أولى

الأزمة اليمنيّة… الحوار هو الحلّ

 د. علي أحمد الديلمي*

 

إنّ العبرة التي نستقيها من كلّ النزاعات والحروب عبر التاريخ هي أنّ الخيار العسكري لا يؤدّي سوى إلى مزيد من العنف والدمار، فالكلّ في الحروب خاسر، ومهما بلغ حجم الخلافات يبقى الحوار هو الحلّ.

وبالنسبة إلى اليمن تحديداً، فإنّ ما يجعل أمر إحلال السلام هدفاً استراتيجياً هو توفر الرغبة والإرادة السياسية لدى طرفي النزاع وفي سبيل ذلك يجب أن يرتكز العمل من أجل هذا السلام على جملة أمور أبرزها:

أولاً: إعادة تعزيز الثقة مع الجوار، خاصة السعودية، من خلال التوافق على احترام المواثيق والاتفاقيات الدولية المنظمة لعلاقات الدول ببعضها البعض واحترام تنفيذها. أيّ أنّ أساس العلاقة التي يجب أن تكون بين اليمن والمملكة، على وجه الخصوص، يجب أن تستند إلى أواصر متينة قوامها الاحترام المتبادل والأخوة وحسن الجوار. كما أنّه يجب إعطاء الأولوية لموضوع الترتيبات الأمنية على الحدود اليمنية السعودية بما في ذلك الممرات البحرية، ليتمّ الاتفاق بعد ذلك على سحب القوات اليمنية من الحدود السعودية اليمنية داخل العمق اليمني لمسافة عشرة كيلومترات وبالمثل تنسحب القوات السعودية للمسافة ذاتها.

كما يجب أن تكون هناك منطقة عازلة داخل حدود البلدين يتمّ الاتفاق عليها منزوعة السلاح لتجنّب وقوع أيّ اشتباكات مستقبلية ووضع الضمانات المتبادلة وإشراك دول الإقليم والمجتمع الدولي والأمم المتحدة لتنفيذ ذلك.

ثانياً: الحوار الشفاف والجادّ وتقديم الضمانات المُتبادلة لتبديد المخاوف الموجودة لدى الطرفين والتأسيس لعلاقات استراتيجية تخدم مصالح البلدين والشعبين.

ثالثاً: الاتفاق على مبادئ عامة تكون بمثابة برنامج عمل يتضمّن كلّ القضايا المتعلقة بإعادة الإعمار والتعويضات والعدالة الانتقالية وجبر الضرر والشراكة الاقتصادية بما يحقق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلدين لتحقيق سلام دائم.

رابعاً: تسليم الطرفين بأنّ الحلّ العسكري غير ممكن بل هو مستحيل وأنّ السلام هو الحلّ الأفضل للجميع.

خامساً: الاتفاق على وقف كلّ الحملات الإعلاميّة العدائيّة وكلّ الممارسات التي تؤدّي إلى العنف من قبل كلّ الأطراف وفق قاعدة لا ضرر ولا ضرار.

سادساً: أن تدعم السعودية العملية السياسية بين كلّ الأطراف اليمنية من أجل الوصول إلى توافق سياسي للمرحلة الانتقالية وفقاً للمبادئ المُتفق عليها بين كلّ القوى.

سابعاً: تشكيل لجان مشتركة لحلّ مشكلة الأسرى بالتعاون مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.

خلال الأسابيع الأخيرة من الشهر الماضي تطوّر الحوار يتطوّر بين السعودية والحوثيين وبدا لنا أنّ الرغبة في السلام باتت موجودة لدى الطرفين، لذلك يجب البناء على نقاط التقارب والانطلاق منها نحو حلّ شامل للأزمة اليمنية والابتعاد عن الكيديّات السياسية التي ساهمت في زيادة معاناة الشعب اليمني، ولا شك في أنّ الظروف لا تزال مُهيّأة لتضافر الجهود من أجل الوصول إلى حلّ سياسي شامل يرضي الجميع، حلّ يحفظ وحدة الوطن ويحقن دماء اليمنيين.

 

*دبلوماسيّ يمنيّ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى