الوطن

الفشل التركيّ بضمان تسيير الدوريّات المشتركة على طريق M4 يُعيد الحلّ العسكريّ إلى الواجهة خضور لـ«البناء»: الاتفاق تكتيكيّ يمنح العمل العسكريّ المقبل شرعيّة وقوة على الأرض

} سعد الله الخليل

مضيُّ المجموعات الإرهابية المسلحة في خرق الاتفاق الروسي التركي لوقف إطلاق النار والإعلان الروسي عن مسؤولية تلك الجماعات عرقلة تسيير الدوريات قبل ساعات من انتهاء المهلة الممنوحة لأنقرة تسهيل فتح الطريق الدولي حلب اللاذقية والمعروف M4 يضع الاتفاق في مرحلة الموت السريريّ بانتظار حلول يوم الغد الجمعة (العشرين من آذار الحاليّ) لمعرفة الخطوة الروسية السورية اللاحقة للفشل التركي.

إعاقة الدوريات المشتركة

على مدى الأيام الماضية لم تتوقف خروقات المجموعات الإرهابية لاتفاق وقف الأعمال القتالية حيث فجّرت جسر بلدة محمبل غرب مدينة أريحا على الطريق الدولية حلب اللاذقية إم فور لإعاقة حركة الدوريّات عبر تفخيخه بكميّات كبيرة من المواد المتفجّرة، ما أدّى إلى تدميره بالكامل، فيما غرست مسامير فولاذية في نقاط عدة على الطريق لإعاقة سير الدوريات المشتركة، كما أجبرت عشرات المدنيين تحت تهديد السلاح على نصب خيم على محور الطريق في عدد من المقاطع إضافة لنقل العديد من أفرادها وعشرات المدنيّين بعد إغرائهم بالمال للبقاء على قارعة الطريق ومحيطه لضمان استمرار قطعها أمام الدوريات وتعطيل حركة السير الطبيعية عليها؛ سلوك المجموعات الإرهابية على الطريق لم يغطِّ على التوتر الداخلي في صفوفها بعد مقتل القائد العسكري في تنظيم أحرار الشام الإرهابي المدعو علاء أبو أحمد نتيجة انفجار عبوة ناسفة في سيارته في ريف جسر الشغور.

التصريحات الروسية منحت الجانب التركيّ جرعة ثقة زائدة بإيجابية المفاوضات وأن نتائجها ستسمح بتطبيق كل الاتفاقات بين الطرفين حول هذه المنطقة، كما منحتها وقتاً إضافياً لاتخاذ إجراءات خاصة بتحييد التنظيمات الإرهابية، وضمان أمن الدوريات المشتركة بعد فشل الدورية الأولى والتي انطلقت من بلدة ترنبة على بعد كيلومترين من مدينة سراقب، من إتمام مهامها والوصول إلى بلدة عين الحور جراء الاستفزازات الإرهابية، وسط الحديث عن تعزيزات تركية عسكرية في عمق إدلب بعد دخول رتل عسكري من معبر كفرلوسين.

 اتفاق تكتيكيّ استعداداً للمعركة الكبرى

يرى الكاتب والمحلل السياسي عهد خضور أن الاتفاق الروسيّ التركيّ ومنذ التوقيع ولد قناعة لدى موسكو ودمشق وحتى للمتابعين، بأنه لن يصمد طويلاً لعدم قدرة أنقرة على الوفاء بالتزاماتها بلجم المجموعات الإرهابية المسلحة في المنطقة الشمالية، وأضاف في حديثه لصحيفة «البناء» أن «موسكو وقعت بالتنسيق مع دمشق اتفاقاً تكتيكياً مع أنقرة، للقناعة التامة بقدرة الجانب التركي على ضبط المجاميع الإرهابية المسلحة، وأتى الاتفاق بطلب تركيّ نظراً لحجم الخسائر التي مني بها بعد معركة سراقب التي حوّلته لطرف مأزوم في المعادلة السورية، يبحث عن قشة خلاص لحفظ ماء الوجه، فلو لم تتعرّض قوات أردوغان لضربة كبيرة لما طلب الحل من موسكو بعد التخلّي الأميركي والأوروبي وحتى حلف الناتو عن دعم مشروعه في الشمال السوري. وبالتالي ذهب أردوغان إلى موسكو خالي الوفاق من أي مكاسب على الأرض بل بهزائم يبحث عن توقيع اتفاق بأي شكل من الأشكال».

ويتابع خضور «ذكاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يكمن بفرض موقفه على أردوغان خلال الاجتماع الذي استمرّ ست ساعات، خرج بعدها أردوغان شاحب الوجه، فما لم يعلن في البيان كان أقوى بكثير مما ورد في سطوره المعدودة، فالساعات الطويلة للاجتماع وما دار في كواليسه تكشف حراجة الموقف التركيّ بالالتزام بالموعد المحدّد لفتح الطريق».

ويرى خضور أن الإعلان التركيّ عن إغلاق الحدود المشتركة ربما لقناعة تركيّة بأن الأمور ذاهبة لعمليات عسكرية تشهدها المنطقة مع اقتراب المهلة التي منحتها موسكو لأنقرة، وهي عملية يمنحها الاتفاق الشرعيّة، ويتابع بالقول «العملية العسكرية في المرحلة المقبلة ستكون أكثر قوة من العمليات الماضية، وقد يدخل الروسيّ بشكل مباشر وكبير كما سرّب من كواليس الاجتماع بين بوتين وأردوغان». وتابع خضور «الإعلان الروسي عقب تقليص الدوريات المشتركة بضرورة القضاء على المجموعات المسلحة، إما بسوقهم إلى المحاكم وفق القانون الدولي وهو خيار مستبعَد ومستحيل، أو بالعملية العسكرية؛ وفي ذلك إشارة للخيار الروسي بالعمل العسكري المتسلّح بشرعية أكبر وقوة أكبر بالفشل التركي بتحييد المجموعات المسلحة وفتح الطريق».

معارك خاسرة

التراجع التركي له مقدّمات على أرض إدلب، حيث كشفت تنسيقيات المسلحين عن قطع تركيا رواتب مسلحي ما يُسمّى بالجيش الوطني في إدلب وهي خطوة يرى خضور فيها دلالات كبرى، إذا ما ربطت بسحب تركيا العتاد العسكري من نقاط عدة، والحديث عن تسليم أريحا وجسر الشغور لموسكو والإصرار الروسي على القضاء على المجاميع الإرهابية، قد يذهب بحسب خضور بالمواجهة لما هو أبعد من حدود الجغرافيّة السورية. ويتابع بالقول «القسم الأكبر من المجموعات الإرهابية في إدلب من الشيشان والقوقاز والإيغور الذين يعيثون فساداً في إقليم التيبت في الصين، وروسيا لن تسمح بعودة المسلحين الشيشان الذين خاضت معهم حرباً استمرّت أكثر من عشر سنوات. فالروس لن يسمحوا بتكرار تجربة شامل باساييف، الذي كان يرسل المفخّخات إلى سان بطرسبورغ وموسكو، وهناك قرار بالقضاء على الإرهابيين وأردوغان أخذ فرصته وفشل، وربما تكشف مقبلات الأيام عن كواليس اجتماع الساعات الست خاصة بعد إغلاق تركيا حدودها مع إدلب».

ويختم خضور بالقول «إذا تخلّى أردوغان عن دعم المجموعات الإرهابية، فإن المعركة في إدلب مع الدخول الروسي على الخط لن تستمرّ أكثر من أسبوع، وبعد يومين (غداً الجمعة) ستوضع النقاط على الحروف استعداداً للمعركة. وفي حسابات الربح والخسارة، فإن اردوغان غير قادر على تحمل أي مغامرة جديدة بمعركة شرسة خلال الفترة المقبلة، والحساسة تجاه مستقبله السياسي في ظل حصار الجيش السوري أكثر من ثلاث عشرة نقطة مراقبة تركية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى