسه عائدا بقوة للوقوف تحت خشبات المرمى، وهذه المرة مع فريق التضامن بيروت الذي أصبح رقماً صعباً في المعادلة الكروية خلال الثمانينيات. وفي احدى المباريات امام النجمة وقف سدّا أمام المهاجمين النجماويين ومنعهم من التسجيل فعنونت صحيفة «النهار» في صدر صفحتها الرياضية «محبوبملك من ملوك الجان وقف بمواجهة النجمة». وخلال السبعينيات كان قد خاض تجربة الاحتراف الخارجي لموسم واحد فقط في دولة الامارات العربية مع فريق الرمس ـ رأس الخيمة (الكرة الطائرة) مع صديقه محمد بدر الدين أيضاً.

من باب الوفاءوالاعتزاز

بعد كسب ود الأهل وبالتالي دعمهم لمسيرته الرياضية، لا ينكر احمد محبوب أفضال الكثيرين ممن واكبوه وشجّعوه او درّبوه، ويطيب له استذكار نزار الزين واحمد فارس ايوب ووائل شرارة ومحمد عساف وميشال بو فرحات وسمير سنكري. وفي جوجلة للأسماء اللامعة في الكرة الطائرة يتذكّر: محمد بدر الدين، محمد الشاويش، جاك باسيل، عبده جدعون، خليل بيضون، جوزيف غزال، شارل حداد وكمال حداد. أما في كرة القدم، فأبدى اعجابه بالحراس: سميح شاتيلا، عبد الرحمن شبارو، عبد القادر خير، سامي نهرا، بسام همدر، رياض مراد وجهاد محجوب، كما لا ينكر ان المباراة مع النجمة كانت تفرض عليه تركيزا مضاعفا وخصوصا عند مواجهة محمد حاطوم ويوسف الغول وحسن شاتيلا ومحمود شاتيلا.

الاعتزال والتدريب

«لا أنكر أن أجواء الحرب في لبنان جعلتني أفكر جدياً في السفر خصوصا أن عائلتي بدأت تكبر والمسؤولية بدأت تكبر أيضا، فصرت الى جانب التدريس في المدارس الرسمية أدرّب في الجامعات ومنها الأميركية واللبنانية والعربية، كما بدأت عملي كمدرب كرة طائرة مع فريق الجية عام 1983 ثم استلمت تدريب فريق سيدات الانصارالذي فاز بكأس رئيس الجمهورية عامي 1987 و1988 ـ ايام الرئيس امين الجميّل ـ كما درّبت فريق العمل بكفيا لموسم واحد (1984) الى أن خرجت من الملاعب كليا وانا في السابعة والثلاثين من عمري تاركاً ورائي أياماً جميلة ورفقة رائعة ومسيرة حافلة بالانجازات. وهذا أمر أعتز به ما دمت حيّاً».

 ويتابع محبوب: «بفضل تاريخي الرياضي، أينما ذهبت هناك أناس يعرفونني، ولطالما ساعدني ذلك على تسهيل أموري الحياتية». ويتذكر في هذا السياق: «عندما تقدّمت من السفارة الأوسترالية بطلب تأشيرة للهجرة مع عائلتي عام 1987 تعقّد الأمر معي، فعدت وأرفقت الطلب بصورة تجمعني مع الرئيس أمين الجميل على كنبة واحدة ويومها كان الرئيس بلباس السبور فأيقنوا أن العلاقة أكثر من وطيدة بيني وبين الرئيسوبسرعة ختموا لي الفيزا على جواز السفر». وبعد عودته من أوستراليا 1994 واصل تدريبه في المدارس والجامعات ثم استلم دفة الانوار الجديدة عام 2001 ومعه ترفّع الفريق المتني الى مصاف الاندية الممتازة.

 بين زمنين!

«كنا في الماضي نساهم في شراء أحذيتنا وملابسنا الرياضية وكانت العلاقة اكثر من جيدة بين اللاعبين لكن الأمور تبدّلت اليوم. فالسياسة والطائفية أصبحتا الحديث الطاغي في الملاعب وبين اللاعبين ولذلك بدأت المستويات الفنية تتراجع». رأي صريح من لاعب خلوق لم تلوّثه الطائفية أو الميول السياسية فبقي على قناعاته الإنسانية والوطنية، وهنا يتذكر: «لم آخذ أي مبلغ عند توقيعي على كشوفات نادي التضامن بيروت لكني لا أنكر بأنني قد استفدت ماديا من لعبة الكرة الطائرة (مخصصات وحوافز ومكافآت). فلدى انتقالي الثاني للبوشرية عام 1974 أعطاني رئيس النادي شيكاً بمبلغ 5 آلاف ليرة لبنانية، وكذلك تكفّل النادي بدفع سندات السيارة التي اشتريتها من الشركة (213 ليرة شهريا). وكل ذلك كان بعيدا عن الأنظار فلكل لاعب علاقته الخاصة مع الادارة». ويضيف: «الماضي أفضل بكثير فنيا وأخلاقياً حتى في ولاء اللاعبين للقميص وطاعتهم للمدرب، المشكلة ان بعض اللاعبين حالياً يظنّون أنفسهم أكثر فهماً وحنكةً من المدربين. وللأسف أجور بعضهم تفوق أجورالمدربين. إنها أمراض مستعصية في رياضتنا وعلى العاملين فيها أن ينتبهوا إليها والاسراع في معالجتها».

بطاقة شخصية

الإسم: أحمد ابراهيم محبوب (والدته مصرية).

تاريخ ومحل الولادة: برج البراجنة 19 ايار 1952.

الوضع العائلي: متأهل مرتين وله 10 أولاد.

الوظيفة: أستاذ رياضة منذ العام 1970.

الفرق التي لعب معها: علمات، البوشرية، الضاحية، الكهرباء (كرة الطائرة) والبرج والتضامن بيروت (كرة القدم).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى