ثقافة وفنون

أولاد آدم
عمل دراميّ متقنّ من كل النواحي!    

 

هنادي عيسى

استطاع مسلسل «أولاد آدم» أن يلفت الأنظار منذ بدء عرض «البرومو» الخاص به على شاشة التلفزيون فبدا أن كلّ ممثل شارك فيه يقدّم شخصية مختلفة عما سبق وقدّمها في مسيرته المهنية. وبالفعل مع عرض الحلقة الأولى على محطة «ام تي في» ومنصة «شاهد» لمس المشاهدون أنهم أمام عمل درامي مختلف ومتقن من كلّ النواحي. وقبل أن نغوص في تفاصيل الأبطال يجب أن نذكر أن البطل الأول في هذا العمل هو النصّ الذي كتبه الشاب الموهوب رامي كوسى اذ تشعر أنه تغلغل في تفاصيل كل شخصية، ليبين فيها سلبياتها وإيجابياتها باحترافية عالية تشبه الواقع الذي نعيشه في يومياتها الحلوة والمرة. أما المخرج المبدع الليث حجّو صاحب الباع الطويل في تقديم أهم الأعمال الدرامية فبدا متحكّماً في تفاصيل أدواته الإخراجية لجهة إدارة الممثلين والمونتاج وكادرات التصوير والألوان التي تعكس خلفيّة كلّ ممثل فضلاً عن أسلوبه في الكلام والملابس الخ. تقدم ماغي بو غصن دور عمرها في مسلسل «أولاد آدم» فهي التي شاهدناها في العديد من الأعمال الكوميدية والتراجيدية لكنها في شخصية القاضية «ديما» تفوقت على نفسها تحت إدارة المخرج حجو واستطاعت أن تخرج مكونانتها وتلعب على الحبلين من خلال القاضية النزيهة التي لا تباع ولا تشترى وتلك التي تخبئ في داخلها ألم فقدان الجنين لأكثر من مرة مما يتسبّب لها بالخوف من ضياع حلم الأمومة فضلاً عن التستّر على جريمة ارتكبها شقيقها بعدما ساعدته في الهروب خارج لبنان، بدلاً من أن تقدّمه للمحاكمة وأيضاً عدم اعترافها بدهس طفل بسيارتها وأمام هذه التناقضات داخلها تمكّنت ماغي بو غصن من أداء دورها بإقناع شديد. وبدورها دانييلا رحمة التي تقدم شخصية الراقصة «مايا» فيعتبر هذا المسلسل اكتشافاً جديداً لرحمة التي تتطور من مسلسل الى آخر فنحن نشاهدها بدور الفتاة السوقية «الشلمسطية» التي تنطق بألفاظ شوارعية تعتبر منافية لطبيعة دانييلا تلك الفتاة الجميلة التي عاشت في استراليا وتنطق اللغة العربية بصعوبة وإذ بنا نراها بدور الراقصة «مايا» التي تعجب بالحرامي قيس الشيخ نجيب الذي آثر بأدائه واحترافيته في تقديم دور اللص الهارب من العدالة، أما مكسيم خليل فهو بارع حتى بصمته اذ يقدم دور الإعلامي «غسان» الذي يبحث عن ملذاته مع كل النساء ويقتنص الفرصة للانقضاض على كل شخص يعرفه بالإطلاع على خبايا حياته حتى زوجته القاضية «ديما».

مسلسل «أولاد آدم» يقدّم الواقع المرير الذي نعيشه باتقان لجهة الفساد المتغلغل في كل تفاصيل حياتنا اليومية من أعلى القوم الى أقل فرد في المجتمع بأسلوب مقنع وموجع في آن، إذ إن الحقيقة الواضحة في هذا العمل تجعلنا ندرك الحملة التي قالها مكسيم خليل أن الدنيا أصبحت غابة. وبالإضافة إلى الأسماء المذكورة تجدر الإشارة الى الأداء المميّز لعدد من الممثلين ومنهم طلال الجردي في دور الشرطي الفاسد وندى أبو فرحات وكارول معلوف وأنطوانيت عقيقي ورانيا عيسى وغيرهم الذين أدارهم المخرج الليث حجو في ظروف صعبة، بسبب انتشار وباء كورونا، لكن المنتج جمال سنان وفر كل الراحة ليظهر العمل حتى الآن بأبهى حلّة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى