أولى

كورونا وجشع التجار كلاهما يلاقي الآخر

} بهيج حمدان

تستعمل في العديد من وسائل الإعلام هذه الأيام كلمة «جائحة» في إشارة إلى وباء كورونا، والجائحة في قاموس اللغة مفردها جائحة أيّ المصيبة، ويُقال ذهب التمر بجائحة او آفة من السماء.

مثل هذه المفردة لا تصيب الآدميين فحسب بل التجار الجشعين الذين يسطون على أموال الناس بغير حق، وخاصة الفقراء والدراويش ويُثقلون عليهم متاعبهم في مثل حالتنا الاقتصادية المزرية!

وهل يُعقل ان ترتفع أسعار السلع الى الأربعين بالمئة وربما إلى الستين على سلع موجودة بكثرة في المستودعات والمخازن!

هؤلاء التجار الذين ابتلوا بالجائحة، وهم أكثر عدوانية من الوباء لا يرقبون في عباد الله المعدمين رحمة ولا خوفا من الله! ويسلخون جلودهم بأسعار عشوائية حتى سلع التعقيم والقفازات والسوائل المانعة للجراثيم حتى انّ بعضهم «اخترع» معقماً كاذباً ووضع على زجاجته علامة الصليب الأحمر، وهو موجود في المحلات وبوسع دائرة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد ان تجده وتلاحق مروّجه او مروّجيه، وكأنّ جائحة الوباء الجائح لا تكفي من العذابات وضيق الحال!

ويقول القول الحكيم: للجحيم ثلاث بوابات، الجشع والطمع والشهوة.

أنا أعرف تاجراً غالباً ما أراه مشغولاً بواجباته الدينية، مسبحته بطول خمسين سنتيمتراً اتخذ من مظهره جُنّة لإخفاء طمعه وجشعه، ومن كورونا سبباً لمراكمة أرباحه المتفلتة الغارقة في الكسب الحرام مستغلاً حاجة المواطن ولهفته إلى وسيلة تقي عائلته المرض والإصابة بمكروه.

مثل هذا المخلوق المتحلّل من الضوابط والشرائع والأخلاق والمتحرّر من مشاعر التضامن والتكافل ومن كلّ ما هو جميل، هو واحد من عشرات التجار من أمثاله الذين اتخذوا من الشياطين أولياء لهم، وجاء على لسان العرب: «العبد حر إذا قنع والحر عبد إذا طمع».

مثل هؤلاء لن تغني عنهم ما يكسبون من أموال الناس بغير حق، مثلهم كمثل الكلب انْ تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث.

ويقول الله سبحانه في مثل ما نواجهه من انحراف وأمراض ورزايا «وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ» (هود).

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى