مانشيت

ترامب يضع هاجسه الرئاسيّ والسباق مع الصين قبل كورونا فيصطدم بحكام الولايات بري ينعى الهيركات… ويدعو لبدائل عن الودائع لسدّ فجوة الـ 59 ملياراً الحكومة تتمهّل في المساعدات وعودة المغتربين… وسط الانتقادات

كتب المحرر السياسي

يبدو أن الأيام الجيدة للرئيس الأميركي دونالد ترامب قد نفدت، فمع تصاعد عدد الإصابات في العالم إلى المليونين بقيت نسبة أميركا منها 30% مع 600 ألف مصاب، مع نسبة 20% من الوفيات، التي بلغت 125 ألفاً في العالم و25 ألفاً في أميركا وحدها، وبقي مجموع الوفيات في الدول الست الأولى أميركا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا يشكل 70% من مجموع الوفيات في العالم مقابل نسبة 65% من مجموع الإصابات في العالم، بينما الرئيس الأميركي مستعجل على إعلان استقرار نمو الفيروس ودخول مرحلة السيطرة، خوفاً من بقاء الانتقادات على الأداء الرئاسي في مواجهة الفيروس عاملاً حاسماً في مستقبل ولايته الرئاسية الثانية من جهة، وخوفاً من أن تتمكن الصين من استئناف النشاط الاقتصادي، بعد سيطرتها على تفشي الفيروس، وتبدأ بتلبية حاجات العالم الاستهلاكية بغياب الاقتصادات الغربية عن المشهد، وربما في ظل حالة ركود طويلة تنتظر هذه الاقتصادات، من جهة ثانية. وهذا التسرع في مواقف ترامب كان سبباً في ظهور حالات تمرّد علنية من حكام الولايات، الذي ينتسبون للحزبين الديمقراطي والجمهوري ورأوا أن تسرع ترامب يهدد بضياع كل الجهود التي بذلت لتطويق انتشار الفيروس.

لبنانياً، يبدو أن يوم أمس لم يكن من الأيام الجيدة لحكومة الرئيس حسان دياب، التي دفعت ثمن ما قاله الخبراء الذين أسندت إليهم مهمة وضع الخطة المالية، وتردد في جلسات تقنية متخصصة، خصوصاً على ألسنة مستشاري شركة لازارد، عن تضمين الخطة المالية بصورة غير خطية لمشروع الاقتطاع من الودائع المسمّى هيركات ( HAIRCUT )، ولم تبرئ الحكومة منها تأكيدات رئيس الحكومة في أكثر من مجلس خاص رسمي وشبه رسمي عدم تبني الحكومة أي إقتطاع من الودائع. وكما حدث في قضية عودة المغتربين وقبلها في مشروع الكابيتال كونترول، فهم كلام رئيس الحكومة كتراجع أمام حالة الرفض التي لاقت الطروحات.

وتلقت الحكومة نتائج سلبية على مسار تطبيق خطة توزيع المساعدات المالية التي أصيبت، باللوائح المليئة بالأخطاء، ما فرض تأجيل التنفيذ حتى يدقق الجيش باللوائح ويقوم بتنقيحها، وهو ما كان ممكناً أن يتم منذ بدء التحضير لقرار الحكومة قبل أكثر من أسبوعين، ومثلها في ما يخص خطة عودة اللبنانيين من الخارج التي ستكون حلقتها الثانية في 27 الحالي، أي بعد انتهاء الفترة الحالية للتعبئة العامة، وكان ممكناً الإعلان عن ربط العودة بالفحص المسبق للخلو من الفيروس ( PCR ) وقد بات الفحص متاحاً في الأسواق وتستطيع الجاليات التعاون لتأمينه في البلدان التي لم تتوافر فيها بصورة كافية، وعندها يمكن ببساطة فتح المطار لمدة أسبوعين، لعودة من يرغب وعن طريق شركة الطيران التي يريد، طالما أن كل عائد سيكون حاصلاً على شهادة خلوّه من الفيروس كي يصعد متن الطائرة المتجهة إلى بيروت، وتسبب التردّد وما نتج عنه من تريث حكومي في الملفين بتعرض الحكومة لسيل من الانتقادات من خصوم الحكومة، وعدد من حلفائها.

الملف المالي والاقتصادي الذي ينتظر من الحكومة أن تبلور تصورها المتكامل حوله، كان موضوع كلام رئيس المجلس النيابي نبيه بري في افتتاح اجتماع هيئة مكتب المجلس، ناعياً مشروع الاقتطاع من الودائع اسوة بمشروع الكابيتال كونترول، مشيراً إلى أن المجلس النيابي وظيفته رقابية وليست الحكم، داعياً الحكومة لتقديم بدائل لسد الفجوة المالية المقرة بـ 59 مليار دولار، غير الودائع التي تعتبر حقوقاً مقدسة ممنوع المساس بها، داعياً لتطبيق القوانين في مكافحة الفساد واستعادة المال المنهوب، وسد منافذ الهدر، مؤكداً علاقته الجيدة بكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.

بانتظار إطلالة رئيس الحكومة حسان دياب في الايام المقبلة بعدما كانت مقررة اليوم وذلك للحديث عن كل الملفات الساخنة المتصلة بالتعيينات المالية والتشكيلات القضائية في ظل استمرار منطق المحاصصة، فضلاً عن مسودة الخطة الاقتصادية التي تلاقي معارضة من الفريق الذي سمّى الرئيس دياب ومن المعارضة لا سيما من الرئيس سعد الحريري فضلاً عن ملف خطر وباء كورونا.

برزت جملة مواقف لافتة لرئيس مجلس النواب نبيه بري؛ وقالاقرأوا الفاتحة على الهيركات وترحّموا عليه كما ترحمتم على الكابيتول كونترول، مشيراً الى أنالإنقاذ صعب جداً جداً، ولكنه غير مستحيل، ويجب أن نعالج الأسباب وليس فقط النتائج”. واذ لفت الى ان الفجوة المالية هي حوالى 59 مليار دولار ولا يجب أن تتم تغطيتها من اموال المودعين، دعا بري الى ضخ السيولة بعد دمج مصارف وتنقية القطاع المصرفي.

أما على مستوى الخطة الاقتصادية وما يتصل بالـ haircut أشار مصدر وزاري إلى أن ما قامت به شركة لازارد لا يتعلق بالـ haircut انما طرحت أفكاراً تتصل بالتواصل مع المجتمع الدولي من اجل العمل على تحقيق الإصلاحات المطلوبة من الحكومة على أكثر من صعيد وملف. وجزمت المصادر لـالبناءأن التحديات التي تواجه الحكومة تتمثل بأموال المودعين والاستعانة بصندوق النقد الدولي، فالانقسام سيد داخل الحكومة وبين القوى السياسية التي أنتجت الحكومة، ولذلك من المرجّح ان تؤدي هذه الملفات الى نشوب خلافات إذا لم يحصل أي تفاهم حولها، لا سيما ان الكلام عن إعادة هيكلة الدين العام ومالية مصرف لبنان ليس خطوة إيجابية، لا سيما ان ما يجري سوف يمسّ أموال المودعين  فالخطة تفتقد الى التمييز بين المودعين الكبار واصحاب الودائع المتوسطة، ولفتت المصادر الى اعتراض كبير من بعض الوزراء على هذه الخطة.

وفي وقت تردّد أن وزيرة العدل أحالت ملف التشكيلات القضائية الى وزيرة الدفاع زينة عكر بموجب المادة 13 من قانون القضاء العسكري، قال بري الذي استقبل وزيرة الدفاع زينة عكر التي التقت أيضاً رئيس الحكومة: الضجة حول التشكيلات القضائية والمالية محقّة وأنا مع مجلس القضاء الأعلى وعيب ألا تصدر التشكيلات. وفي السياق فإن ملف التشكيلات القضائية سوف يُحال في ما بعد الى وزير المال غازي وزني ثم الى رئيس الحكومة حسان دياب ومنه الى رئيس الجمهورية ميشال عون.

وفي حين يفترض أن يبتّ مجلس الوزراء في مصير رحلات إعادة اللبنانيين المغتربين، الى بيروت بعد انتهاء المرحلة الاولى من رحلات العودة، أعلنت وزارة الصحة أن الفحوص التي أجريت للركاب الذين وصلوا في 13 نيسان على متن الرحلات الآتية من كل من باريس وجدة والغابون جاءت كلها سلبية. فيما سُجلت اصابتان في طائرة لندن. وشدّدت وزارة الصحة على تطبيق الحجر الصحي المنزلي المشدّد لكل الحالات السلبية لمدة اربعة عشر يوماً، علماً أنه ستتم متابعتهم يومياً من قبل الوزارة وسيحال من تظهر عليه أي أعراض إلى المستشفى لإعادة الفحص المخبريالى ذلك، اعلنت الوزارة تسجيل 9 اصابات جديدة بكورونا، ليرتفع عدد الحالات المثبتة الى 641.

وفي وقت أرجئ البدء بتوزيع المساعدات على العائلات الأكثر حاجة لثغرات في لوائح المستفيدين منها، رأس رئيس مجلس الوزراء حسان دياب في السراي جانباً من اجتماع لجنة المساعدات الاجتماعية، بحضور وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة رمزي مشرفية، وبحسب معلومات وزارة الشؤون، فإن الرئيس دياب ارتأى تقديم مساعدات إلى فئات معينة مثل السائقين العموميين وأهالي الطلاب المسجلين في المدارس الرسمية ومصابي الألغام والأسر الأكثر فقراً. ومنعاً لأي خطأ طلبت وزارة الشؤون الاجتماعية من الجيش اللبناني تقييم المعلومات والداتا، التي جرى تقديمها من وزارة التربية ومن وزارة النقل وعبر الجيش الذي يملك لوائح بمصابي الألغام، بالاضافة الى اللوائح الموجودة في رئاسة الحكومة حول الأسر الأكثر فقراً، والجيش قام بمسح شامل وقد تبين وجود أخطاء في كل اللوائح، وبناء على ذلك طلب مشرفية إرجاء عملية توزيع المساعدات الى حين تقييم الأخطاء وفي أيام معدودة سوف يتم توزيع المساعدات.

إلى ذلك اطلع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على المجالات ذات الأولوية التي يحتاج لبنان فيها للمساعدة الدولية الطارئة لمحاربة ​فيروس كورونا وتداعياته، بما في ذلك دعم اللبنانيين الأكثر احتياجاً ودور ​الأمم المتحدة​ في تسهيل نشاطات مساعدة ​اللاجئين السوريين​ والفلسطينيين​. وشدّد كوبيتش على أنالوقت لتفعيل بيانات التعاطف والتضامن الدولي عبر العمل الملموس”.

وكان دياب رأس صباحاً في السراي الحكومي اجتماعاً أمنياً، وتم التداول بنتائج التدابير الأمنية خلال التعبئة العامة وضرورة الاستمرار بها، والتشدد حيث تدعو الحاجة، كما تم البحث بموضوع الوقود المغشوش وأهمية ضبط الوضع الأمني على الحدود لإحباط محاولات التهريب. كذلك، شارك الرئيس دياب في السراي الحكومي في اجتماع لجنة التدابير العسكرية. وتم البحث في الإجراءات المتعلقة بالتدبير رقم 3 وأخذ رأي الأجهزة العسكرية ووزارة المالية بهذا الخصوص.

على صعيد آخر، عقد اجتماع لهيئة مكتب المجلس لبحث جدول اعمال الجلسة المقبلة للمجلس النيابي ودراسة مشاريع القوانين المحالة من الحكومة واقتراحات القوانين المعجلة المتراكمة. وقال نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي بعد الاجتماع إنّ الرئيس بري ينوي تعيين جلسة لمجلس النواب إذا توفرت الظروف بالمخطط الموضوع قبل رمضان. وقالت مصادر هيئة مكتب المجلس إن التحضيرات التقنية على أشدها في البرلمان، وشركة مايكروسفت باشرت عملية تدريب للنواب والموظفين الإداريين وهذا يعني أن عقد الجلسة العامة لم يعد متعثراً والقرار يعود الى الرئيس بري الذي سيحدد الموعد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى