الوطن

ما علاقة مقتل الحايك بـ«تهريبة» الفاخوري؟ المقدح: لا علاقة للمخيّم… مصادر أمنيّة رسميّة:التحقيقات مستمرّة وفرضية الفتنة مرجّحة

} محمد حمية 

لم تمضِ على تهريبة العميل الاسرائيلي عامر الفاخوري بضعة أيام حتى قُتل العميل «السابق» في جيس لحد انطوان الحايك في بلدة المية ومية في شرق صيدا.

عملية الاغتيال أثارت تساؤلات عدة حول الجهة التي نفذتها وخلفياتها والهدف منها؟

لمحاولة فك لغز العملية لا بد من رصد بعض الأحداث المتتالية والمناخ السياسي الذي ساد خلال الأيام القليلة الماضية.

فبعد إخلاء سبيل الفاخوري وتهريبه الى الولايات المتحدة الأميركية بطريقة مستفزة وعدوانية على السيادة والقوانين اللبنانية، ولدت إرادة سياسية وشعبية عامة أدانت «التهريبة» القضائية والسياسية والامنية للفاخوري، ثم أتى كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم الجمعة الماضي ليفتح ملف العملاء على مصراعيه ويعلن «التعبئة» الشعبية العامة ضد العملاء ورفضاً للحصانة القانونية التي يحظون بها. ثم بعدها خرجت بعض الأصوات من «حلفاء الحزب» لتدعوه للانسحاب من التحالف مع التيار الوطني الحر ليفتح الملف جدلاً سياسياً واسعاً في لبنان

قبل عرض الفرضيات لا بدّ من طرح بعض الأسئلة: هل بقي العميل الحايك على تواصل مع الفاخوري خلال وجود الأخير في الولايات المتحدة الاميركية؟ وهل بقي الحايك على اتصال مع «جزار الخيام» بعد وصول الأخير الى لبنان في 13 ايلول الماضي؟ وهل يملك الحايك معلومات ثمينة عن الفاخوري والمهمة المكلف بها أميركياً في لبنان فاستبقت أجهزة خارجية وتحديداً الموساد الإسرائيلي الأمر بتصفيته قبل ان يتم إلقاء القبض عليه؟ وهل كان الحايك يستعدّ للسفر خارج لبنان حرصاً على حياته او تحسباً لتوقيفه من قبل القضاء؟ لا سيما أن اسمه عاد الى الواجهة مع استناد المحكمة العسكرية في حكمها الأخير على الحكم الصادر بحقه في الجريمة نفسها المدان بها الفاخوري والتي سقطت عقوبتها بمرور الزمن؟

أم أن هناك أسباباً شخصية لقتله؟ وهل ثمة من استغل الظروف الصحية في البلد وخلو الطرقات من المارة وانشغال الدولة وأجهزتها الأمنية بالتعبئة العامة وقام بقتل الحايك لإحداث فتنة؟

قد يكون هدف العملية رداً معنوياً ونفسياً على إخلاء سبيل الفاخوري ورسالة ردع للعملاء ومشغليهم لعدم استغلال تهريبة الفاخوري لاتخاذ لبنان ساحة مستباحة لحركتهم والعودة الى التعامل مع «اسرائيل» متحصّنين بـ «القانون العشري» الذي برأ الفاخوري!

أما الفرضية الثانية، فهي اللعب على وتر الفتنة في المنطقة المسيحية الاسلامية التي تشكل نموذجاً للعيش المشترك واستغلال بعض الفتور في العلاقة بين التيار الوطني الحر وحركة أمل من جهة، والتباين بين حزب الله والتيار، في مسألة الفاخوري وفي ملف العملاء عموماً من جهة ثانية لاستهداف العلاقة بين التيار والحزب، على اعتبار أن مقتل الحايك بعد يومين على كلام السيد نصرالله واتهامات البعض للتيار بتغطية عملية تهريب الفاخوري سياسياً، سيوجه أصابع الاتهام بالقتل الى الحزب او المجموعات التابعة له في صيدا أو حلفائه في المخيمات الفلسطينية. وما يعزّز فرضية الفتنة هو التصريحات المتزامنة لعدد من شخصيات 14 آذار كرئيس القوات اللبنانية سمير جعجع وفارس سعيد وبعض ممن يحسبون أنفسهم على التيارالوطني الحر كالقيادي السابق ناجي حايك، تتحدّث عن اتهامات مباشرة وغير مباشرة لحزب الله بالمسؤولية عن قتل الحايك! بالتزامن مع إطلاق أصوات في بيئة المقاومة كالشيخ ماهر حمود تطالب الحزب بفك عقد تحالف «مار مخايل» مع التيار.

وما يعزز الاعتقاد بصحة هذه الفرضية، المعلومات الأمنية التي تتحدّث عن أن إحدى مهمات الفاخوري في لبنان هي إعادة تأليب البيئة المسيحية في الجنوب على حزب الله وخلق توترات طائفية في المناطق وتحريض الرأي العام المسيحي لخلق إرادة مسيحية ضاغطة على حزب الله والتيار معاً لإعادة العملاء وعائلاتهم الى لبنان؛ الأمر الذي سيُحرج الحزب والتيار ما يؤدي الى خلاف بينهما في هذا الملف.

وفي هذا السياق يؤكد الشيخ ماهر حمود لـ»البناء» ان «حزب الله لا ينجر الى عمليات قتل كهذه لا للعملاء ولا لغيرهم وكان يستطيع ذلك، لكن الحزب ومنذ تحرير العام 2000 لم يعتد على أي عميل لا بل قام بتسليمهم الى استخبارات الجيش والى القضاء اللبناني الذي أصدر أحكاماً مخففة بحقهم». 

وأشارت مصادر أمنية رسمية مطلعة لـ»البناء» الى أن «التحقيقات مستمرّة لكشف ملابسات عملية القتل وقد تمّ جمع بعض المعطيات والوقائع والحصول على كاميرات المراقبة الموضوعة في المكان لتفريغها،  لكن التحقيقات لم تتوصل الى اي نتيجة حتى الآن»، داعية الى انتظار التحقيق للبناء على الشيء مقتضاه، لكن المصادر تنطلق في التحقيقات من «ارتباط عملية قتل الحايك بإخلاء سبيل الفاخوري بهدف إحداث فتنة بين ابناء المنطقة الواحدة».

وفيما تنفي مصادر إسلامية في صيدا وجهات امنية في مخيمي المية ومية وعين الحلوة أي مسؤولية فلسطينية بقتل الحايك لاعتبار ان الحايك كان يعمل مع جيش لحد في الجنوب ولا علاقة له بالمخيمات الفلسطينية، أوضح القيادي في حركة فتح اللواء منير المقدح لـ»البناء» أن «لا مسؤولية للمخيمات بقتل الحايك لا سيما أن مخيم المية ومية مقفل تماماً ولا يمكن الخروج منه الى بلدة المية ومية المجاورة أو أي منطقة أخرى وهناك سور ونقاط مراقبة للجيش اللبناني وبالتالي الجهات اللبنانية الأمنية والقضائية معنية بكشف التحقيقات»، لكن مصادر امنية لبنانية تشير لـ«البناء» الى وجود أكثر من طريق من المخيم تؤدي الى بلدة المية ومية، وبالتالي كل الفرضيات مطروحة بانتظار التحقيقات ولكن لم تتوفر لدنيا أي اشارة تدفعنا للتواصل مع قيادة المخيمات بهذا الأمر.

ولفت المقدح الى أن «الجهات الامنية اللبنانية لم تتواصل معنا بهذا الخصوص، ولكننا على تواصل مستمر معها»، واكد ان من يوجه الاتهامات الى المخيم يجتاحه حقد دفين على المخيم وعلى الشعب الفلسطيني، لكننا لن نعود الى حسابات الماضي ونتعاطى بإيجابية مع الدولة في لبنان وأجهزتها الامنية ولم ولن نسمح بأن يكون المخيم نقطة انطلاق لأي عمليات تهدد الامن والاستقرار اللبناني».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى