أولى

كيف تستطيع الحكومة مواجهة الغلاء؟

التعليق السياسي

 

عندما يقول وزير الاقتصاد إن الغلاء الفاحش للأسعار عائد للاحتكار وجشع التجار، وإن الوزارة لا تملك الإمكانات اللازمة لمراقبة الأسعار في كل الأراضي اللبنانية بعدد محدود من المراقبين، فإن هذا يعني قبل الحديث عن مراقبة الأسعار التأكيد بأن الوزارة لديها السجلات والمعلومات والوثائق اللازمة لمعرفة وتحديد السعر المناسب. وهذه هي الحلقة الأهم في مكافحة الغلاء، سواء للسلع المستوردة أو للسلع المنتجة محلياً.

بالنسبة للسلع المستوردة تضع الوزارة سلة استهلاكية تضم أبرز السلع التي يرتكز عليها إنفاق الأسرة اللبنانية وتستند إلى البيانات الجمركية لمستورديها محوسباً على أحد سعرين لصرف الدولار، سعر يوم التسعير أو سعر تاريخ الشراء، وتضيف إلى الكلفة بالليرة اللبنانية هوامش معلومة كالنقل والتخزين والعمولات والأرباح وهي لا تزيد في العرف التجاري عن 25% كمجموع في السلع ذات الاستهلاك الرئيسي اليومي كالمواد الغذائية ومواد التنظيف وسواها، وإذا اختار التاجر احتساب التسعير على أساس سعر الدولار يوم الشراء، فهذا يعني أن كل مرة يشتري فيها ستعوّض فوارق سعر الصرف من تسعيرها، ولا يحق له التذرع بأنه مضطر لزيادة احتياطية لأنه سيقوم بشراء جديد للبضائع التي باعها، وإذا اختار التسعير بسعر الصرف يوم التسعير، فهو يحتمل الربح والخسارة على مسؤوليته مع تحرّك سعر الصرف، وفي الحالين يكون التسعير منصفاً ومتفقاً عليه، وبعده يتم دوران كامل حلقات التسعير في سلسلة الجملة ونصف الجملة والمفرق.

بالنسبة للسلع المحلية الإنتاج، يحتسب السعر عكسياً، على باب المصنع أو الحقل، ومنه تصاعداً بالليرة اللبنانية، مع إضافات ترافق حلقات التوزيع، فسعر الفروج والبيض من مزرعة الدجاج، وسعر الحمضيات من البستان، وهكذا وصولاً لتحديد سعر منصف ومتفق عليه للبيع النهائي، وقاعدة الأسعار هذه لمئة سلعة تتم يومياً بالاستناد إلى منصة إلكترونية في الوزارة، ويمنح موافقته عليها كل أطراف العملية التسلسلية، وتنشر إلكترونياً في كل الاستهلاكيات الكبرى، مرفقة بخط ساخن من داخل كل استهلاكية مباشرة بالوزارة لتلقي شكاوى المواطنين حول أي خرق لها.

المراقبة هنا لضبط المخالفة، لا تحتاج لأكثر من جهاز أمني ومجموعات من الموظفين المتقاعدين أو الفائض الوظيفي في الدولة، أو المتطوّعين، كما قال السيد حسن نصرالله في كلمته أمس، والأكيد أن كل الأحزاب مستعدّة للمساهمة بمتطوّعيها بالآلاف لهذه المهمة أسوة بما أعلنه السيد عن استعداد حزب الله.

ليس للحكومة عذر في الضعف والتردّد أمام وباء الغلاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى